الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

لم نمنحك حقك من البكاء

نشر بتاريخ: 11/11/2018 ( آخر تحديث: 11/11/2018 الساعة: 11:49 )

الكاتب: شاهر سعد

بعد أربعة عشر عاماً من الغياب، لم نمنحك بعدْ حقك من البكاء، لأن بكاءنا لا يتجدد إلا عندما تطوقنا نوائب الخسران من كل جانب، وما أكثرها؛ فخسرنا من بعدك غزة وخسرنا القدس، وخسرنا ما تبقى من الأرض، رغم ذلك ما زال طيفك يسري مع الدم داخل الأوردة والشرايين.
لأنك تركت لكل منا قبس منير من طيف ذكراك العطرة، وثقتها صور شخصية معك تحولت فيما بعد لوثائق يتباهي بها أصاحبها، وهم يقولون: كنا نعرف "ياسر عرفات" لقد كان صديقاً شخصياً لنا، ولنا معه صور؛ لهذا ما زال حضورك يملأ عالمنا، وسيبقى كذلك إلى أن يشاء الله أمر غير هذا الأمر.
أخبرنا أحد محبيك الذي افتقدناه قبل يومين الصحفي والمفكر المصري "حمدي قنديل" في كتابه (عشت مرتين) بأنك طلبت منه وأنتما فوق هضبة معبد (الإكروبول) في العاصمة اليونانية (أثينا) بأن ينظر من المنظار الذي كان بيدك نحو الشرق، فنظر "حمدي قنديل" ومن بعده الطلاب الذين كانوا بصحبتكم للمشاركة في المؤتمر العالمي للطلاب في مدينة براغ عام 1956م عن طريق إثينا.
فسألتهم هل رأيتم فلسطين ؟ فأجابوا بلا ! فقلت: لهم أنا رأيتها، بل إنني رأيت قبة الصخرة تلمع.
فتساءل: حمدي قنديل، هل خُيلت له فلسطين فعلاً لشدة تعلقه بها ؟ أم إنه قد بدأ يلعب دور السياسيين؟ أياً كان الجواب فإن طالب الهندسة في جامعة القاهرة قد كرس نفسه وإلى الأبد لقضية شعبه، وفي خضم هذا التكريس صهر كل ما حباه الله به من مزايا ليصير ما صار إليه.
بعد هذه الواقعة بــ (26) عاماً سألك صحفي فرنسي رافقك خلال خروج من بيروت عام 1982م، وأنتما على ظهر السفينة التي استقلها الفدائيون المغادرون لبيروت، إلى أين يا أبا عمار ؟
عرفات: إلى فلسطين.
الصحفي: لكن هذه السفينة تتجه إلى تونس ؟
عرفات: نعم، ومن هناك إلى فلسطين، لأننا ذات يوم سنصبح كما نريد.
لهذا كان عرفات يرفع شارة التصر على الدوام أمام ضيوفه ومحبيه وأعدائه، لأنه كان على يقين من أن شعباً كشعبنا لن يهزم أبداً.


أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين