الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

كوشنر والكونغرس والتطهير العرقي للفلسطينيين

نشر بتاريخ: 07/08/2018 ( آخر تحديث: 09/08/2018 الساعة: 10:14 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

ترمب ظاهرة لم ولن تتكرر على المسرح الدولي من حيث انه اراجوز يجلس على كرسي الحاكم الاقوى في العالم ويترأس اقوى دولة في العالم ولا اعتقد ان اراجوزيته هذه بحاجة الى اثباتات بعد ما تم كشفه من حقائق في كتاب "النار والغضب" لما فيها من مصداقية عالية رواها المؤلف مايكل وولف الذي كان بنفسه شاهدا على العديد منها واخرى رواها شهود عيان من المقربين لترمب لدرجة عجز فيها ترمب وبطانته عن دحضها. والذي اكد على مصداقيتها ممارسات الرجل على الساحة الدولية اذ بينما وصلت علاقة ترمب مع الرئيس الكوري الشمالي لحد التهديد بحرب نووية واتهامات وشتائم الا انها انتهت بغرام غير مفسّر، موقف اخر بخصوص البيان الكندي الذي رفض ترمب توقيعه والذي اظهرت تفاصيله انه موقف طفولي لا يليق برئيس اضافة الى موقف اخر بخصوص تناقضاته في اتهام او براءة روسيا من التدخل في الانتخابات الاميركية وذلك بعد لقائه مع الرئيس بوتين كما كان الحال في تناقضه بين وزير خارجية بريطانيا المستقيل بوريس جونسون ورئيسة الوزراء تيريزا ماي اثناء زيارته مؤخرا لبريطانيا التي كانت الاسوأ لرئيس اميركي.
ولا ندري كيف ستنتهي الامور حول ما يلوح في الافق بلقائه المحتمل مع عدوه الرئيس الايراني اثناء اجتماعات الامم المتحدة في شهر سبتمبر والذي اعتقد انه سيكون اداة ابتزاز ترمبيه ثانية لدول الخليج. طبعا حربه التجارية مع العديد من الدول التي تربطها بأمريكا علاقات صداقة وحربه العنصرية مع الاسلام وحربه غير الانسانية بعزل الاطفال عن ذويهم بحجة انهم لاجئين غير شرعيين كل ذلك ربما غيض من فيض لهذه الظاهرة المسماة ترمب والتي بذلك تستحق وعن جدارة لتكون مهزلة العصر.
حتى انه عندما قرر ان تكون القدس عاصمة لاسرائيل لم يكن ترمب حينها يعرف حتى حدود سيادة الدولة التي يحكمها وهو الذي فضح نفسه بما رواه عن لقائه مع رئيس جزر العذراء التي هي جزء من السيادة الاميركية بالتالي فهو لا يدري انه هو رئيسها.
هذه السيرة الذاتية لرئيس البيت الابيض تثبت وبدون شك عدم اهلية هذا الرئيس ليكون في هذا الموقع الذي يتضح انه قد دُفع اليه من اجل اطماع صهيونية، من غير الممكن لرئيس عاقل الاستجابة لها.
الامر الذي يفسر كيف ان ترمب وبالرغم من كل ما ذكر ما زال يتربع على كرسي الحكم في الدولة التي تعتبر رائدة من رواد الديمقراطية والتقدم في العالم مما يؤكد على ان ترمب محصن من السقوط حتى يحقق كل الاهداف التي من اجلها تم ايصاله لموقع الرئاسة الذي كان وحتى اللحظات الانتخابية الاخيرة ضربا من ضروب الخيال في ذهن ترمب وهذا ما صرح به هو نفسه عندما شكت له زوجته ميلانيا عما بدا يلحق بها من وسائل الاعلام قائلا انه حقق هدفه بمجرد التنافس فقط ومن انهم سيعودون للبيت قريبا.
هذه الحصانة لمعتوه وهي غير مسبوقة في تاريخ النظام الديمقراطي تعيد بي الذاكرة لما قاله شارون لشيمون بيريز في 3/10/2001 "نحن الشعب اليهودي نتحكم في اميركا والاميركان يعرفون ذلك " (راديو كول يسرائيل).
طبعا هناك من يشكك في حقيقة من يحكم من وفي قدرة اللوبي الصهيوني الذي تجسده الايباك من التحكم باميركا وتحديدا سياستها الخارجية المتعلقة باسرائيل ولكن يبدو ان ما قاله شارون حقيقة ولو كره الكارهون وربما كان شاهدا على ذلك في المسرحية الهزلية السخيفة التي كان بطلها النتن ياهو على مسرح الكونغرس الاميركي بتاريخ 2/7/2011 عندما وقف المشرعون الاميركان (الكونغرس بشقيه) مصفقين 99 مرة لخطاب النتن الذي غلب عليه كالعادة الكذب والخداع.
