الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ازمة الثقة بين الجمهور وأركان الحكم على محك الضمان الاجتماعي

نشر بتاريخ: 18/01/2019 ( آخر تحديث: 18/01/2019 الساعة: 21:45 )

الكاتب: ماجد سعيد

لم تكن الساحة الفلسطينية الداخلية سابقا كما هي اليوم، فعدا عن الانقسام الذي مزق الفلسطينيين يعيش الناس اليوم مرحلة ضبابية غريبة قد لا يتمكن الواحد منا ان يتكهن بنهايتها وشكلها.
وفوق ذلك ينشغل الفلسطينيون وتحديدا العمال وموظفو القطاعين الخاص والاهلي بهم ٍجديد، همُ تطبيق قانون الضمان الاجتماعي.
في البداية وقبل بدء تطبيق القانون بشكل رسمي قبل عدة أيام كانت الشريحة الرافضة لهذا القانون محدودة ومثلها او أوسع قليلا ممن يطالبون بإدخال تعديلات على عدد من البنود قبل عملية التطبيق، لكنهم اليوم انضموا الى فئة الرافضين للقانون وانضم معهم عشرات الالاف من العمال والموظفين الذين بدأوا حراكا شعبيا من المسيرات الى الاعتصامات التي كانت تجمع من المشاركين اكثر ما تجمعه فصائل فلسطينية كبيرة في تظاهراتها حتى وصلوا الأسبوع الماضي الى شل الحياة التجارية والاقتصادية في يوم اضراب أقفلت فيه بالإضافة الى أبواب المحال التجارية المئات من المؤسسات والشركات والمصانع والورش مهددين بما هو اكبر واوسع وبشكل مختلف ان لم تستجب الحكومة لمطالبهم وتوقف تطبيق القانون.
واذا كانت الساحة الفلسطينية شهدت وفي اكثر من زمان اعتصامات واحتجاجات وحتى إضرابات في قطاع معين كالصحة والتعليم وغيرها من القطاعات الا ان هذه هي المرة الاولى التي يوجه فيها الاضراب التجاري وتقفل فيه المحال والأسواق نحو القضايا الاجتماعية بعد ان كان يقتصر على القضايا الوطنية.
وعلى الرغم من ان الحكومة فتحت قلبها للحوار دون ان تمانع في اجراء التعديل لعدد من بنود القانون الا انها تتحمل المسؤولية عما وصلت اليه الامور خاصة وانها لم تعكس إجراءاتها وقراراتها اللاحقة بهذا الشأن الجدية في التعامل مع الازمة ما عمق فقدان الثقة بين الجانبين اكثر فاكثر.
اليوم باتت قضية الثقة هي لب الازمة القائمة بين الجمهور وأركان الحكم من نظام سياسي وحكومة، فالفساد بأشكاله المختلفة المالية والإدارية والأخلاقية بات يظهر وبشكل اكثر وضوحا عما سبق فيما الحكومة فقد تخلت عن دورها في الرقابة والمحاسبة الامر الذي انعكس في هتافات المعتصمين وهم يطالبون برحيلها وبوصف السياسيين بالفاسدين.
ان فكرة الضمان الاجتماعي الذي يمثل شكلا عصريا من اشكال التكافل ما كان ليرفض او يحارب لو اظهر منذ البداية في بنود قانونه حرصه على العامل والمواطن ولم يحمل في طياته شيئا من الغبن تجاه هذا العامل الذي شعر بان الحكومة تسعى لتعزيز جبايتها على حسابه.
ان على الحكومة اليوم كي توقف الانفجار تأجيل تطبيق القانون والعودة الى الحوار والنقاشات الداخلية على نطاق أوسع وصولا الى قانون يلبي الطموحات وينشئ آلية مقنعة للجمهور بأدوات جديدة.