السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حرب الصواريخ ام حرب العقول

نشر بتاريخ: 11/08/2018 ( آخر تحديث: 12/08/2018 الساعة: 10:54 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

لا يمكن لاي حرب دموية ان تكون نظيفه او شريفه فكل هذه الحروب قذره وأقذر هذه الحروب تلك التي يكون ضحاياها من المظلومين كما يحصل في كل الاجتياحات الاسرائيليه سواء للضفه في سنة 2002 ام لقطاع غزه مع كل دورة انتخابيه للكنيست وما يحصل في غزه في كل جمعه عَوده منذ يوم الارض في الثلاثين من مارس الماضي .
الامر الذي يستدعي البحث عن سبل لدرء اجتياح عسكري اسرائيلي تدميري جديد لغزه وهو الذي يجري الحديث عنه في الاونه الاخيره ومتى سيحدث في هذه الاوقات ام بعد سنه حيث التوقيت لهذا الاجتياح كما سابقاته يقرره عاملين اساسين الاول هو موعد الانتخابات الاسرائيليه حيث بات من المؤكد ان عشاق الحكم في اسرائيل وعلى راسهم النتن ياهو ومن اجل ضمان اعادة انتخابهم فهم لا بد وان يكتبوا برامجهم الانتخابيه بالدم الفلسطيني.
فبالعوده الى كل الاجتياحات السابقه لغزه نرى انها كانت تسبق الانتخابات الاسرائيليه بفتره قصيره حتى تبقى اثارها التدميريه ورائحة الدم الفلسطيني حوافز للناخب الاسرائيلي في اختياره لمن يحكم اسرائيل الذي اصبح اهم سماته ان تكون يدي هذا الحاكم ملطخه بالدم الفلسطيني.
العامل الثاني وهو فلسطيني ويتمثل في ردة الفعل الفلسطينيه وحجمها للاسفزازات الاسرائيليه التي تسبق كل اجتياح من اجل تبرير هذا الاجتياح على المستوى الدولي لتضمن اسرائيل عدم احراج اصدقائها في العالم وتحديدا اميركا لاعطائها مبرر ان ما تفعله اسرائيل هو دفاع عن النفس خصوصا ازاء ما يسمى بالصواريخ الفلسطينيه كما حصل في ردة الفعل الاميركيه لعملية القصف بالقصف قبل يومين حيث جاء الموقف الاميركي الرسمي على لسان المتحدثه الرسميه مستنكرا لما يسمى بالصواريخ الفلسطينيه دون ذكر اي شيء عن ابادة عائله ابو خماش ام وطفله وجَنين في بطن امه ولا اي ذكر عن تدمير مركز ثقافي علما بان الصواريخ الفلسطينيه المذكوره متخصصه في السقوط في الاماكن المفتوحه او بالاحرى غير المأهوله بالسكان بدليل ان حصيلة الاثار التدميريه لهذه الصواريخ على الاسرائيليين ومنذ البدايات لا تذكر لا من البشر ولا من الحجر قياسا لحجم الدمار الذي تحدثه ردة فعل مصاصي الدماء من حكام تل ابيب واعتقد ان عدد من ارتقوا شهداء من المدنيين الفلسطينيين من جراء الهمجيه الاسرائيليه وعدد الاعاقات كانت بالالاف اضافة الى ان مصطلح اعادة اعمار غزه التي دمرتها الاجتياحات السابقه ما زال شاهد على هذه الهمجيه.
اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال اصبحت وللاسف تبدع في فهم العقليه الفلسطينيه وخصوصا في مجال ردود الافعال لدرجه انها اصبحت تتوقع وبدقه حجم ردة الفعل الفلسطينيه للاستفزازات الاسرائيليه وهو الذي تراهن عليه كذريعه لما ترتكبه لاحقا من جرائم جراء ذلك كما فعلت في كل اجتياحاتها السابقه بحق الغزيين والتي تتنافى (هذه الجرائم) تماما مع قانون الحرب او القانون الدولي الانساني الذي صنف كل الجرائم الاسرائيليه على انها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيه ومع ذلك تتملص اسرائيل منها دون حساب او عقاب و يطويها غبار الارشيف ولا يبقى منها سوى الوجع الفلسطيني وكل ذلك بفضل قانون نيكي هيلي الاميركي الذي يعتبر هذه الجرائم دفاعا عن النفس.
