الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

يا رب أن يصبح كل شباب البلد وزراء.. الّا هؤلاء

نشر بتاريخ: 28/01/2019 ( آخر تحديث: 28/01/2019 الساعة: 13:19 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

مع بداية تشكيل وفد مؤتمر مدريد عام 1991 نزل الى سوق السياسة الفلسطيني منتوج "معلبات" يضم في أوانيه أصناف من الشخصيات السياسية "الديليفري" الجاهزة للعمل في كل شيء، وخدمة أي هدف مقابل أي شيء وحتى مقابل لا شيء. وكان الراحل فيصل الحسيني والمرحوم د.حيدر عبد الشافي أول من عانى من هذه الظاهرة. حيث تكالب حينها على بيت الشرق في القدس شخصيات تلبس البدلات الرسمية وجاهزة للتفاوض مع اسرائيل ومع شياطين الأرض في أي مكان وحول أي شيء.
وقد نمت هذه الشريحة في أحضان الحركة الوطنية مثل الطفيليات، وكبرت. حتى صار لها "شنّة ورنّة". وذاع صيتها عند كل رئيس وكل رئيس وزراء وكل رئيس جهاز أمن، وهم "مرتزقة" سياسيون جاهزون لخدمة جميع أنواع الأسياد.
ولان المسؤول لا يرغب عادة سماع الانتقاد الصارم، ترى النفس البشرية تميل الى المديح وتستأنس الدعة والراحة. وقد يبتعد عن الحكم والقرار القادة والزعماء وقادة الكتائب المسلحة وقادة العمل الجماهيري وقادة التنظيم وقادة الفكر عن المشهد السياسي، ويتقدّم هؤلاء كالعنكبوت ويحتلون المسرح.
هؤلاء. أقسموا الولاء لكل من يجلس على الكرسي. أقسموا لياسر عرفات ضد أبو مازن، وأقسموا الولاء لأبي مازن ضد كل الدنيا وسوف يقسمون للقادم ضد المغادر، أقسموا لابو علاء قريع. وحين فازت حماس أقسموا الولاء لاسماعيل هنية، وأقسموا لسلام فياض ضد اسماعيل هنية، وبعدها أقسموا الولاء لرامي الحمد الله ضد سلام فياض.. واليوم هم جاهزون ليقسموا اليمين ضد رامي الحمد الله مع اي رئيس حكومة قادم.

شريحة المعلبات السياسية تنتشر بقوة وتتفشى في غزة ورام الله بالذات، وصار لها مفعول قوي.. وتتكوّن من صنفين:
- صنف يبتسم دائما وجاهز لخدمة أي مدير جديد. ولكن وفي حال لا يرسل في طلبه تراه يغضب ويصرخ من اجل فلسطين والمصلحة العامة ويتحول الى جيفارا.
- صنف يلبس منذ البداية قناع الغضب والصراخ على شاشات التلفزيون ويكاد يبكي من شدة حبه لفلسطين وللقضايا العامة. حتى يرسل في طلبه فتراه يصمت صمت القبور ويتحوّل الى مبتسم على غرار الصنف الاول. 

وضعت حكومة الوفاق الوطني أوزارها، وهبطت في مطار الرئيس.. خيول جامحة ومضمار ضيّق... ولا يلفت انتباهي اليوم سوى هؤلاء الذين عرفتهم شخصيا عن قرب. وهم يكررون نفس العبارات ونفس الكلمات التي أسمعوها لحيدر عبد الشافي وفيصل الحسيني.. أسمعوها للزعيم ياسر عرفات حين عاد للوطن، واسمعوها لكل من جلس على كرسي رئاسة الحكومة... وجاهزون للنشيد والقسم لاي قادم جديد.
جاهزون ليكونوا وزراء ومستشارين في حكومة عرفات، وفي حكومة لامريكا، في حكومة للشيوعيين، وفي حكومة اسلامية، وفي حكومة ماركسية، وفي حكومة تكنوقراط ، وفي حكومة مقاومة، وفي حكومة ثورة، وفي حكومة سلام مع الليكود، وفي حكومة مع الاردن، وفي حكومة مع مصر، وفي حكومة فصائل، وحين تتشكل حكومة مناطق جهوية يقولون وانا من غزة وانا من الضفة وانا من القدس .. وهم جاهزون لحلف اليمين في حكومة مثليين جنسيين.. 

هم جاهزون دائما ويلبسون البدلات ومستعدون لاداء القسم.. ينخدع بهم كل رئيس وكل رئيس وزراء. ولا شغل لهم سوى التحريض ضد الاعلام الحر وضد اساتذة الجامعات وضد رموز الحركة الوطنية وضد قادة التنظيم وضد كل صادق في حب الوطن.
هؤلاء يذكرونني بالقول الشعبي ( انا ما بحبش أحلف، لكن اقسم بالله العظيم أنني أحبك ومعك والى الابد).
يا رب.. أن لا يكون أيّا منهم وزيرا.. وأن أراهم قريبا يلبسون قناع جيفارا من جديد ويقسمون الولاء للمعارضة، فالمعارضة تحتاج الى رجال خشنين وأصحاب مبادئ والى أبطال. ومثل هؤلاء سوف ينكشفون بسرعة. لنرتاح منهم.