الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتخابات وسبل ضمان إجرائها

نشر بتاريخ: 06/10/2019 ( آخر تحديث: 06/10/2019 الساعة: 19:00 )

الكاتب: د.مصطفى البرغوثي

لا حاجة لتكرار ما هو معروف بأن الإنتخابات الفلسطينية قد تأخرت كثيرا عن مواعيدها، ولا حاجة لتأكيد المطلب الشعبي الواسع بضرورة إجرائها وإعطاء الشعب حقه الطبيعي في اختيار قياداته.
كما أننا لسنا بحاجة للتذكير بخطورة غياب مبدأ فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بسبب تعطيل المجلس التشريعي لسنوات، ثم حله، وبسبب تأخر الانتخابات عن موعدها. خاصة أن هناك جيل فلسطيني كامل من الشباب، يمثل اليوم جزءا كبيرا من الناخبين، لم تتح له أي فرصة للمشاركة في الانتخابات سابقا.
السؤال الأكبر، ما هي السبل لتجاوز الصعوبات التي ستواجه إجراء الانتخابات، والتي تكمن في ثلاثة أمور، حالة الإنقسام القائم، ومعارضة إسرائيل لإجراء الانتخابات في القدس وربما بشكل عام، وكيفية ضمان سلامة الانتخابات الديمقراطية في الضفة وعلى رأسها القدس وفي قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالعائق الأول، والذي كان مبرر تأخير الإنتخابات عن مواعيدها، وهو الإنقسام الداخلي، فإن المنطق يتطلب الشروع الفوري بتطبيق اتفاقات المصالحة، لضمان مشاركة الجميع في الانتخابات، والبدء بحوار يشمل كل القوى لاعتماد مبدأ النسبية الكاملة في إنتخابات المجلس التشريعي، واعتبار هذه الإنتخابات مدخلا لإستكمال انتخابات المجلس الوطني في كل مكان باعتبار أن المُنتخبين من أعضاء المجلس التشريعي، أو البرلمان، سيكونون أعضاء في المجلس الوطني ممثلين عن الضفة الغربية والقدس والقطاع كما جرى سابقا.
ويشكل نجاح هذا الحوار، ضمانة ليس فقط لإجراء الإنتخابات في الضفة والقطاع دون إستثناء، بل سيمثل أيضا ضمانة لحرية الدعاية الإنتخابية، والنشاط السياسي والتنظيمي، ولحرية الرأي والتعبير، ولسلامة الإنتخابات نفسها في يوم الاقتراع، وهي جميعها شروط أساسية لصحة العملية الإنتخابية.
ولكن ما الذي يمكن فعله إن استمر الانقسام وفشلت القوى في تطبيق ما اتفقت عليه من اتفاقات المصالحة؟
ما الذي يمكن عمله حتى لا يصبح هذا الفشل مبرر وذريعة مجددة لعدم إجراء الانتخابات، أو لتقديم أطروحات خطيرة سياسيا كإجرائها في الضفة دون غزة، بكل ما يمكن أن يحدثه ذلك من كوارث سياسية على القضية الوطنية؟
برأينا، أن التوافق الوطني هو الأفضل بكل المعايير، ولكن في حال استحالة ذلك، ولضمان إجراء الانتخابات وإعطاء الشعب حقه، يمكن أن تشكل الإنتخابات مدخلا لإنهاء الإنقسام بدلا عن أن تكون نتيجة له شريطة التوافق أولا على منح لجنة الإنتخابات المركزية الصلاحيات والإمكانيات الكاملة لإدارة العملية فنيا دون مضايقة أو إعاقة، وثانيا تشكيل لجنة وطنية مستقلة تماما، ومتفق عليها، ومخولة بالكامل، لإنفاذ مهمة توفير الأجواء اللازمة لإجراء عملية الإنتخابات بكل مكوناتها من دعاية ونشاط سياسي دون مضايقة في الضفة والقطاع، وأن تكون لها صلاحية التدخل لإزالة أي عقبات تقف في طريق ذلك؟
فإما أن يتصالح الجميع ويجروا الانتخابات الديمقراطية ، أو يتفقوا على لجنة وطنية مستقلة تضمن سلامة العملية الانتخابية ويحترموا قراراتها. على أن تتم العملية الإنتخابية بحضور دولي كبير وخاصة من الأمم المتحدة، لتأكيد نزاهة العملية.
أما العقبة الثانية، فهي إعتراض إسرائيل المتوقع على إجراء الإنتخابات عموما، وعلى إجرائها في القدس تحديدا.
وبهذا الشأن يجب التوافق على أن من المُحرم السماح لإسرائيل وحكومتها بأن تكون هي المقرر في إجراء الإنتخابات الفلسطينية أو عدمها، بل يجب التصدي بكل حزم لمحاولاتها التدخل في استقلالية القرار الفلسطيني.
وفيما يتعلق بالقدس فإن من واجبنا أن نجد الوسائل في حال فشلت الضغوط الدولية على إسرائيل للسماح بإجرائها، وذلك متوقع، أن نجد الوسائل لإجراء الإنتخابات في القدس رغم أنف حكام إسرائيل، وهناك عشرات الوسائل التي ستمكننا من جعل الإنتخابات الديمقراطية في القدس وسيلة من وسائل المقاومة الشعبية الفعالة، بل وجعلها فرصة لفضح حكام إسرائيل أمام العالم باعتبارهم قامعين للديموقراطية ولحق الشعب في إجراء الإنتخابات الحرة.
أما ضمان سلامة الانتخابات فيتطلب توقيع كافة القوى المشاركة، لميثاق نزاهة الإنتخابات وتطبيقه حرفيا، بما يشمل حرية الرأي والتعبير وحرية الدعاية الانتخابية، وضمان عدالة توازن الإعلام والتمويل، والتطبيق الدقيق للقانون الذي يمنع الأحزاب السياسية من إستخدام المؤسسات ووسائل الدعاية العامة والرسمية لصالحها.
هناك عقبات ومصاعب وتحديات، وهناك حلول لها، إن توفرت النية الصادقة لاحترام حق الشعب الفلسطيني في إجراء إنتخابات طال انتظارها.
*الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية