الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة في قانون الحماية والسلامة الطبية والصحية

نشر بتاريخ: 10/12/2018 ( آخر تحديث: 10/12/2018 الساعة: 11:21 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

لا شك ان بحث الموضوع والوصول الى تشريع بخصوصه هو انجاز وطني يستحق التقدير والاحترام، وهو قانون قد خطى خطوات كبيرة نحو تجسيد الوضع القانوني للاخطاء الطبية ويتناولها بشكل صريح في نصوص قانونية، لكن يظهر ان العمل عليه كان صعب وادى الى نتائج غير مجدية الى حد محاربة هذه الظاهرة وهي بالمناسبة ظاهرة عالمية كبيرة ففي الدول المتقدمة او التي عملت كثيرا على حقوق الانسان تشير الاحصائيات الى ان نسبها عالية ويمكن معالجتها في نطاق وضع قانوني ومؤسساتي يتقبل الخطا لكن عندنا ما يزال هذه الخطا غير مقبول لدى البعض وهو ما ادى الى صعوبة في فهم الموضوع وتحقيق العدالة فيه.
لقد كان قانون المخالفات المدنية الساري منذ اربعينيات القرن الماضي مرجعية لا باس بها الذي وضح القصد من الاخطا لاصحاب المهن واليات تعويضه اكثر من هذا القانون الى جانب قواعد المجلة العدلية هما اساس قانوني بالاضافة الى قانون التامين الذي عنون مسالة التامين على هذه الاخطاء ولكن في الفنيات يصعب معالجة الامر ليس لوجود نصوص قانونية او عدمها انما الى ضعف القائمين على معالجة الامر ولنقلها بصراحة لدى النيابة العامة في التحقيق والقضاء في استنتاج البينة ووزنها والتقرير بشانها ونحن لدينا تجربة مريرة في الامر والان موجودة لدى محكمة النقض الفلسطينية.
لقد غفل القانون عن امور مهمة واولها عدم تعريف الخطا الطبي وهو حسب ما يشير اليه العلامة الدكتور السنهوري ان حالته تقوم على وضعين الاول الخطا من الطبيب العام والذي يجب ان يتوفر فيه الخطا الجسيم والوضع الثاني لدى الطبيب المختص والذي فقط يشكل خطا طبي ان توفر فيه الخطا اليسير، وان معالجة الاخطاء الطبية لا يجب ان تنصب على ان الطبيب مخطىء ولكن حتى لو كانت المعالجة سليمة وتولد عنها مضاعفات فهو خطا طبيب يلزم التعويض فيه واصلاح الضرر قدر الممكن وهو ما لا يتوفر لدى الاشخاص القائمين على سن القانون ورغم وجود ميزات كثيرة الا انه لم يضيف شيئا سوى وجود صندوق لتغطية الاخطاء ولكن بتطبيق النصوص امام القضاء لن يتوفر باي حال خطا طبي وخاصة ان المسالة الجنائية لوجود الاخطاء ومظاهرها لم يراعيها القانون ولم ينص عليه وانما بقيت تائه في قانون العقوبات.
في ظل غياب المعايير الواضحة، ان المسالة برمتها ما تزال لدى الاطباء انفسهم في اطار نقابتهم ووزارة الصحة التي تنتمي لهم وبالتالي فان توفر واثبات الخطا سيكون مستحيلا حيث ان اللجنة ما تزال مشكلة على هوى اللجان الصحية في المحافظات والتي قامت في السابق والان على تكرار ما يقوله الاطباء في تشخيص الحالات دون ان تمتد الى معالجة موضوعية لارشاد الجهات القضائية في متابعة الموضوع وبالتالي فان الامور ما تزال تراوح مكانها.
وهي مسالة قامت على عدم تولي فنيين من الخبراء في المجال الصحي والنيابة والقانون على عمل دراسات كاملة حول كثير من المسائل في كيفية اثبات الحالة والزام الجهات لمتابعتها وتوضيح الامر للقضاة في تفسير اكبر حول مرامي النصوص، وبالتالي فان القانون لم ياتي بجديد سوى الصندوق وبعض المعايير التي هي محل تطبيق في فلسطين.
وهي مسالة تحتاج في نهاية الامر الى توعية كاملة لدى الجميع وبحث معمق وتدريب فني متخصص على اعلى المستويات ووجوب ان يحضره اعضاء نيابة مختصين وقضاة واعضاء لجنة الحماية وكافة المهتمين واصحاب الموضوع كي يكون الامر جديا في معالجة حالة صعبة ومتوافر يوميا لدى الاطباء او المراكز الصحية وخاصة ان يعرف الاطباء والعاملين في المجال الصحي ان الامر لا يعدو ان يكون لغرض تعويض الضرر وجبره وفق القانون.