هذه المهزلة الترمبية المحددة بفترة حكمه لا تقلل من الدور الريادي الذي تقوم به اميركا على الصعيد الدولي ولا من الاهلية التي تمتع بها كل الرؤساء الذين سبقوه والذين رفضوا القيام بدور الاراجوز بدليل حجرهم على قرار الكونغرس المتعلق بالقدس وعلى عكس ترمب الذي جاء بمثابة هبة سماء للحركة الصهيونية لغرض تحقيق الاهداف التي عجزت عن تحقيقها وعلى مدار سبعة عقود وهي عمر كيان هذه الحركة على ارض فلسطين التاريخية من اجل تركيز اعمدة كيانها (اسرائيل) المتمثلة بالقدس عاصمة لهذا الكيان وكان لها ذلك يليه الغاء حق العودة وهي في طريقها الى ذلك وهو الامر الذي فضحته الرسائل الالكترونية للصهيوني جاريد كوشنر صهر ومستشار الرئيس المذكور والتي افادت بضرورة اغلاق وكالة الانروا عن طريق تجفيف مصادر الحياة لهذه الوكالة الاممية التي كال لها المذكور اتهامات ليست فيها وانما لكونها الشاهد والراعي الدولي الاكثر مصداقية في موضوع اللاجئين الفلسطينيين ضحايا قيام اسرائيل وبالطبع مستغلا كفة ميزان الكونغرس الذي ما زال واقفا يصفق للنتن ياهو.
وكالة الانروا تأسست في 8 ديسمبر عام 1949 بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 302 ليكون لها مفوض عام ولجنة استشارية في حينه كانت مؤلفة من خمس دول لمساعدة هذا المفوض والان اصبحت مكونة من 27 دولة وثلاثة اعضاء مراقبين (فلسطين والمفوضيه الاوروبيه والجامعه العربيه) وذلك لترعى هذه الوكاله وبتفويض اممي شؤون الذين هجروا قسرا ابان النكبة عام 48 والذين اصبحوا يعرفون باللاجئين الفلسطينيين الذين تم تعريفهم امميا، انهم "الناس الذين كانوا يقيمون في فلسطين من 1/6/1946 الى 15/5/1948 الذين فقدوا بيوتهم وارزاقهم نتيجة حرب سنة 1948 ." وقد تم الاقرار الاممي ان ذلك ينطبق على الذرية الذكورية لهؤلاء اللاجئين وقد اضيف لهم بعد ذلك كل من نزح قسرا اثر حرب 1967 بحيث اصبح عدد اللاجئين المسجلين لتلقي خدمات وكالة الانروا قرابة الخمسة ملايين منتشرين في 59 مخيم موزعين ما بين فلسطين والاردن وسوريا ولبنان علما بان هناك مليون اخر غير مسجل لدى هذه الوكاله الامر الذي يرفع عددهم كضحايا لقيام اسرائيل ولا ادري ان كان ذلك مصادفه الى ستة ملايين.
تجدد الجمعيه العموميه التفويض لهذه الوكاله بشكل دوري كل ثلاث سنوات وقد تم التجديد بالتفويض للانروا مؤخرا لغاية 30/6/2020 .وذلك حتى يتم ايجاد حل لمشكلة هؤلاء اللاجئين الذين اصدرت نفس الجمعيه قرارا بحقهم في العوده رقم 194 بتاريخ 11/12/1948 وقد تم تحصين هذا القرار بربطه بشرعية اسرائيل كدوله عضو في الامم المتحده.
بالتالي فان اي محاوله من قبل اي كان لالغاء حق اللاجئين في العوده يجب ان يصاحبها طرديا العمل على الغاء شرعية اسرائيل.
كما ان محاولة اعادة تعريف من هو اللاجيء من قبل الكونغرس الصهيو اميركي كما يتم تداوله في هذه الاونه بهدف اختزال الستة ملايين لبضعة الاف هو بمثابة تطهير عرقي للشعب الفلسطيني.
الامر الذي يستدعي الدعوه من قبل دولة فلسطين لاجتماع عاجل للجنه الاستشاريه للانروا من اجل وضع حد لهذا العبث الاميركي ووضع خطه انقاذ لهذه الوكاله امام الجمعيه العامه في اجتماعها في شهر سبتمبر القادم من اجل ان تبقى هذه الوكاله حيه طالما بقي لاجئ فلسطيني واحد.