الثلاثاء: 23/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما مدى تأثير الانتخابات الامريكية على نتنياهو والسلطة الفلسطينية؟

نشر بتاريخ: 30/10/2020 ( آخر تحديث: 30/10/2020 الساعة: 23:11 )

الكاتب: د.علي الأعور

كانت العلاقات الدولية بين الدول تقوم على سياسات الدول العظمى ممثلة في بروز تيارات وايديولوجيات ونظريات اقتصادية او سياسية ولكنها في مجملها كانت تؤثر بشكل كبير على خارطة العالم السياسية وطبيعة العلاقات الدولية وهذا ما شاهدناه في النصف الأول من القرن الماضي وكذلك في النصف الثاني من القرن الماضي عندما كان العالم يقوده قطبي الاتحاد السوفيتي سابقا والولايات المتحدة الأمريكية حيث الحرب الباردة ومن بعدها سياسة القطب الواحد ممثلة في الولايات المتحدة الامريكية .

اما اليوم فنجد ان التاريخ يعيد نفسه ولكن بأسماء وشخصيات جديدة ولعل ابرزها الرئيس ترمب الذي بدا في تنفيد سياسة في الشرق الأوسط أراد من خلالها منح إسرائيل القوة والغطرسة متحديا القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة 1949 واعتبر ان الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة هو احتلال شرعي وبدا في تطبيق الرواية الإسرائيلية الاحلالية والتي أرادها ان تحل محل الرواية الفلسطينية واعتبر ان الضفة الغربية وشرق القدس المحتلة أراضي إسرائيلية توراتية يهودية إسرائيلية و اعترف بان القدس عاصمة ابدية لإسرائيل وقام بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس اما وزير خارجيته " بومبيو" فقد اعتبر ان المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تنتهك القانون الدولي " هذه سياسة القوة وهذه الفلسفة " الترامبية" التي تقوم على احتلال للأرض بالقوة المسلحة فترة زمنية معينة تصبح مشروعة للاحتلال ويصبح الاحتلال شرعي".. وهذا يذكرنا بالمرحلة التي سبقت الحرب العالمية الثانية اما الفلسفة الترامبية الثانية فهي تقوم على نزع الاعتراف بوجود إسرائيل وحق إسرائيل في الوجود من دول المنطقة بالقوة العسكرية تارة وبالقوة الاقتصادية تارة أخرى واخرها التهديد بفتح ملفات الاغتيال السياسي وجرائم الحرب التي تقود الى محكمة الجنايات الدولية وهو ما فرضه على الامارات والبحرين والسودان وغيرها من حكام الدول العربية الذين ينتظرون نتائج الانتخابات الامريكية لاتخاذ القرار فيما يتعلق بجريمة التطبيع السياسي والثقافي والاقتصادي وفرض التطبيع على الشعوب العربية بالقوة المسلحة او السجون السرية.

والسؤال المهم : كيف يمكن ان تؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الامريكية على العالم وعلى الشرق الأوسط تحديدا؟

وهذا سؤال كبير ومهم جدا وبالتالي لا بد من الإجابة على هذا السؤال بتحليل مواقف دول الشرق الأوسط او الكتل الاقتصادية في العالم بشكل عام.

أولا إسرائيل: لا شك ان سياسة ترمب تجاه إسرائيل غيرت من خارطة إسرائيل السياسية والجغرافية ولو بشكل مؤقت حيث منحت الاحتلال الإسرائيلي شرعية ومنحت المستوطنات شرعية واخرها تصريح السفير الأمريكي في تل ابيب " دافيد فريدمان" عن تفعيل التعاون العلمي بين الجامعات الامريكية وجامعة ارائيل في مستوطنة ارائيل وهذا يعكس الشراكة الامريكية والانحياز الكامل لإسرائيل ومنح الجولان هدية لنتنياهو وكانه يورث ما لا يملك الى من لا يستحقون" وبالتالي فان نتنياهو يتابع عن كثب وهو الإسرائيلي الأول الدي يتمنى فوز ترمب لكل يكمل معه مسرحية التطبيع وفرض الاتاوات على دول النفط العربي وتهديدها بالقوة العسكرية لكي تدفع له مئات المليارات ونجاح ترمب في الانتخابات الامريكية يعني اعلان نتنياهو عن نهاية حل الدولتين وتنفيد مخطط الضم وسوف يضم الضفة الغربية بأكملها معلنا تشييع اتفاق أوسلو في جنازة رسمية امام العالم كله.. واذا خسر ترمب الانتخابات فان السياسة الامريكية وسياسة إسرائيل في الشرق الأوسط سوف تتوقف تماما ولن يدخل نتنياهو الى انتخابات جديدة واعتقد بخسارة ترمب الانتخابات سوف ينتهي عهد نتنياهو السياسي وسوف يعتزل نتنياهو السياسة ويتفرغ لقضاياه في المحكمة المركزية في القدس الشرقية.

