الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

النظام السياسي الفلسطيني يتجه نحو التغيير

نشر بتاريخ: 06/05/2021 ( آخر تحديث: 06/05/2021 الساعة: 13:04 )

الكاتب: د. علي الاعور

ربما كان قرار الرئيس أبو مازن تأجيل الانتخابات الفلسطينية للمجلس التشريعي تجاه قضية القدس التي تعتبر مركز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وكونها تمثل الهوية الوطنية الفلسطينية يحمل جانبا من الصواب ، الا ان القرار قبله وما بعده يشتم منه رائحة التغيير في النظام السياسي الفلسطيني ورغبة الشعب الفلسطيني في الانطلاق نحو الديموقراطية وتجسيد مبدا الشراكة السياسية وتمهيدا لطي صفحة الانقسام في التقدم خطوة كبيرة نحو قبول الاخر و التداول السلمي على السلطة وتمثيل الشعب الفلسطيني بشكل ديموقراطي داخل المجلس التشريعي وكل قوة سياسية او اجتماعية في الشعب الفلسطيني يمكنها تمثيل الشعب من خلال صندوق الاقتراع و الانتخابات التشريعية ولن يكون تمثيل لاحد داخل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية خارج اطار الانتخابات حيث ان هناك قوى سياسية فلسطينية لم تتمكن من تجنيد ستة عشر مرشحا لتشكيل قائمة انتخابية وهذا ما يطرح مجموعة من الأسئلة وفي مقدمتها :

من يتحمل مسؤولية تأجيل الانتخابات التشريعية الفلسطينية؟ ومن يقف وراء قرار التأجيل؟ هل التغيير في النظام السياسي الفلسطيني يشكل عقبة في طريق البناء والتنمية لدولة فلسطين؟ ام ان التغيير في النظام السياسي الفلسطيني ماض رغم قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية؟

أولا نتنياهو وإسرائيل وقراءة الخارطة السياسية الإسرائيلية نجد ان نتنياهو لا يريد تغيير النظام السياسي الفلسطيني ويريد الإبقاء على حالة الانقسام داخل المجتمع الفلسطيني وداخل مؤسسات الشعب الفلسطيني و يستمر في اتباع سياسة بريطانيا اللعينة" فرق تسد" وربما أراد نتنياهو رفض اجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية لانه يعلم جيدا ومعه " يوسي كوهين رئيس الموساد" بان النظام السياسي الفلسطيني يتجه نحو التغيير ولكن بشكل ديموقراطي وبشكل قانوني وشرعي من خلال صناديق الاقتراع وهنا لا بد من طرح السؤال الكبير على إسرائيل ونتنياهو: هل حلال على ايتمار بن غفير ومعه سموتريتش دخول الكنيست الإسرائيلي وحرام على حماس تمثيل الشعب الفلسطيني في المجلس التشريعي؟ و السؤال الاخر: هل حلال على جدعون ساعر ينشق على حزب الليكود ويشكل حزب جديد ويحصل على ستة مقاعد ويحرم نتنياهو من تشكيل حكومة يمينية بزعامة حزب الليكود وحرام على الأسير مروان البرغوثي تشكيل قائمة انتخابية حتى لو كانت من قلب فتح ومنافسة لقائمة فتح أبو مازن؟

ربما الأيام القادمة سوف تثبت لنتنياهو بان التغيير في النظام السياسي الفلسطيني ماض ولن تعود عقارب الساعة الى الوراء ، مروان البرغوثي اخد قرارا لا رجعة فيه وتيار الإصلاح اخد قرارا لا رجعة فيه وبالتالي ستبقى فتح أبو مازن في المقدمة وعليها ان تحشد جماهيرها بكل قوة وتقبل بالمنافسة الشريفة عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع .

