الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

العنف وضرورات المواجهة

نشر بتاريخ: 14/06/2019 ( آخر تحديث: 14/06/2019 الساعة: 14:02 )

الكاتب: ماهر حسين

نعيش هذه الأيام ونحن في ظل تصاعد كبير لأعمال العنف المجتمعي في فلسطين حيث بات من المعتاد أن تستمع الى قصة تنتهي بعنف فتكون نهاية القصة (ضربته) (أدبته) (هددته) وهناك كلمات أسوء ،فنحن ورغم تحديات البقاء وضرورات الصمود السياسي والوطني نعيش في زمن من الممكن فيه لأي سائق بأن يحاول الإعتداء على سائق أخر إذا ضاقت بسببه الطريق بل بات أقل ما لدينا هو الشتم أثناء قيادة السيارة ، شتم للمارة التي تشتم السائق وشتم للسائقين الاخرين الذين يشتموا السائق نفسه وبالطبع قد يشتم المارة والسائقين الشرطي الواقف على الطريق لحل مشاكلهم .
بل وللأسف بات من المعتاد الإعتداء الإعتداء اللفظي والجسدي على الموظفين بمراكز الخدمية الحكومية وللحق بات من الطبيعي أن يقوم موظف بتحويل مشاكله الى غضب كبير ضد المواطنين أو المراجعين ، ومع كل ما سبق هناك طبعا" الاعتداء الجسدي على الزوجات والعكس صحيح وهناك عنف أسري يمارس ضد الأطفال وللأسف بتنا لا نستغرب بأن نستمع كذلك عن عنف أسري ضد الأباء أنفسهم فتجد إبن يعتدي على أبيه مثلا" وهناك مشاكل عائلية تؤدي الى عنف متبادل .
لا مجال لحصر المشاكل التي بتنا نسمع عنها فهناك مشاكل الزواج وهناك مشاكل الإرث وهناك مشاكل عنصرية وهناك للأسف محاولات لخلق فتنة دينية بين أبناء الوطن وبل بين أبناء الدين الواحد .
كل ما سبق بات من الممكن أن تستمع له في يومك العادي وبالمقابل هناك ما يدور الحديث حوله بالغرف المغلقة وأتحدث عن الإعتداء الجنسي والعلاقات الغير مشروعه والإبتزاز الجنسي والتحرش بل إنني قرأت عن حالات غير مسبوقة من التحرش في الأسرة الواحدة وعلاقات سفاح القربى.
كل ذلك في فلسطين وأكرر كل ذلك في وطني فلسطين .
عنف في كل مكان ، في البيت وفي الشارع وفي مكان العمل وفي السوق وبين أفراد الأسرة والعائلة الواحدة وفي القرية والمخيم والمدينة .
وفي ظل هذه الأجواء هناك إشاعات وهناك مزاودات وهناك تصفيق وهناك معارضة دائمة لا تتوقف عن المعارضة ولا تقوم بشيئ سوى أنها تعارض، للأسف نعيش في أجواء بات الكل فيهـــــــا يتحدث في الأمر العام بغير علم وبات الرأي العام حائر بين من يعي ما يقول ومن لا يعي ما يقول والمشكلة بأن الكل يقول ما يريد بلا رادع وبلا تفكير .
هناك الكثير من الحيرة لدى العامة بين من يقول ما يريد ومن يقول ما يجب أن يقول دفاعا" عن هذا او ذاك بحكم المصلحة وهناك تناقضات بين الضمير والعقل وبين السياسة والسياسي والتناقض الأخطر بين الدين ورجال الدين .
وللأسف أقر وأعترف بأننا نعيش في فراغ تنظيمي كبير فتجد البعض يؤيد الديمقراطية هنا ويؤيد الديكتاتورية والتوريث هناك وتجد المقاوم غير مقاوم تماما" وتسمع في النقاشات ما يثير الفتنة وما يٌشير الى التبعية وغياب العقل والمنطق وللأسف بات النقاش بين الفلسطيني والفلسطيني نقاش عنيف وهناك تعنيف كبير وهناك فقدان ثقة في الذات وفي الوطنية الفلسطينية فتجد هذا يشتم وهذا يكفر والعياذ بالله وهذا يٌكفر من يريد وبالطبع هناك تخوين وهذا للأسف يحدث بين مثقفين ومن مجموعة يجب أن تكون طليعية ولكن الإحباط والفشل والبٌعد عن الواقع والعٌزلة جعلت هذه الطليعة فارغة تعيش في فراغ سياسي وتنظيمي وبلا أي مبرر لوجودها حتى لنفسها .
ولقد بات العنف اللفظي جزء من حياتنا وتعبير عن حالنا وللأسف وهذا يظهر بشكل كبير عبر وسائل التواصل الإجتماعي التي تضج بالكلام والبلوك وبالشتائم عند الرد على أي مخالف أو مجتهد برأي اخر وكأننا لا نعي بأن الإختلاف رحمة وأن التباين قوة وتكامل .
نعيش عنف لفظي طاغي ونعيش عنف مجتمعي بات يحكمنا فيه عادات متخلفة جعلت من دية القتيل فنجان قهوة فتكرر القتل العمد والغير عمد بسبب بعض العادات التي تجد حل لهذا الأمر بفنجان قهوة .
ولمواجهة هذا العنف الطاغي وبكل أنواعه علينا أن نعي بأن هناك ضرورات للتوعية في البيت و المدرسة ويجب أن تكون محاربة العنف ضمن المناهج وأظن بوجوب أن يكون هناك حملة وطنية للقضاء على العنف اللفظي والجسدي ولمحاربته ويمكن كذلك تأسيس جمعية اهلية معنية بهذا الأمر تتبنى التوعية بمخاطر العنف اللفظي والمجتمعي .
وتحتاج مواجهة العنف بالإضافة الي التوعية والتوجيه الى أجهزة أمنية مستقرة وقوية تٌطبق القانون ولا تسمح بتجاوز القانون وفرضه بالقوة ولهذا يجب دوما" أن نكون داعمين للأجهزة الامنية التي تمثل الذراع الحامي للوطن في مواجهة العنف والفوضى وأسمحوا لي أن أشير الى أن حل الأجهزة الأمنية لا يجب أن يكون أمر مطروح مهما بلغت الصعوبات المالية التي تواجهها الحكومة الفلسطينية فهؤلاء هم حماة الوطن والمواطن .
ظاهرة العنف اللفظي والجسدي تقتضي منا موقف وتحرك جاد لمواجهة هذا الأمر الذي بات يشكل خطر على مجتمعنا الفلسطيني .