الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

المصالحة بين "قانون القومية" وصفقة القرن

نشر بتاريخ: 19/08/2018 ( آخر تحديث: 19/08/2018 الساعة: 10:54 )

الكاتب: د. ياسر عبد الله

يمُر الشعب الفلسطيني والمشروع الوطني بمخاطر تحدق به من كل جَنبِ وطرف، وتتعرض القيادة الفلسطينية الى ضغوطات وتهديدات للقبول بصفقة القرن، الامر الذي فرض حالة من التحدي الوطني للقرار الامريكي وحالة رفض شعبية ورسمية لكل ما يدور في الافق من مؤامرات وتحديات وتهديدات؛ قانون القومية، صفقة القرن، اوضاع اقتصادية صعبة، تفكك في النسيج الوطني السياسي على كافة الأصعدة.
نجد ان كل طرف من المصالحة يحاول ان يجد له مكاناً من صفقة القرن بين رافض ومتساوق معها، ومن الواضح ان طرفا من الاطراف لديه موافقة تحت الطاولة على مشروع توسيع سيناء واقامة "امارة في غزة"، على حساب القدس واراضي الضفة الغربية.
"المثلث الفلسطيني" مثلث التكوين الفلسطيني: فلسطينيو الشتات، فلسطينيو الارض المحتلة "الداخل"، وفلسطينيو الانقسام في الضفة وغزة، هذا المثلث الذي كان يشكل رعبا للصهاينة طول عقود مضت، اصبح منشغلا في ذاته واصبحت حروب كل ضلع من المثلث تتناقض مع حروب الضلع الاخر، الشتات انصهر في حقوقه داخل تلك الأنظمة والتي يعيش في كنفها، والداخل يصارع عنصرية الدولة القومية ويعاني مزيدا من "الابارتهايد"، اما المصيبة الكبرى تكمن بين الضفة وغزة في الانقسام البغيض الذي اصبح خطرا على القضية اكثر من خطر الاحتلال نفسه بل جريمة بحق الشعب والارض والتاريخ؛ نجد حكومة غزة تتساوق مع مخططات صفقة القرن وتسير عكس التيار؛ تقوم بهدنة مع الاحتلال بين الحين والاخر وتتفاوض معه عبر وسيط عربي او اجنبي وتتعامل وكأنها كيان مستقل عن فلسطين التاريخية، كل ذلك مقابل الابقاء على امارتهم في غزة وقد اصبحت الحزبية عند "حركة حماس" هي العقيدة. والمقدسات والوحدة هي الاجتهاد وهذا يعني ان الفلسطينيين سيعانون ويلات الخلافات الداخلية وسيتفرد الاحتلال في رسم الخطط والمخططات التي تقوض حلم الدول الفلسطينية.
المصالحة تسير عكس التيار الوطني وعكس الموقف الموحد، فرفض القيادة الفلسطينية في الضفة لصفقة القرن لا يعني رفض حماس لها في غزة التي تسعى الى هدنة مع الاحتلال دون مرجعية وطنية، ومهندسو صفقة القرن من قادة الاحتلال؛ قد خططوا للانقسام والانسحاب من غزة بعد الخروج من بيروت مباشرة، وذلك حين قرروا ان يدخلوا في مشروع سلام مع الفلسطينيين وكانوا يعرفون مسارهم تماما والى اين هم ذاهبون؛ فقد تم وضع خيارات ستة للتعامل مع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتزموا بهذه الخيارات بما يخدم حلم الدولة اليهودية.
تهويد القدس، وقانون القومية، وخصم مخصصات الاسرى من اموال السلطة، وقانون تملك اليهود للأرضي في الضفة، وتعويض العملاء من اموال السلطة المحجوزة وترحيل البدو في الخان، وقتل الاطفال، واعتقال النساء كل ذلك لم يحرك في ضمائرهم النائمة وعقولهم الماسحة وعيونهم الفارغة وألسنتهم الملونة باسم الدين شيئا من الخجل والعودة الى الوحدة الوطنية وانهاء حقبة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني؛ والسؤال اما زال هناك من يؤيدهم من الشعب الفلسطيني؟ وان لم ما يحصل خيانة فما هي الخيانة بعد كل ذلك؟
وهدنة تحمل في مضمونها بنود صفقة القرن -سلسلة من المشاريع الاقتصادية -، وتسهيلات وهذه الاغراءات او المطالب لدى حماس مقابل الهدنة تعتبر نسخة كربونية من بنود صفقة القرن بعد اجراء تعديلات بسيطة ومن الواضح ان ما يجري هو محاولة للتعرف على ردود فعل الشارع اتجاه ما يحصل في غزة من هدنة وتسهيلات ودخول قيادة حماس للاجتماع في غزة بعلم جيش الاحتلال علما ان بينهم مطلوبين لدى مخابرات الاحتلال ومنهم من هو على قائمة الارهاب بالنسبة لهم؛ السؤال هل الهدنة خطوة تمهيدية نحو موافقة حكومة غزة وقيادة حماس على صفقة القرن "امارة اسلامية في غزة وسيناء".
واخرون لا نعرف لمن يصرحوا ولماذا؛ يرفضوا؟ فالصراع بين حكومة تمثل الشرعية واخرى انقلبت على الشرعية والخلاف بين حركة انتزعت جزءا من الوطن واخرى تحاول استعادته؛ وحركة تحاول دائما التوصل للمصالحة واخرى ترفضها.
قانون القومية، وصفقة القرن، ونقل السفارة الامريكية للقدس، وترحيل بدو الخان، وقتل الاطفال، واعتقال النساء... وكل انتهاكات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني التي حصلت؛ لم نرَ أحدا منهم يعترض او يعارض او يشجب او يستنكر.
ولكن السؤال: لماذا هؤلاء "الاخرون" يحرضون على السلطة وقيادتها وعلى الاجهزة الامنية وقيادتها؟ لماذا الان؟ ولمصلحة من يتساوقون في تصريحاتهم؟