الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

اتعظوا يا أولي الألباب

نشر بتاريخ: 19/10/2019 ( آخر تحديث: 19/10/2019 الساعة: 17:41 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

السلطات الحاكمة في فلسطين تعيش حالة انكار دائمة ومتمسكة بالسلطة ومغرياتها ومستمرة في موارة الفشل والعجز والفساد، وتسيطر عليها عقلية المؤامرة والأجندات الخارجية، فالسلطة “الشرعية” في رام الله ادعت الانتصار في معركة المفاوضات الشاقة حسب قولها على استرداد أموال المقاصة والانتصار في مواجهة مؤامرة صفقة القرن وإفشالها، والسلطة غير “الشرعية” في غزة تدعي انها دشنت انتصارها بهزيمة الاحتلال من خلال تفاهمات مسيرات العودة وكسر الحصار بالدولار والسولار.
السلطات الحاكمة تتعامل مع الناس برؤية أمنية غبية بعدم احترام حقوق الانسان، والحريات العامة في تراجع مستمر بالتضييق على المجتمع المدني والعمل الأهلي وفرض قيود تقويض عمله، وعدم قدرتها على السيطرة على مواردها الطبيعية التي تسيطر عليها دولة الاحتلال، وتتبع السلطتين سياسات اقتصادية واجتماعية تمييزية، قائمة على المنح والقروض والضرائب والرسوم، وتستهين بالناس وحقوقهم وآمالهم وأحلامهم ومصالحهم.
ما يعيشه الفلسطينيون من أوضاع اقتصادية واجتماعية كارثية وفقر وبطالة بفضل إجراءات عقابية كارثية أوصلت الناس للعوز والفقر المدقع وإهانة الكرامة الإنسانية المتأصلة فيهم.
السلطات الحاكمة تهرب من حقيقة فشلها على جميع الأصعدة، وتدعي انها تواجه المشروع الصهيوني والأمريكي، وهي تحافظ على مصالحها ومصالح المستفيدين منها، ولا تمتلك الإرادة بالتوقف لفترة من الزمن والقيام بجردة حساب لسنوات الانقسام والضياع الذي تعيشه تلك السلطات، وانعكاسه على المشروع الوطني والقضية الفلسطينية.
أزمة أموال المقاصة مع إسرائيل كشفت عورة السلطة وعمقت أزمتها التي استمرت ستة أشهر لم تستطع مواجهتها واضطرت للتنازل وعقد صفقة مع إسرائيل للخروج بأقل الخسائر خشية من هبة الشارع ومع ذلك لم ترمم خسارتها امام الناس الذين ينتظروا نتائج لجان فك الارتباط مع إسرائيل، والتمويل الأمريكي شبه متوقف باستثناء الدفع للأجهزة الأمنية.
القضية الفلسطينية تعيش اوضاع مأساوية واسرائيل مستمرة في استكمال مشروعها الصهيوني ومشاريع ضم الضفة وفصل ما سيتبقى منها عن غزة التي تعاني العوز والفقر والجوع بسبب الحصار والعقوبات المالية وسوء الإدارة وانعدام الثقة بحكومة المقاومة التي لم تستطع توفير الحد الأدنى للعيش الكريم، وتعاني أوضاع مالية حادة وإيران أوقفت الدعم المالي السخي، وتحاول من خلال فتات الأموال القطرية ومنحة الـ ١٠٠ دولار ان تسد بعض من رمق الفقراء، وموظفيها يعانون أوضاع اقتصادية وإجتماعية ومعيشية قاسية وبعض منهم يتململ وتسترهم جدران ما تبقى من سكينة وطمأنينة في البيوت وصرخات أطفال جوعى.
السلطتان عاريتان أمام الناس وجوع الموظفين ولم توفر للناس كل متطلبات العيش الكريم في وطن تسود فيه قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، ووجدت في الانتخابات ذريعة جدية لإلهاء الناس وتضييع وقتهم في الحديث عن استحقاق وطني لا ترغب به السلطتان المدركتان ان الانتخابات ليست الحل السحري لازمة الفلسطينيين، وإنما هي اداة من الأدوات التي قد تفكك الأزمة وليس حلها وهي أزمه عدم التوافق والشراكة السياسية خاصة ان السلطتان تتنفسان بشروط الاحتلال.
لبنان انتفض على الجوع والأوضاع المعيشية والاقتصادية وسرقة الحكومة لجيوبهم وحقوقهم، ربما يكون القول ان انطلاق شرارة الانتفاضة في لبنان هو قرار فرض ضريبة على مكالمات “الواتس اب وأخواتها” سطحي، لكن هذا نتيجة وسبب من أسباب كثيرة وفي مقدمتها الاوضاع الاقتصادية القاسية والاهم السياسات والخطط القاصرة والمستمرة منذ سنوات هي التي أوصلت اللبنانيين للجوع والفقر.
عندما يجوع الشعب ويفقد صبره وتضيق به الحال والأحوال، لا يملك خيارات أخرى غير الغضب والتعبير عنه بالثورة على الحكم الظالم، ولا أحد يستطع التنبؤ متى ينفجر الشعب غضباً. فاتعظوا يا أولي الألباب.