اما القضية الثانية من حيث الربح والخسارة في قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية ، فان إسرائيل هي الخاسر الأكبر سياسيا من قرار التأجيل لأنه لا يوجد عاقل في إسرائيل يرفض توجه الشعب الفلسطيني بكل مكوناته نحو السلام ، يرفض فيه فرصة تاريخية للسلام مع الشعب الفلسطيني اكثر من هذه الفترة الحرجة التي يمر بها الشرق الأوسط إقليميا وما تمر به الولايات المتحدة في عهد جو بايدن من تحول سياسي بعد ترمب عالميا.

ستة وثلاثون قائمة انتخابية من مجموع الشعب الفلسطيني ومكونات المجتمع الفلسطيني سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ومفكرين ومثقفين ومستقلين وكتل سياسية كبيرة بحجم حركة فتح وحماس تقبل الدخول في الانتخابات التشريعية الفلسطينية تحت "سقف أوسلو" حتى وان لم توقع على قبولها باوسلو بكتاب خطي الى لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية الا انه وبشكل ضمني يعني الاعتراف باوسلو لان انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني هي احدى افرازات أوسلو، و هي ضمن الاتفاقيات الموقعة بين الجانب الفلسطيني و الإسرائيلي في البروتوكول الموقع في القاهرة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية 1995

وبالتالي فان حكومة إسرائيل ونتنياهو خسروا فرصة تاريخية مهمة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و سوف يستمر التغيير في النظام السياسي الفلسطيني بين الاستراتيجية و التكتيك السياسي ولكن إسرائيل برفضها الرد على الطلب الفلسطيني باجراء الانتخابات في القدس ربما تقودنا نحو المجهول.

اما في الجانب الفلسطيني : ربما كانت المرة الأولى بعد خمسة عشر عاما نجد الشعب الفلسطيني متعطش للديموقراطية ويريد بناء نظام دستوري تشريعي يقوم على التعددية السياسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية من كافة الكتل الفلسطينية التي كانت سوف تنجح في الوصول الى قبة البرلمان الفلسطيني وبالتالي يجب ان تكون قراءة قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية من منظور ومصلحة الشعب الفلسطيني وليس ضمن قراءة إسرائيل وخوفها من نتائج الانتخابات الفلسطينية سواء فازت تلك الحركة او خسرت فان المجلس التشريعي هو ملك للشعب الفلسطيني وضمن مكتسبات الشعب الفلسطيني من اجل صياغة برنامج سياسي جديد يقوم على قبول الأغلبية واحترام الأقلية تحت قبة البرلمان الفلسطيني وبالتالي يجب ان يكون الجميع ضمن الإرادة الفلسطينية و القبول بنتائج الانتخابات الفلسطينية وفيما يتعلق بالقدس ربما تغيرت الظروف السياسية حيث ان هناك شخص اسمه نتنياهو لا يريد للديموقراطية الفلسطينية ان تنجح ويريد نظام سياسي فلسطيني على مقاسه وضمن استراتيجيات دولة إسرائيل وحزب الليكود ..

نتنياهو حتى يرفض التغيير في المجتمع الإسرائيلي ورغم كل المظاهرات الإسرائيلية التي تطالب برحيله وعلى مدى اربع جولات انتخابية الا انه يرفض التغيير في المجتمع الإسرائيلي ويرفض التنحي عن الحكم ويتجه الان نحو انتخابات خامسة فقط لأنه لا يريد التغيير السياسي في إسرائيل.

من هنا ... فإنني اعتقد ان اجراء الانتخابات الفلسطينية هي مطلب شرعي وقانوني فلسطيني من اجل مرحلة جديدة نحو انهاء الانقسام وتجسيد الديموقراطية الفلسطينية و القبول بكل مكونات النظام السياسي الفلسطيني الجديد وكل تيار فلسطيني عليه ان يقبل بقوته السياسية بين الجماهير الفلسطينية و الشعب الفلسطيني مهما كان شكل النظام السياسي الجديد وربما الانتخابات التشريعية تقودنا نحو بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .