الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

استقطاب الكفاءات الطبية ودعم البنية التحتية أفضل من التحويلات للخارج

نشر بتاريخ: 15/10/2019 ( آخر تحديث: 15/10/2019 الساعة: 15:14 )

الكاتب: ياسر عبيدالله

تتخبط الحكومة في البحث عن حلول لمشكلة التحويلات الطبية للمشافي الإسرائيلية والخارج (المشافي العربية والأوروبية والأمريكية)، حيث تصرف الحكومة مبالغ ضخمة سنويا نتيجة ارتفاع فاتورة التحويلات الطبية. وللأسف عجزت الحكومات المتعاقبة عن إيجاد حلول منطقية قابلة للتطبيق؛ مستندة الى الاعتماد على الكادر الطبي في الوظيفة الحكومية، بعيدة عن الحلول الأكثر نجاعة لمعالجة المشكلة. وللعلم ليست قضية التحويلات هي الأولى من بين القضايا التي عجزت الحكومات المتعاقبة عن حلها فهناك قضايا أخرى مثل: بطالة الخريجين وقد صلت الى اكثر من 56% وفي بعض التخصصات تجاوزت 90% دون حلول حتى الان .
الابتعاث وقد تحدثت عنه في مقال بعنوان "الابتعاث التخصصي رافعة الانفكاك عن الاحتلال" هو أحد الحلول الاستراتيجية وتحتاج الى مدة زمنية تتراوح ما بين 5-10 سنوات؛ على ان يكون شاملا لكافة التخصصات التي يتم تحويل المرضى على أساسها للمشافي الإسرائيلية والخارجية، وفاتورة الابتعاث لن تتجاوز فاتورة شهر واحد من قيمة المبالغ التي تدفع على التحويلات الطبية حالياً.
الا ان الاستقطاب للكفاءات الطبية الفلسطينية المتبعثرة في المشافي الإسرائيلية والدول العربية والاوربية وفي أمريكا أيضا يمكن الاستثمار بها وتشجيع عودة العقول المهجرة الى الوطن. وبحسبة سريعة فان أي مبالغ تدفع لهؤلاء لن تصل الى ما نسبته (10%) من قيمة الفاتورة السنوية المدفوعة من خزينة السلطة للمشافي الإسرائيلية والأجنبية والعربية، وحتى استقطاب الكفاءات الطبية العربية والأجنبية في التخصصات النادرة يبقى اوفر بكثير من التحويل للمشافي الإسرائيلية والخارجية.
ومع احترامنا لعمقنا العربي ولدولة مصر العربية والتي تقع ضمن اسوأ عشرين دولة في العالم في مجال الرعاية الصحية، وحالها يشبه واقعنا من حيث التحويلات للخارج، فالفقراء يعالجون في المشافي المصرية والميسورون والمسؤولون يعالجون في المشافي الأجنبية، إضافة الى ان تكلفة السفر للمريض ومرافقه مع تكاليف المعيشة لن تكون اوفر من التحويلات للخارج. صحيح أنها قد تكون اقل كلفة على خزينة الدولة الا انها أكثر كلفة على المريض وأهله.
تبقى الحلول المنطقية والأكثر نجاعة الان وغدا والى الابد هي: الابتعاث الطبي في كافة التخصصات مع الاستقطاب للكفاءات الطبية الفلسطينية أينما وجدت، والاستقطاب للكفاءات العربية والأجنبية في التخصصات النادرة وبالتوازي مع تطوير البنية التحتية للمشافي والصناعة الدوائية. فالشعب الفلسطيني يستثمر في كفاءاته الطبية من كل دول العالم بما فيها دولة الاحتلال ونحن ما زلنا نبحث عن النجدة العربية والأجنبية في حل مشكلاتنا في القطاع الصحي.
باعتقادي ان الإرادة السياسية المستندة على الإرادة الشعبية والمشكلة للإرادة الوطنية القادرة على الصمود والانفكاك عن الاحتلال، هي التي تمكن أي حكومة جادة وعازمة على الاستغناء عن خدمات الاحتلال في المجال الطبي وفي كافة المجالات الأخرى، وذلك بشرط الاعتماد على الخيارات السليمة في اختيار المسؤولين ، والعدالة في الابتعاث ، والايمان في قدرة الشباب الفلسطيني على الابداع، وتفضيل المصلحة العامة على الخاصة، واحترام عقول المواطنين وعدم الاستخفاف بها، وإعادة النظر في كثير من القوانين والسياسات التي تعيق عملية تحقيق التمية المستدامة .