الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

معركة غزة واستقالة ليبرمان… تقدير موقف

نشر بتاريخ: 15/11/2018 ( آخر تحديث: 15/11/2018 الساعة: 10:34 )

الكاتب: د.سفيان ابو زايدة

في المعركة الاخيرة بين غزة الجريحة المحاصرة واسرائيل النووية التي تملك افضل ما توصلت له التكنولوجيا الحربية انتصرت غزة انتصارا ساحقا.
عزز هذا الانتصار استقالة وزير الجيش الاسرائيلي افيقدور ليبرمان بغض النظر عن الاسباب التي ادت الى استقالته سواء كان لها علاقة بالشأن الداخلي الاسرائيلي او نتيجة الخلاف بينه وبين نتنياهو على كيفية ادارة ملف التعاطي مع غزة.
منذ بداية هذه المعركة التي لم تستمر طويلا والتي بدأت بعد ان تم اكتشاف القوة الاسرائيلية الخاصة في خان يونس والتي انتهت بقتل قائد القوة وجرح ضابط آخر واستشهاد سبعة فلسطينيين من بينهم قائد القسام في شرق خان يونس نور بركة. خلاصة هذه المعركة وما تبعها من قصف وقصف متبادل واستقالة ليبرمان يمكن تلخيصها بالتالي:

اولا : بات من الواضح ان القوة الاسرائيلية الخاصة التي تم اكتشافها في خان يونس والاشتباك معها لم تأتِ لتنفيذ عملية اغتيال او اختطاف بل دخلت على الارجح لتنفيذ مهمات خاصة اهم من ذلك بكثير. لكي يغتالوا احد ليسوا بحاجة لهذه المخاطرة حيث لديهم الطائرات بدون طيار التي تستطيع تنفيذ المهمة دون عناء او مخاطرة.

ثانيا: مع بدء القصف والقصف المضاد كان من الواضح ان كلا الطرفين كانا غير معنيين بالدخول في معركة شاملة مفتوحة. الفصائل الفلسطينية في تنسيق يثير الانتباه حددت مساحة النار بعشرين كم رغم ما تملكه من امكانيات تتعدى هذه المسافة بكثير.
واسرائيل حرصت في قصفها للمواقع والمنشآت الفلسطينية والتي كان اهمها قصف فضائية الاقصى، حرصت على اطلاق الصواريخ التحذيرية والتأكد من اخلاء المواقع المستهدفة من السكان. نتيجة كل هذا القصف هو استشهاد ستة فلسطينيين فقط.

ثالثا: القبة الحديدية كانت شبه مشلولة في هذه المعركة، وقد يكون هذا احد الاسباب التي لم يجعل اسرائيل تتمادى في عدوانها، حيث اطلقت المقاومه خلال المعركة حوالي 400 صاروخ وقذيفة، تصدت القبة الحديدية الى 100 فقط، اي الى 25٪ من مجمل هذه الصواريخ.
الامر الذي ادى الى اصابات مباشرة في عسقلان و سديروت.
القصف الفلسطيني ادى الى دمار كبير في هذه المباني والتسبب في 60 اصابة، من بينها اصابات بليغة.
على ما يبدو ان تجاوز القبة من قبل صواريخ المقاومة كان ناتجا عن تكتيك معين اتبعته المقاومه ستحاول اسرائيل تجاوزه في المواجهات المقبلة.

رابعا: تعاني اسرائيل من تآكل في قوة الردع لديها. حاولت في هذه المعركة من تعزيز هذه القوة من خلال توسيع دائرة الاهداف لكن النتيجة كانت عكسية تماما. حيث خرجت اسرائيل من هذه المعركة مكسورة الهيبة واكثر هشاشة في ظل تمكن المقاومة من الرد بقوة وفعالية على هذا القصف.
هذا يعني ان المعركة القادمة ان لم يحدث تطورات معاكسة لن تكون بعيدة، لهذا وبعد توقف المعركة ابقت اسرائيل على قواتها في حالة استنفار على الحدود مع غزة.

خامسا: لقد بحثت اسرائيل كما في كل معركة عن صورة للنصر، لكنها منحتها للفسطينيين حيث ستبقى الصورة الراسخة في الاذهان هي استقالة وزير الجيش ليبرمان والتي فسره الفلسطينيون على انه ذروة هذا الانتصار في هذه المعركة حتى وان كانت هذه الاستقالة ناتجة عن صراعات داخلية واهداف انتخابية.

سادسا: الانطباع العام ان غزة بصمودها وعنادها واصرارها تؤثر على مجريات الحياة في اسرائيل اكثر من كل العالم العربي، ان يجتمع الكابينت الاسرائيلي لمدة ستة ساعات متواصلة لمناقشة كيفية مواجهة الموقف في غزة فهذا شيئ كبير. ان تذهب اسرائيل الى انتخابات مبكرة بعد استقالة ليبرمان نتيجة الخلاف على كيفية التعامل مع غزة فهذا امر لا يحدث كل يوم.

سابعا: اذا ما تم تقديم موعد الانتخابات في اسرائيل خلال الايام القادمة
ستحاول اسرائيل تهدئة الجبهة في غزة وعدم التصعيد، لكن نتنياهو سيواجه مشكله في الرأي العام بسبب استقالة ليبرمان. المظاهرات الاحتجاجية من سكان الجنوب في غلاف غزة لا تساعده في ذلك.