ثانيا : السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية : أيضا القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني يراقب نتائج الانتخابات الامريكية لان إدارة ترمب تنكر الحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني وساهم ترمب من خلال " صفقة القرن" بتصفية القضية الفلسطينية وساهم في تطبيع عدد من الدول العربية وإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل على حساب القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وبالتالي اذا خسر ترمب سوف يكون هناك عرس وطني فلسطيني حيث الرئيس الأمريكي الوحيد الدي منح إسرائيل شرعية احتلالها للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة.. ترمب هو من اعلن في صفقة القرن عن ضم اكثر من 30 في المائة من الأراضي الفلسطينية المحتلة وترمب هو من عمل على قتل حل الدولتين وابقى حل الدولة الواحدة على اعتبار ان الفلسطينيين أقليات يعيشون على هذه الأرض.. واذا خسر ترمب وتغيرت إدارة البيت الأبيض سوف يعود حل الدولتين من جديد وعودة المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية على أساس الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

ثالثا دول الخليج: ان نتائج الانتخابات الامريكية سوف تؤثر بشكل كبير جدا على دول الخليج التي أعلنت عن تطبيع العلاقات مع اسرائيل ومعهم " البرهان وحمدوك " من خانوا القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وبالتالي اذا نجح ترمب سوف يستمرون في انكار الهوية الفلسطينية و الرواية الفلسطينية الاصيلة ويساهمون في تطبيق صفقة القرن من اجل تزعم العالم العربي وربما تزعم الخليج العربي ولكن الصراع قادم بينهم ولكن المهم اليوم اذا خسر ترمب " دول الخليج التي أعلنت التطبيع مع إسرائيل سوف يتوقف التطبيع لان التطبيع جاء بالقوة العسكرية من ترمب ونتنياهو وخسارة ترمب تعني خسارة نتنياهو ونهاية عهد نتنياهو السياسي .. وسوف يندمون ويعتذرون للشعب الفلسطيني والقيادة الفلسطينية اما السودان والبرهان اعتقد ان الشعب السوداني العظيم سوف يتكفل بهم ويعلن لا تطبيع ولا اعتراف بإسرائيل.

رابعا : الدول المحايدة والتي باركت التطبيع لن تؤثر عليها نتائج الانتخابات الامريكية على اعتبار ان السياسة الامريكية لن تتغير تجاههم من ناحية الدعم المالي ولكن ربما في مجال حقوق الانسان سوف يبدأ مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في التنديد بهم إعلاميا وداخل الأمم المتحدة .

خامسا : الاتحاد الأوروبي: ربما تتنفس الصعداء القارة الأوروبية بعد خروج ترمب من البيت الأبيض وبالتالي فان خسارة ترمب سوف تعيد الاتحاد الأوروبي الى مكانته الطبيعية وسوف يعود الاتحاد الأوروبي في اتخاد مواقف اكثر حزما وشدة مع الاحتلال الإسرائيلي وفقا للقانون الإنساني الدولي وربما تعود مقاطعة المستوطنات بشكل علني وبشكل رسمي ولكن خسارة ترمب تعني عودة القوة السياسية للاتحاد الأوروبي وخاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع ايران وإعادة العمل بالاتفاق من جديد.

وأخيرا ... فان خسارة ترمب وخروجه من البيت الأبيض سوف تعني وقف كل قرارات ترمب فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط ولن يكون هناك شرق أوسط جديد وسوف تعود القضية الفلسطينية الى الواجهة الدولية والى الأضواء من جديد وسوف تعيد العديد من دول الخليج ودول العالم النظر في قراراتها مع إسرائيل ولكن اذا فاز ترمب مرة أخرى فهذا يعني " اعلان فلسطيني عن الصمود والرباط على هذه الأرض المحتلة .. بدون بيانات وبدون اجتماعات وبدون انتخابات لان " الأرض الفلسطينية والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني هي العنوان الحقيقي لمواجهة ترمب "

*باحث وخبير في الشأن الإسرائيلي