الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

رحلتي...

نشر بتاريخ: 10/08/2019 ( آخر تحديث: 10/08/2019 الساعة: 13:29 )

الكاتب: خالد جميل مسمار

نعود من حيث أتيت
أخذت القطار الآخر وقد عضني الجوع والعطش واشتد ظلام الليل .. جلست في احدى القمرات (الفلكونات) واذا بشاب يدخل ليشاركني المكان وبيده رغيف فينو طويل ورول سلامي، أومأ لي بابتسامة وجلس وأخذ يأكل امام هذا الجائع العطش! آه على لقمة واحدة .. ثم دخلت سيدة ومعها طفلان سألت الشاب ان كان يعرف الانجليزية هز رأسه بالنفي فكلمتها بلغتها وأحسست بفرح انني وجدت من يفهم علي ويبدو انها هي كذلك .. قالت انها المرة الاولى التي تذهب فيها الى مدريد وقلت لها وأنا كذلك ارادت ان يدلها أحد على عنوان تريد الذهاب اليه قلت سنتعاون على ذلك عندما نصل. ودخل القمرة مجموعة من الشباب والفتيات فامتلأت واتضح لي ان هذه المجموعة هم من الاسبان.
دخلنا يوما آخر وكنت أغفو من التعب والارهاق بين الفينة والاخرى. سألت احد الشباب الاسبان ان كان يعرف الانجليزية فانفرجت أساريره وعلمت انه يتعلم الانجليزية ولكنه لا يتقنها تماما. المهم اننا استطعنا ان نتفاهم وأخبرته انني اريد ان اتوجه الى السفارة المصرية حتى استدل على زملائي الذين سبقوني وكلهم مصريون لكني لا اعرف للسفارة رقم هاتف. قال: سنتدبر أمرنا عند وصولنا الى كابينة الهاتف. وبالفعل عند وصولنا مدريد ونزولنا من القطار توجه بي الى كابينة الهاتف لكن السفارة لا ترد فوقت الدوام انتهى. ماذا أفعل؟ تذكرت ان احد زملائي المقيمين معي في المدينة الجامعية مدينة البعوث الاسلامية التابعة لجامعة الأزهر اعطاني رسالة موجهة الى أخيه المقيم في مدريد عندما علم انني سأسافر الى هناك. لذلك طلبت من الشاب الاسباني ان يدلني على العنوان فأرشدني الى سيارة تكسي وهي ستقلني الى هناك، وكنت قد حولت الفرنك الفرنسي الى بيزيتة الاسبانية.
اقلتني السيارة الى عنوان شقيق زميلي الذي يدرس في اسبانيا. وصلت الشقة وطرقت الباب وعرفت بنفسي وانني حامل رسالة الى فلان من أخيه هل هو موجود, علمت ان هذا العنوان ليس مسكنه وانما هو مصلّى أو مسجد داخل شقة للطلاب العرب والمسلمين هناك. فدعوني للدخول وكان الجو حارا خاصة ونحن في تموز وكانت فرصة انني توضأت وصليت وشربت الماء البارد وأخبرت الشباب بقصتي وانني اريد الذهاب الى السفارة المصرية، فاقترح عليّ احد الشباب ان اذهب الى فندق صغير لأمكث اليوم هناك ومن الفندق نتصل في اليوم التالي بالسفارة .. كنت اطمع ان اجد شقيق زميلي الذي أحمل له رسالة ليساعدني ببعض النقود التي أعوضه اياها عند عودتي لأدفعها الى شقيقه ولكن خاب فألي.
تبرع الطالب الذي استقبلني في المصلّى ان يذهب بي الى مطعم لا يوجد فيه لحم خنزير وحذرني من بعض المطاعم وساعدني بالسكن في بنسيون صغير ورخيص تمتلكه امرأة عجوز وقال لي سأمر عليك غدا صباحا لنتصل أو ادلك على السفارة المصرية حيث انه يتقن اللغة الاسبانية، وفعلا ما ان وصلت السفارة المصرية الا وأجد زملائي وزميلاتي المصريين يخرجون من السفارة وكانت مفاجأة سارة لهم كيف اني استطعت اللحاق بهم, ولكن للاسف كانوا قد أنهوا زيارة مدريد ويريدون التوجة الى باريس اليوم!! وقد زاروا قرطبة ومسجدها الشهير وشاهدوا قصور الأندلس التي كنت أمنّي النفس ان ازورها معهم ولكن ..!
نعود من حيث أتيت .. نعود الى باريس ولكن هذه المرة مع المجموعة التي جهدت للالتحاق بها.