الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

غزة بدها تعيش

نشر بتاريخ: 17/03/2019 ( آخر تحديث: 17/03/2019 الساعة: 14:25 )

الكاتب: بهاء رحال

غزة والبحث عن لقمة عيش كريم في غابة الأشرار، يا لها من معادلة قاسية، ويا لجبروت الذين يقفون فوق بطون الفقراء، يهتفون باسم الله والوطن والدين، ويتنافخون شرفاً وعزة وجهالة، فما أوقح القتلة الذي يدافعون عن سياسة الأشرار، وما أقبح الفكرة التي لا تدفع الظلم عن البسطاء والفقراء والعاديين الطامحين بحياة تشبه الحياة، وما للعالم من مفر؛ ذلك العالم الذي يقف صامتاً أمام ظلم الاحتلال الذي يفرض حصاراً بشعاً وقاهراً على غزة الأبية الصامدة الصابرة، القادرة على النجاة من كل ما يخطط لها.
قسوة العيش وبؤس الحال وظروف الحصار القاهر الظالم الذي امتد لسنوات طويلة، من قبل الاحتلال الاسرئيلي الذي يحاصر القطاع ويفرض شروط حياة مستحيلة، ويضع المواطن الغزي في وضع لا يحسد عليه، ويفرض ظلماً على نحو قاس جداً، جعل الناس تخرج لتطالب بأبسط حقوقها في العيش، وقد يخرجت ليسمع العالم كله صوتها، إلا أن ظلم الأقربون أشد وأصعب.
ما كان الناس في غزة لتصبر على كل أشكال الظلم، لولا إيمانها بحتمية الصمود في وجه عدو لا يرحم، ولكن لا أحد يمكنه أن يحتمل أكثر مما احتملته غزة طيلة العقود الماضية، وقد قدمت صوراً مشرقة وأعطت العالم أجمع دروساً في الصبر والصمود والتحدي، وكان لها الحق في العيش كباقي شعوب الأرض، وأن تتنفس الهواء النقي بملء رئتيها الباسمتين، إلا أن الواقع فرض ظروفاً أكثر قسوة وشروطاً مستحيلة العيش، فمنعت عن الناس الكهرباء والمياه الصالحة للانسان، والطعام وحرية الحركة والتنقل، كما تعرض الناس في غزة لكل ما يضيق عليهم فسحة العيش التي يسعون إليها، فخرجوا من كل صوب وحدب، ووقفوا في الساحات والطرقات والأزقة، ليسمع صوتهم العالم، لعل الانسانية تتحرك لدرء الظلم الواقع عليهم، فما كان من أجهزة الأمن هناك إلا أن قامت بعمليات قمع وتنكيل واعتقال، لكل من شارك وخرج مطالباً بلقمة عيش كريم، وهنا السؤال؛ لماذا يتم قمع صوت الناس؟ ولماذا لا تتكاتف كل الأصوات مع بعضها خاصة وأن الكل في غزة يتعرض لحصار ظالم وقاهر ومجحف؟ ولماذا يغير كرسي الحكم حال البعض؛ فيتمسك به ويجد فيمن يعارضه بأنه عدو، وعليه أن يقاتله وينازعه ويبطش به، أليس كرسي الحكم في وضعنا الفلسطيني هزيل وبائس وفقير!.
غزة التي تخرج لتسمع كل الدنيا صوتها، تطالب بحقها في الحياة، تطالب بالحرية من الحصار الجائر المفروض عليها، وتطالب بظروف حياة تشبه الحياة، وليس الأمر بعجيب أو غريب، وليس الأمر يحتاج للتأويل والتخوين والتجريح، ولكن الأمر واقعي جداً وحتمي، فما صبر عليه الناس في غزة يصل إلى شكل الأسطورة، فصمودهم وثباتهم وتحديهم شاهداً على ذلك، ولكن من حقهم أيضاً أن يخرجوا ضد الحصار، وأن يطالبوا بظروف معيشة تمكنهم من الاستمرار في العيش بثبات وصمود، وتمنحهم الأمل. فهل خروج الناس في غزة يحتاج كل هذا القمع، أم أن للحكم لذة لا يعرفها الناس ولهذا يتمسك بها الحاكم ويستعين بالجلادين من أتباعه ليفتكوا ويبطشوا بهذا الشكل الذي رأيناه جميعنا.
كان الله في عون غزة