طبعا هذا لا يعني الدعوه للاستسلام لهذا الجبروت او الطغيان الصهيوني وادواته ولكن وجوب التعامل مع هذا الطغيان بمقدار ما تسمح به القدره الفلسطينيه المستمده من امكانياتها الذاتيه الدفاعيه او الهجوميه اضافة وهو الاهم الى الظروف الموضوعيه وتحديدا الكثافه السكانيه وفي هذا السياق تعتبر غزه الاعلى في العالم بنسبة 5500 نسمه لكل كيلومتر مربع وهو ما يجعل من القدره على الحركه او من وجود مكان امن في داخل غزه يستطيع ان يلجأ اليه السكان المدنيين في حالات الاجتياحات الاسرائيليه الهمجيه امرا مستحيلا كما هو الحال في امكانية اللجوء لخارج غزه.
وللمقاربه اعود بالذاكره لشهر شباط من سنة 1982 عندما ذهب شارون في حينه كان وزيرا للحرب الى الولايات المتحده ليخبرهم بنية اسرائيل اجتياح لبنان من اجل القضاء على الوجود الفلسطيني هناك وتحديدا الوجود الفصائلي لمنظمة التحرير الفلسطينيه وكان الرد الاميركي بان ذلك بحاجه الى مبرر لتغطية هذا الفعل دوليا منعا لاحراجهم كحلفاء وراعين لكل حروب اسرائيل. وفعلا كان لهم ذلك حيث قامت مجموعه من فصيل ابونضال المنشق عن حركة فتح بمحاولة اغتيال السفير الاسرائيلي في لندن وكان هذا هو المبرر الذي اتخذته اسرائيل ذريعه لاجتياح لبنان الذي حصل في اليوم الثاني لمحاولة الاغتيال وذلك باكثر من مائة الف جندي اسرائيلي وصلو الى العاصمه بيروت وبتواطؤ دوله ممانعه التي قال رئيسها في مؤتمر الرباط الذي تلى الاجتياح بانهم اخبرونا(الاسرائيليين) بانهم لن يتجاوزو في اجتياحهم للبنان مسافة 45 كيلومتر الامر الذي وقع كالصاعقه على اذني الشهيد ياسر عرفات الذي كان حاضرا في المؤتمر وطلب في حينه من ملك المغرب راعي المؤتمر ان يعيد على مسامعه شريط الخطاب.
ما ذكر يستدعي مراجعه واقعيه للكل الفلسطيني الوطني والاسلامي والمسيحي والعلماني وحتى ابناء السبيل والمؤلفة قلوبهم مراجعه مستنده على ان الفلسطينيين لم يعودو راس الحربه كما تعلمنا في مدرسة الثوره وانما هم كل الحربه في مواجهة عدو متغطرس لا مكان للانسانيه في قاموسه وبالتالي لا بد من لملمة الخلاف وجسر الجغرافيا بين الضفه وغزه بانهاء الانقسام وباي ثمن ان كنا فعلا فلسطينيين في القلب والقالب وان كانت فلسطين الدوله ذات السياده هو ما يعنينا وليس المصلحه الحزبيه او الفصائليه.
القوه الوحيده التي نمتلكها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي هي تماسك هذا البيت الفلسطيني المسمى منظمة التحرير الفلسطينيه التي ما زالت محل احترام وتقدير من كل دول العالم والتي لن يتم اعادة مجدها تفعيلا ومؤسسات عن طريق الاتهامات والمناكفات والوساطات وانما عن طريق اراده فلسطينيه حره تحافظ على الاختلاف كاحتياج طبيعي في الحياه اذ لا يتفاعل الانسان الا مع المختلف معه فاختلاف الالوان يعطي جمالا للطبيعه والاختلاف في الاراء يعطي تحفيزا للابداع الذي هو السلاح الوحيد الناجع من اجل الانتصار في حرب العقول التي يتالق بها الفلسطينيون يوما بعد اخر بعد ان اثبتت حرب الصواريخ فشلها في كونها تجلب الرعب للمحتلين الاسرائيليين فقط ولكنها وللاسف تجلب الموت والدمار لنا نحن الفلسطينيين.