الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

بدون مؤاخذة- إسرائيل تقونن حقيقتها

نشر بتاريخ: 20/07/2018 ( آخر تحديث: 20/07/2018 الساعة: 14:38 )

الكاتب: جميل السلحوت

لا جديد في قانون "القومية" الذي صوّت عليه الكنيست الإسرائيلي، فهذه هي حقيقة إسرائيل منذ قيامها عام ١٩٤٨ وحتى يومنا هذا، فهي دولة عنصرية ترى في اليهود "شعب الله المختار" وهم فوق من هم غير يهود "الأغيار". لذا فهي تتعامل مع مواطنيها العرب-مواطني فلسطين الأصليين- بطريقة عنصرية في مختلف المجالات، وحتى من يخدمون في الجيش الإسرائيلي "كأبناء الطائفة الدرزية" الذين فرضت عليهم الخدمة العسكرية في غفلة من التاريخ، فإنهم لا يحظون بحق المواطنة الكاملة كاليهود. ولا غرابة اذا ما قلنا أن إسرائيل تميز بين اليهود الذين ينحدرون من أصول غربية واليهود الشرقيين، أمّا يهود "الفلاشا" المهاجرون من اثيوبيا فهم الأكثر اضطهادا بين اليهود.
وإسرائيل الرسمية لا تعادي السّلام في المنطقة، وتسعى إلى التّوسّع دائما ترفض أن تكون جزءا من الشّرق الأوسط، بل تعتبر نفسها جزءا من المنظومة الغربيّة، وتتعدّى ذلك لتكون قاعدة عسكريّة لحلف الناتو وأمريكا في المنطقة، أو هي على تعبير البعض "حاملة طائرات أمريكية في شرق المتوسّط"، لذا فإنّها تعتبر اللغة العبريّة هي لغة الدّولة الرّسميّة، وهذا يعني شطب اللغة العربيّة، علما أنّ عدد اليهود والعرب الذين يعيشون في فلسطين التاريخية "ارض إسرائيل" متساويان تقريبا، إضافة إلى أربعمائة مليون عربي يحيطون بإسرائيل، يضاف إليهم ملايين البشر من غير العرب الذين يتكلمون العربية، وللتذكير فقط فإنّ العربيّة من ضمن اللغات الرسميّة المعتمدة في الأمم المتحدة، بينما لا يتكلّم العبريّة سوى حوالي ستّة ملايين شخص تعلموها بعد أن تركوا أوطانهم الأصليّة وهاجروا للعيش في إسرائيل، وهم في بيوتم يتكلمون لغاتهم الأصليّة، وعندما يخرجون من إسرائيل فإنّهم لا يتكلمونها.
والقانون الإسرائيلي الجديد ليس جديدا في الممارسة، بل هو جوهر الحركة الصّهيونيّة الغارقة في بحور العنصريّة. وما كانت إسرائيل لتجرؤ على تشريع هكذا قوانين لولا الدّعم اللامحدود لها من قبل الدّولة الأعظم في العالم، والتي حرّمت في عهد إدارة الرّئيس الأمريكي الحالي رونالد ترامب أيّ انتقاد لإسرائيل، حتّى وصل الأمر بنيكي هايلي مندوبة أمريكا أن تتخلى عن كل اللباقة الدّبلوماسيّة عندما هدّدت بأن تضرب بحذائها أيّ شخص ينتقد إسرائيل!
وإسرائيل التي لم تكن يوما إلا عنصريّة، هي التي اقتلعت ملايين الفلسطينيين من أرض وطنهم، وتستجلب يهود العالم للعيش مكانهم، هي إسرائيل نفسها التي تعتبر فلسطينيّي القدس العربيّة المحتلة في حرب حزيران ١٩٦٧ مقيمين حتى حصولهم على جنسيّة دولة أخرى، واذا ما حصلوا على ذلك فإنّها تسحب الإقامة منهم وتطردهم، وبناء على ذلك فإنّه يجري في القدس عمليّة تطهير عرقي صامت.
وإسرائيل التي تشرّع قوانين الاستيطان، وتعتبر نفسها دولة ليهود العالم جميعهم، ترفض أن تكون دولة لمواطنيها جميعهم، وهذا يعني أنّ القانون الجديد يحمل في طيّاته التهجير الجماعي "الترانسفير" لمواطنيها العرب، ولفلسطينيّي الأراضي المحتلة في عام ١٩٦٧، كما أنّه لا يكتفي بالقضاء المبرم على حلّ الدّولتين، بل يتعدّاه إلى رفض الدّولة الدّيموقراطيّة الواحدة؛ لتكون إسرائيل "دولة اليهود النّقيّة".
وليس غريبا أن تأتي هكذا قوانين في حال إقرارها بشكل دائم، في وقت يهرول فيها العربان إلى تطبيع علاقاتهم مع إسرائيل، ظنّا منهم أنّهم يحمون عروشهم المتهاوية من السّقوط، ودون أن يعلموا أنّ المخطط الصهيوني لهم أن يكونوا"حطابين وسقائين"-حسب التعبير التواراتي- لدى السّيد الإسرائيلي. أو كما قال نتنياهو: "إذا اجتمعت الانتلجنسيا الاسرائيليّة مع الأيدي العاملة العربيّة الرّخيصة، فإن الشّرق الأوسط سيزدهر. "فناموا ولا تستيقظوا أيّها العرب".