الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانقسام خيانه وطنيه

نشر بتاريخ: 22/09/2019 ( آخر تحديث: 22/09/2019 الساعة: 14:50 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

لم يعد بالامكان قبول اي تفسير او تبرير لاستمرار هذا الانقسام بين شطري الوطن او ما تبقى منه غير انه فعلا خيانه وطنيه لما فيه من تقاطعات مع المصلحه الصهيونيه التي ما فتأت تعمل جاهده على فصل القطاع عن بقية الارض الفلسطينيه وتحديدا منذ 2005 ورحيل شارون بمستوطنيه وجيشه عن ارض غزه بعد ان اصبحت قنبله سكانيه موقوته لها مفاعيل تدميريه على المخطط البنيوي لدولة الكيان اكثر من القنبله النوويه عديمة القيمه لانها لو انفجرت فانها ستهدم المعبد على كل من فيه الاسرائيلي قبل العربي .
ثلثي السكان في غزه هم من اللاجئين الذين أُجبرو على اللجوء القسري او بالاحرى الابعاد عن اراضيهم وبيوتهم المبنيه بعرق وسواعد كنعانيه لافساح المجال لقيام كيان صهيوني عنصري، ما يجعل من هذا الابعاد نقطة عارعلى جبين البشريه جمعاء وجريمه ضد الانسانيه ارتكبها الصهاينه وكل من شاركهم غريبا كان ام قريب في مؤامرة احلال شعب مكان شعب اخر الامر الذي يؤكد على ان فصل غزه عن الوطن الام يبقى هدف لا رجعة عنه في الفلسفه الصهيونيه لدرجة التمني باختفاء غزه من الوجود كما كانت رغبة رابين الذي تمنى ان يفتح عينيه صباح يوم ويجد ان البحر قد ابتلع غزه بمن فيها، ليس هو فقط وانما ليبرمان الذي اصبح يملك مفاتيح الحكم لهذا الكيان بعد ان كان حارسا لمواخيره كانت له وجهة نظر اخرى وهي الخلاص اوالتخلص من غزه على نفس الطريقه الاميركيه في هيروشيما سنة 1945 خصوصا وانه يعرف ان لكيانه الصهيوني نفس الامكانيات النوويه التي اشرنا اليها انفا.
ما سبق يوضح سبب الاغراءات الصهيونيه لقيادات وطنيه فلسطينيه في السابق من اجل القبول باقامة دوله فلسطين على ارض غزه مع بعض اضافات من النقب او سيناء لاستيعاب عدد اخر من اللاجئين في دول الجوار وهو الامر الذي لم يتم رفضه من هذه القيادات فقط وحسب بل ايضا لعدم وجود زعيم وطني فلسطيني في حينه يقبل بذلك الى ان جاءت قيادات حمساويه لا ترى في فلسطين اكثر من "سواك اسنان" .
من هنا كان اصرار القياده الوطنيه الفلسطينيه في اوائل تسعينات القرن الماضي على ضم ولو متر واحد من ارض الضفه لجغرافيا المرحله الاولى من مشروع الارض مقابل السلام المرحلي المسمى اوسلو وكانت غزه واريحا اولا، حتى لا ينحصر تطوير البنيه التحتيه وبناء المؤسسات في جغرافيه غزه وحتى لا تصبح غزه امر واقع اقليمي ودولي وهو ما كان سيؤدي الى خضوع دولي للضغط الصهيوني بالقبول بالاعتراف بدولة للفلسطينيين في غزه .
