الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

مقارنة بين محمد جواد ظريف وصائب محمد عريقات

نشر بتاريخ: 27/08/2018 ( آخر تحديث: 27/08/2018 الساعة: 14:53 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

كلاهما تخرج من جامعة سان فرانسيسكو ، وحصلا على الشهادة الجامعية في الولايات المتحدة الامريكية . في نشأته كان ظريف محروما في صباه من مشاهدة التلفاز أو التعرض للراديو والصحف لان عائلته كانت محافظة ، بينما سافر عريقات وعمره 17 عاما الى سان فرنسيسكو عند والده الذي كان رجل أعمال في امريكا .
وبشكل ما انخرطا في السياسة وحصلا على أعلى المراتب وصولا الى مفاوضة أمريكا وإسرائيل .
د. صائب عريقات مثقف كبير واستاذ اكاديمي وقائد مؤدب وليبرالي مرن ، براغماتي وديناميكي  يمثل سلطة بلا سلطة على الأرض . أما دكتور محمد جواد ظريف فهو مثقف كبير وعلم من أعلام الدبلوماسية الايرانية ويمثل نظام متشدد في الأفكار ويمكن إعتباره صقر من صقور المنطقة . كلاهما حصلا على مهمة مفاوضة الصهاينة ( سواء الصهاينة في تل ابيب أو الصهاينة الذين يحكمون امريكا حكما مطلقا ) . وقد وصلا الى نفس النتيجة بفارق الاف العوامل .

عرق عريقات طوال ثلاثين عاما لم يشفع له ، وظرف ظريف طوال ثلاث سنوات لم يعفه من المسؤولية . فقد وصلا الى جدار مسدود يدعى الصلف الامريكي -الاسرائيلي والمؤامرة الصهيونية التي لا تريد الوصول الى أي حل . واتضح ان الشيطان الاصغر هو الذي يحكم الشيطان الاكبر . وكل واحد منهما فاوض شيطانه .

جميع العوامل لعبت لصالح ظريف : تشجيع جماهيري جارف ومديح من كل صوب وحدب وأوصاف كثيرة تظهره كبطل قومي فارسي اّسيوي نجح في الوقوف بندية كاملة أمام أمريكا وحصل على كل الدعم الاعلامي والاحتفالات . وقفت دولة كاملة وراء ظهره ودعمته وامتدحته وشجعته وصفقت له واستقبله عشرات الاف المتظاهرين المشجعين وحملوه على الأكتاف في شوارع طهران . فنجح في عقد إتفاق خمس زائد واحد وسط تصفيق كل دول العالم له .
بينما أن جميع الظروف الذاتية والموضوعية وقفت ضد صائب عريقات : هجوم اعلامي تدميري متواصل منذ ثلاثين عاما ، وتشويه للسمعة وعناوين الصحافة التي مزقته إربا ، وإنقسام داخلي وتجريح داخل الوطن وازدراء خارج الوطن ونزيف سياسي ومنافسة غير شريفة واستهتار بانجازاته وتقزيم كل تصريحاته وصولا الى حرب اسرائيلية سياسية اعلامية ضده . ومع ذلك يحاول الوقوف ندا  في مواجهة أسوأ احتلال عنصري يشهده التاريخ المعاصر . وحين إحتاج الى زراعة رئة وكاد يموت رفضت مشافي الإحتلال إستقباله لإنه عربي !!
جواد ظريف أنجز اتفاق خمس زائد واحد وهو إتفاق نال رضى المرشد الايراني والسياسيين وحصد تصفيق الشعب الايراني . ولكن اللوبي الصهيوني ونتانياهو نجحا في اقناع ترامب بالتنصل من الإتفاق وإفشاله وفرض حصار وعقوبات على إيران من جديد ومنع شركات الطيران وشركات النفط والبنوك من التعامل مع طهران
صائب عريقات شارك في اّلاف الجولات التفاوضية وووقّع عدد من الاتفاقيات ، جميعها أحبطتها اسرائيل وإنقلبت عليها إمريكا وحاربتها .وقتلوا عرفات ودمروا الضفة وحاصروا غزة وجعلوا حياة الشعب الفلسطيني جحيما .
صائب عريقات ليس له دولة ولا حدود ولا موانئ ولا جيش ولا أسلحة ولا يملك غير عدالة القضية الفلسطينية وغدر الاّخرين . وجواد ظريف يملك كل مستلزمات التفاوض والدولة المستقلة  .

النتيجة أن الخلل في تركيبة أمريكا وتوحشها للهيمنة العسكرية , وفي إسرائيل كاحتلال عنصري . وليس في المفاوض العربي أو الفارسي . الخلل في تل ابيب وواشنطن وليس في رام الله أو طهران . الخلل في النظام العنصري الرأسمالي وليس في جامعة سان فرانسيسكو . الخلل في نتانياهو وترامب وليس في ظريف وعريقات .

لو استبدلنا ظريف بأي مواطن ايراني اّخر من الليبراليين والبراغماتيين ,. سنحصل على نفس النتيجة .
ولو استبدلنا عريقات بأي متشدد من الصقور في الاحزاب الفلسطينية لحصلنا على نفس النتيجة .

العبرة من كل هذا أن إسرائيل تفعل ما تريد ، واّن الاوان لتقوم الشعوب التي تحاصرها أمريكا بعمل خطوات على الأرض لتدفيع إسرائيل ثمن جنونها العنصري. ومن أجل أن نطمئن دعاة السلام فانني لا أقصد الذهاب الى حرب .. ولكن لا شئ يوجع واشنطن وتل ابيب سوى طرد السفير الاسرائيلي والسفير الامريكي من العواصم العربية والاسيوية .
قد يكون هذا حلما طوباويا الاّن .. لكنه سيتحقق في يوم من الايام . وذات ليلة سيقوم من بين ظهرانينا زعيم عربي يحسم أمره ويحقق ذلك .

حينها , حينها فقط . لو بعثنا أي مواطن يفاوض اسرائيل وامريكا سيحصل على النتيجة التي نريدها .