الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

فن صناعة اللامبالاة

نشر بتاريخ: 21/02/2019 ( آخر تحديث: 21/02/2019 الساعة: 11:03 )

الكاتب: محمد ياسر حنيحن

كثيرة جدا هي جلسات الحوار والاتفاقيات التي ابرمت لترسيخ الوحدة الوطنية الفلسطينية من اتفاق مكة 2006 قبل الانقلاب الى جلسة حوار موسكو 2019، حوارات وجلسات وبيانات كل جاء في وقت كانت الساحة الفلسطينية بحاجة لتأكيد وترسيخ جملة من الثوابت الوطنية ولمواكبة أيضا جملة من المتغيرات السياسية المحيطة والمؤثرة بقضيتنا الأهم القضية الفلسطينية التي هي في امس الحاجة لتصفير الخلافات الآن من اجل الاصطفاف لمواجهة صفقة القرن ومواجهة الاحتلال الذي استباح الدم الفلسطيني ويبتلع فلسطين التاريخية من البحر الى النهر لصالح الاستيطان.
منظمة التحرير وحماس وفتح وحركة الجهاد الإسلامي كل جهة وكل فصيل لا يتوانى في إلقاء اللوم على غيره ولا يكل ولا يمل من التعبير وبكل وسائل الإعلام ان فصيله او حزبه او حركته لا تشوبها شائبة بل اكثر من ذلك يدعون انهم جهة تعيش حالة "صفر مشاكل" بمعنى ان الإشكال في غيرهم وان تأبيد الاحتلال واستشراء الاستيطان بسبب غيرهم، وان الانقسام والانقلاب في غزة من غيرهم، وان حالة الاحباط التي يعيشها المواطن ليس بسببهم بل بسبب غيرهم، وانهم انقياء والفساد من غيرهم، وانهم الوطنيون وخيانة التنسيق الأمني جرم يقترفه غيرهم...الخ
جميل جدا الانتماء ولكن لا ان يصل حد التقديس فالجميل اكثر ان نكون منتمين صادقين اوفياء وان تكون لنا وعندنا الجرأة ان نعترف بأخطائنا ونعمل بشراكة وطنية على تجاوزها، والأجمل بكثير ايضا ان نعتذر لشعبنا الذي لا زال يراهن على قياداتنا بكل الفصائل ان تذهب به الى بر الأمن والأمان والاستقلال، شعبنا الذي ذاق كل عذابات الكون بسبب الاحتلال البغيض من حقه على القيادة الفصائلية ان تتلمس عذاباته وتعتذر له عن ما سببت له من خيبات.
ان من الغباء الوطني والغباء السياسي ان يحيط فصيل وطني نفسه بعباءة الدين ليكون هو المؤمن وما سواه الا كفار، وليس وغباء جدا ان يحيط نفسه بكم هائل جدا من المواطنين الذين يناصبونه الادعاء ويكنون له كم هائل من عدم الثقة .
ومن غير الذكاء ايضا الاشتباك مع الجماهير الحاضنة، ومن الغباء ايضا كسب دولة بحجم مدينة صديقة تحت مسمى اجندة خارجية ومناصبة العداء لدولة عظمى ودول اخرى.
ان حركة التحرر الوطني في منظمة التحرير الفلسطينية واضحة كل الوضوح في موقفها وتعاملها مع الشان العربي والدولي اذ (تلتزم بالحياد ولا تتدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة عربية.وترفض كل أنواع التدخل والوصاية والتبعية.والشعب العربي الفلسطيني هو صاحب الحق الأول والأصيل في تحرير واسترداد وطنه ويحدد موقفه من كافة الدول والقوى على أساس مواقفها من قضيته ومدى دعمها له في ثورته لتحقيق أهدافه.).
وليس من الحكمة بل من الغباء جدا استغباء الجماهير الفلسطينية المتجذرة في انتمائها وعطائها وتضحياتها فهي جماهير استثناء تعي بذكائها الفطري الغث من السمين ولا تنطلي عليها الأعيب السياسية وحيل السياسيين.
حوارات وجلسات كثيرة حول قضية الوحدة الوطنية وعودة الانقلاب عن فعلته لم تؤت أكلها حتى اللحظة، فالانقلاب في غزة حدث بفعل قوة فلسطينية انقلبت على الشرعية ولا زالت قائمة لم تأت قوة من السماء لتستولي على القطاع بكل مكوناته.
جلسات هدفها ازالة الخلاقات والعودة بالكل الفلسطيني بمظلته منظمة التحرير الى مربع المقاومة المشروعة بكل اشكالها من اجل كنس الاحتلال والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد شعبنا وقضيتنا وقدسنا.
لقد سئم العالم العربي والغربي منا ولكنه لم يسئم من القضية الفلسطينية لانها قضية عادلة وقضية حق لشعب تكالبت عليه اسرائيل بقوتها العسكرية الاحتلالية ومن يصطفون معها. سئم منا العرب والعالم برمته لانهم يعترفون بمنظمة التحرير وبعضنا يخرج عليا ليتنصل منها.
سئمنا من بعضنا فبات التخوين والتكفير والتحقير بلا أي واعز ديني او أخلاقي او وطني وصمة نصم بها من يناصبنا الانتقاد او الاختلاف.
سئمنا العالم لاننا نجلس لنتفق فنخرج متفقين على ان لا نتفق.
في لقاء مطول مع الدكتور احمد مجدلاني لاطلاعنا على ما الت اليه جلسة الحوار الاخيرة في موسكو قال: قال لنا نائب وزير الخارجية الروسي(اصدقائي الفلسطينيون من الصعب ان تلحقوا بالمتغيرات في العالم ان بقيتم منقسمين وعليكم ان تعلموا ان اعداء الشعب الفلسطيني يستغلون انقسامكم، وهذه نصيحة من صديقكم لاربعين عام.)
في كل النظم الداخلية لكل الحركات الفلسطينية لا يختلف نظامين على وحدة الصف ولا على فلسطين ولا على تحرير فلسطين ولا على الاستقلال وإقامة الدولة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف..
على ماذا اذا الاختلاف؟ والى متى ستظل فصائلنا تقول وتقول وتقول ثم تصدق ما تقول ولا تفعل! ولماذا التماهى والامعان في صناعة المزيد من البغضاء والعداء وتفنن الفصائل الوطنية في صناعة اللامبالاة للجماهير الفلسطينية امام كل التحديات، الاحتلال جاثم على صدورنا وارضنا.. والوضع الساسي صعب والاقتصادي قاسي، والوضع الاجتماعي ينحدر حيث واجهات الاعلام مليئة باخبار واحدث القتل وتفشي الجريمة والمخدرات والمواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك البشري. ودخل متوسط الفرد لا يلبي اطلاقا الاحتياجات الضرورية حيث الارتفاع في كلفة سلة المشتريات البيتية اليومية، وعدم مساواتها بمستوى الرواتب؟ نحن في حال لا نحسد عليه....
اعان الله القيادة وعذرا فلسطين وعذرا ايها الشعب شعب الجبارين وعذرا للعالم الذي يرى ان القدس عاصمة لفلسطين.