كان في اصرار القياده الفلسطينيه على ضم اريحا الى جغرافية المرحله الاولى للدوله العتيده وما تلى ذلك من الانسحابات الاحتلاليه من المدن الفلسطينيه رؤيا اتضحت معالمها بعد ان تم اغتيال رابين على يد ارهابي صهيوني يميني مع سبق الاصرار وذلك بسبب قبول رابين بالاقرار على وحدة غزه والضفه جغرافيا وبهذا الاعتراف يكون قد افشل المخطط الصهيوني والحلم الذي ما زال قائما في اقامة اسرئيل الكبرى او على الاقل ضم ما يسمونه يهودا والسامره لكيانهم القائم منذ سنة 48 وهو ما فتأت تعمل عليه ادوات اليمين بزعامة النتن ياهو من اجل فصل غزه واعلانها دوله للفلسطينيين ولكن ليس قبل ايجاد شريك فلسطيني يقبل بهذه الخيانه وذلك استكمالا للمشروع الذي بدأه شارون في 2005 بانسحابه كما اسلفنا من جانب واحد وبدون اي تنسيق مع السلطه الوطنيه الفلسطينيه التي كانت تحكم غزه في حينه .
هذا الانسحاب الشاروني كان مجرد فخ لنسف اتفاق رابين عرفات المرحلي (اوسلو) او ما تبقى منه وذلك قبل ان يتحول الى واقع في اقامة الدوله الفلسطينيه على حدود الرابع من حزيران وبما يتفق مع قرارات الشرعيه الدوليه وتحديدا القرارات 242 و 338.
وذلك بعد ان كان شارون قد نصب فخه الاول سنة 1973 في خلق واقع جيوديمغرافي بمشروعه الاستيطاني في الضفه الفلسطينيه ليمنع به قيام دوله فلسطينيه حتى لو ارادت اميركا ذلك وهو ما كان قد صرح به في رسالة بعث بها في حينه الى تشرشيل الثالث وكان صحفيا.
كيل الاتهامات لمن يحكم الان في غزه لم يعد يجدي لانه يبدوا ان ذلك اصبح سلاح تستخدمه حماس للتغطيه على مخططها الاخواني على اعتبار ان من يعارضها هو منحاز للطرف الاخر وهو حركة فتح اذ يبدو ان حماس نجحت في تغليف وربما تبرير كل ما ارتكبته من دمار وتدمير للمشروع الوطني منذ اليوم الاول الذي اختطفت فيه غزه الرئه الثانيه للدوله الفلسطينيه ومعاناة الناس تحت حكمها هناك وتقزيم كل ذلك بجعله مجرد خلاف فصائلي بينها وبين حركة فتح .
في هذا السياق اقول ان حماس الاخوانيه نجحت في ذلك الى درجه معينه بعد ان ابقت على وهم الصراع الفصائلي كشماعه يختفي ورائها كل تداعيات هذا الانقسام الذي اوشك على ان يصبح انفصال والذي هو في واقع الامر كابوسا يغض مضاجع كل الفلسطينيين في كافة اماكن تواجدهم داخل الوطن وخارجه كونه يبعدهم في كل يوم يستمر فيه هذا الانقسام /الانفصال يبعدهم اكثر عن حلم الدوله ودفئها السيادي وحلم لم الشمل تحت سقف واحد وراية واحده.
وعليه اعتقد ان الوقت قد حان للنخوة الوطنيه وللكرامه الوطنيه الفلسطينيه ان تنهض لتطغى وتحل محل اي مصلحه حزبيه او فصائليه ضيقه من اجل انهاء هذا الانقسام الكابوس لان استمراره سيعود وبالا على كل من يعمل على هذا الاستمرار لان الشعب الفسطيني بلغ سن الرشد وهو قادر على التمييز بين الغث والسمين ، فقط اعطوا هذا الشعب الحق ليقول كلمته في انتخابات حره ونزيهه واستدعوا كل شياطين الارض ان شئتم لتراقب هذا الانتخابات ولكن لا تبقوا جاثمين على صدر الشعب دون ارادته فلديه من الوسائل ان ينهي كابوسه بيده ان فرض عليه ذلك ولكنها ستكون نهايه مدمره له ولكم وهذا ما لا يريده اي عاقل منا لاننا ما زلنا من انصار ودعاة ان يكون الشعب وقيادته التي يختارها طوعا يدا واحده من اجل تحقيق الحلم الذي تاخر تحقيقه زمنا طال بطول الانقسام.