الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

شدّ الحبال وعضّ الأصابع وتسويات اللحظة الأخيرة

نشر بتاريخ: 18/09/2018 ( آخر تحديث: 18/09/2018 الساعة: 13:12 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

سعت الادارة الأمريكية الى تأزيم الأزمة، إلى شد الحبال حتى تكاد تنقطع. ورمت بكل ثقلها لانقاذ الاحتلال من مصيره المحتوم بالتراجع عن عقلية المستعمر ومنح الفلسطينيين حريتهم وحقوقهم التي يناضلون من أجلها. وفي نهاية الامر لا تستطيع اسرائيل احتلال 5 مليون فلسطيني حتى لا تفقد هويتها الديموغرافية. ولكنها تريد السيطرة بالقوة وهو أمر مؤقت لا يمكن ان يبقى الى الابد.
القيادة الفلسطينية تعرف ذلك، وتعرف ان ما تقوم به ادارة ترامب لا يعدو عن كونه محاولة جديدة لتكرار سيناريو عرفات أيام شارون وبوش الصغير. حين سوّلت لهم أنفسهم الاعتقاد العبثي أن المعضلة تكمن في شخص عرفات وليس في الاحتلال ذاته.
قضية فلسطين ليست رهنا بيد أي قائد، وقضية القدس عاصمة فلسطين ليست خيارا يمكن استبداله لأنه مرتبط ببعدين قومي وديني لا يمكن لأي زعيم عربي التنازل عنهما. وهنا المشكلة وهنا الحل.
لو افترضنا أن ادارة ترامب ذهبت بعيدا وقررت معاقبة الشعب الفلسطيني والتخلص من الرئيس والقيادة ومضاعفة حصار غزة. فان النتيجة ستكون المزيد من التدهور الميداني. وبالتالي الجميع يدور في نفس الدائرة وكلما انتهى منها يعود اليها من جديد.
هناك مشكلة كبيرة على الارض، وهي طول مدة الصراع. فقد ختم الصراع سبعين عاما متواصلة ما يعني أن الطرفين تأقلما مع حالة الصراع الدائم، والأجيال بدأت تعتاد عليه باعتباره مكوّن أساسي من مكونات الحياة اليومية. وبالتالي لا يمكن الان الانتصار بالضربة القاضية والمباغتة. فكل طرف صار يعرف نقاط قوة الطرف الاّخر ويعرف نقاط ضعف الطرف الاّخر. يعرف ما يؤلمه وما لا يؤثر فيه. ويتعايش الطرفان هكذا لاطول فترة ممكنة. يركبون الحافلات المشتركة والقطارات وورشات العمل ويجلسون في الكنيست الواحد ويأكلون في مطاعم مشتركة ويشربون حليب المصنع الواحد ويحملون النقود عينها ويتبادلون التعازي والافراح ويهنئون بعضهم بالأعياد !! وفي كثير من الاحيان يختلط الامر المراقب بين علاقة الصراع الوجودي وصراع الطائفة وصراع السياسة !!!!
وفق ذلك... قد تضغط أمريكا واسرائيل على السلطة، وقد توصلانها الحافة ولكنهما لا تستطيعان السماح لها بالسقوط في الهاوية.
وستعودان مرة اخرى من جديد الى مربع المفاوضات.. مع فارق ضياع السنين وسقوط المزيد من الضحايا الذين لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا هنا وعاشوا هنا في وطنهم ويرفضون مغادرته. لانه لا يوجد لهم وطن آخر بديلا عنه.