الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

العودة لمنظمة الفصائل وليس الذهاب لسلطة فصائل

نشر بتاريخ: 16/02/2019 ( آخر تحديث: 16/02/2019 الساعة: 19:32 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الهزات الفلسطينية التي تتعرض لها منظمة التحرير لا محالة انها اضعفتها مع ان بعضها يهدف لتفعيل وتطوير المنظمة حتى تتمكن من تجسيد الحلم وتحقيق الهدف الذي قامت من اجله كما هو الحال في مواقف جبهتي اليسار الفلسطيني الشعبية والديمقراطية بدليل الاسهامات المتميزة لهاتين الجبهتين الى جانب حركة فتح وبقية الفصائل في اكمال بناء المنظمة كقلعة حصينة للمشروع الوطني، هذه الاسهامات ما زالت محفورة ليس في الذاكرة السياسية الفلسطينية فقط وانما محفورة على كل لبنة من لبنات التكامل المؤسسي للمنظمة والتي بفضلها تمكنت المنظمة من الاقلاع من مؤتمر اعلان قيام الدولة الذي اطلق عليه مؤتمر جورج حبش الذي انعقد في الجزائر لتحط على مقعد الدولة في المنظمة الاممية وذلك على عكس الهزات التي تتعرض لها المنظمة من قبل التيار الديني بهدف الالغاء من اجل استبدالها لخدمة مصالح حزبية قد تكون فلسطين واحدة منها.
ومع ان منظمة التحرير وبالرغم من كل ذلك ما زالت العنوان التمثيلي الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كونها ما زالت الحاضنة الوطنية للنظام السياسي الفلسطيني والراعية لمشروع الدولة واكتمالها باعلان سيادتها على حدود الرابع من حزيران، الا ان المنظمة وحتى لا يصبح تمثيلها مجرد شعار كما يحلو للبعض ادعاءه فهي فعلا بحاجة الى تطوير وتفعيل حقيقي ليس فقط بعودة كافة الفصائل لحضنها، وانما الاهم هو عودة ثقة الشعب صانع المعجزات بالمنظمة وبفصائلها من اجل رفدها بكل الطاقات الممكنة ليمكنها من الابقاء على سيف الحق الفلسطيني مشهرا وكما كانت عليه قبل الانخراط في عملية السلام التي تحولت بمجرد اغتيال رابين سنة 1995 على يد التطرف الذي ما زال يحكم اسرائيل، هذا التطرف حول عملية السلام الى عملية تفخيخ صهيوني لتدجين المنظمه وتجسيرها للعبور الى العواصم العربية وبدعم كامل من الادارات الاميركية والتي بلغت الزبى في عهد الاراجوز الحالي ترمب.
وفي سياق متصل نذكر ان الكثير كان قد قيل وما زال عن فداحة خطأ عسكرة انتفاضة الاقصى في عهد الشهيد الزعيم الراحل عرفات وعلى انها كانت غلطة الشاطر كما يقول المثل الشعبي الا ان الواقع يرجح ان السبب في ذلك ربما لم يكن فعلا غلطة شاطر او استعراض عضلات السجين امام سجان غير انساني وانما كان رد فعل على الجحود الصهيوني ازاء كم التنازلات الفلسطينية الذي ربما يفسر عسكرة الانتفاضة على انها كانت صرخة رفض فلسطينية لهذا الجحود ورفض لتدجين منظمة التحرير الذي بدأه النتن ياهو بمجرد استلامه للحكم في سنة 1996 واكمله ايهود براك بتعمده في افشال كامب ديفيد 2 في سنة 2000 والذي كان بمثابة الشعره التي قصمت ظهر بعير عملية السلام (اوسلو) بحيث كانت عسكرة انتفاضة الاقصى كما اسلفت بمثابة صرخه للانقاذ والبحث عن طريق للعودة لمربع التحرير بقصد ايجاد وسائل اكثر كلفة للاحتلال بعد ان تكشفت نوايا اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال في التنصل من كل الاتفاقات السابقة وعلى راسها اعلان الدولة الفلسطينية مع نهاية الفتره الانتقاليه في مايو 1999 .
وعليه وبعد كل هذا الجحود الصهيوني ومحاولاته اليائسة لكسر الارادة الفلسطينية بداية بتسميم الرئيس الشهيد عرفات والتهديد المتواصل للنيل من حياة الرئيس ابومازن ووصفه بالارهابي الديبلوماسي ومحاولات تدمير النظام السياسي الفلسطيني الذي تجسده منظمة التحرير لا بد من وقفة مراجعة وطنية فلسطينية لكل الفترة السابقة وتحديدا منذ اغتيال رابين والتي تزداد سوءا وباطراد مع استمرار ركود المياه الفلسطينية ما يستدعي وبالحاح تحريك هذه المياه بداية بالعودة لمنظمة التحرير كوسيلة تحرير موحده ومتماسكة بكل فصائلها ومتوجة بثقة شعب الجبارين، وذلك بعد ان ثبت يقينا بعدم قدرة الفصيل الواحد مهما على شأنه على انجاز مشروع الدولة.
وهنا نؤكد على ان هذه ليست دعوة لعكسرة انتفاضة ثالثة وانما دعوة لتحريك المياه الفلسطينية بعد ان ثبت كذلك ان الادانة والشجب الدوليين الذين ساهما الى حد كبير في حالة ركود هذه المياه لم يعد لهما اي قيمة لا معنوية ولا مادية طالما لم يترافق هذا الموقف الدولي الخجول جدا مع اي فعل دولي رادع تجاه ما تفعله اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال وازاء هذه الاستباحة اليومية لجيش الاحتلال ومستوطنيه للمدن والبلدات والقرى الفلسطينية والقتل الميداني للابرياء من الفلسطينيين، وبالتالي لا بد من الفعل الوطني القادر على انتزاع تدخل دولي نحو المحتوم وهو السيادة الفلسطينية على الدولة الفلسطينية وذلك بمبادرات فعل فلسطينية منسجمة مع الشرعية الدولية التي اقرت ذلك في اكثر من مقام واكثر من قرار بعد ان اجهزت قوى التطرف الحاكمه في اسرائيل على كل الخيارات الممكنه وتحديدا التفاوض لحل الصراع.
ولكن كيف يُعقل ان يتم اي من ذلك في ظل حالة الانقسام والتشرذم التي تشهدها الحالة السياسية الفلسطينية والتي يغذيها انانية الفصيل والصدأ المصلحي والانتهازي الذي اصاب بعض الشرائح السياسيه التي تتبوأ مواقع قيادية والتي كانت سببا في فقدان ثقة الشعب في فصائله اضافة الى ان البقاء على هذا الحال لن يشجع على تحفيز اي تدخل ايجابي دولي لحل الصراع.
وعليه فان الحديث عن الذهاب لتشكيل حكومة فصائل لادارة سلطة تحت الاحتلال التي هي اصلا من غير سلطة من المفروض ان يكون مقلق كونه في غير موضعه، وفي غير اوانه لاننا وبعد كل ما ذكر وقبل فوات الاوان وضياع منظمة التحرير وضياع المشروع الوطني معها فنحن احوج ما نكون الان في العودة الى منظمة الفصائل المشحونة بثقة الشعب وتحديدا قواه الشابة القادرة على الابداع تعمل على تشكيل حكومة للدوله الفلسطينية ذات السياده في مواجهه وتحد للجحود الصهيوني الذي ما زال عنوان الصراع.