الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

حماس بين المرحلي والاستراتيجي

نشر بتاريخ: 17/10/2018 ( آخر تحديث: 17/10/2018 الساعة: 13:54 )

الكاتب: عماد عفانه

عدم مراجعة تجربة حركة المقاومة الإسلامية حماس وإخضاعها للنقد غم مرور 30 عاما، على الرغم من كل التحولات التي شهدتها، يعد أحد أهم العيوب التي تعيشها وبكل أسف جميع القوى والفصائل الفلسطينية.
حتى وإن أطلقت دعوات سابقا لعمل مراجعات لهذه المسيرة الطويلة، فإن هذه الدعوات للمراجعات كانت للدفاع عن الاستمرار، وليس لمعرفة ما جرى وكيف جرى، وكيف وصلنا إلى الحال الذي وصلنا إليه.
لا شك أن تجربة حركة حماس الطويلة وكما جميع تجارب التحرر الوطني تحتاج إلى مراجعة نقدية لتعرف جماهيرها أين يضعون أقدامهم، وإلى أين يسيرون.
سيعلق البعض عدم الإقدام على هذه المراجعة من قبل على شماعة العوامل الموضوعية، وسرعة التحولات الفلسطينية التي أجبرت حماس على التأثر بالمتغيرات من دون أن تعالجها وتراجعها، لجهة موائمتها مع ثوابتها أولا وتكتيكاتها ثانيا وتأثيراتها ومآلاتها على الخطط المرسومة للوصول إلى الهدف ثالثا.
الأمر الذي أسفر بعد طول المسير إلى حالة من الترهل غير مسبوقة، ليس على صعيد الأطر الناظمة لعملها أو الأذرع والدوائر والمؤسسات المنبثقة ووظيفتها. فقط، بل على صعيد الأفكار حول الثوابت أيضا.
ومع الترحيب المعلن من قيادة حماس للمراجعة النقدية، إلا أن واقع الحال لا يبشر بخروج هذا الترحيب عن إطار التظاهرة البهرجية التي تصاحب هكذا مؤتمرات صاخبة لا تلد سوى ما يطلبه المسؤولون.
وذلك ربما يعود لأسباب تتعلق برغبة القيادة الحفاظ على معطيات وزنها في الساحة الفلسطينية والعزوف عن الولوج في تطورات غير مرغوبة، وبذلك، بقيت حماس كما مختلف القوى الأخرى أسيرة ارتجال السياسات اليومية التي تعالج قضايا جزئية في وقتٍ تطرق فيه التغيرات الكبرى أبوابها وتحفر في الواقع السياسي الفلسطيني خارطة طريق ليست لها.
في ذات الوقت من الصعب أن تبدأ حركة عريقة مثل حركة حماس المراجعات بكلمة أثقل من الجبال مثل كلمة النجاح أو الفشل، ففي النهاية نحن أمام مراجعات موضوعية، فهي ليست مراجعة عدمية لتطلق حكما بالفشل، وليست مراجعة مطبلين لتدمغ كل شيء بوسم النجاح.
فبعد 30 عاما اعلى انطلاقها أين تقدمت حركة حماس وأين أخفقت في مسيرة المقاومة، تساؤل ليس من السهل الإجابة عليه، لكنا سنحاول تلمس الإجابة من خلال بعض النتائج.
بداية لابد من تثبيت وقائع من قبيل ان حركة حماس الفتية ذات الامتداد الضارب في أعماق الثورة، أعلنت عن نفسها في 1987، رافعة لواء معالجة إثار النكبة والنكسة معا، أي تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وهو ذات الهدف الذي أعلنته منظمة التحرير هدفا لها من انطلاقتها قبل النكسة 1967م، حيث كانت غزة والضفة والقدس ليست في يد العدو، وكان الحديث عن تحرير ما اغتصبه العدو في 1948.
إلا أن الأحداث دفعت بالثورة الفلسطينية للسير على مؤشر الهبوط، وقبلت بمعالجة آثار النكسة كحل نهائي، أي التفاوض على دولة في غزة والضفة فقط، ونسيان معالجة آثار النكبة بشكل نهائي، وذلك بالاعتراف "بإسرائيل" على الأراضي المحتلة 1948 خلال التوقيع على اتفاقات أوسلو.
وكحل مرحلي قبلت حماس بما قبلت به منظمة التحرير بإقامة دولة في الأراضي المحتلة 1967ن لكن دون الاعتراف "بإسرائيل" او التنازل عن شبر من أراضي 1948.
فهل تعمل حماس الآن لتحقيق الهدف المرحلي أم لإنجاز الهدف النهائي.!.
وهل كل هذه المقاومة وهذه المعاناة وهذا الحصار وهذا الصمود لتحقيق إقامة دولة في حدو 1967 فقط، أم لتحرير كل شبر من فلسطين.!.
إذا كانت حركة حماس تشترك مع حركة فتح المسيطر على منظمة التحرير في ذات الهدف، وهو إقامة دولة في حدود 1967، فإن كل ما نراه من حالة الصراع هي للسيطرة على هذه الدولة التي يسعى العدو لاختصارها في غزة دون الضفة التي أحكم تقسيمها وتقطيعها وابتلاعها.
ويكون العدو قد نجح بعد طول عناء في حشرنا جميعا سلطة ومقاومة في جحر الصراع على فتات الكعكة التي استأثر بها لنفسه.