الكاتب: السفير حكمت عجوري
هل من حقنا كفلسطينيين ان ننصف عروبيا على الاقل بقدر عروبيتنا وهل من حقنا ان نفاخر بعروبيتنا على الرغم من كل ما جرى وما زال يجري من موت ودمار وصل الى حد الابادة والتطهير العرقي ونحن لوحدنا نواجه عدو عنصري مجرم كاره ليس للفلسطينيين فقط وانما لكل العرب الذين اصبح البعض منهم يتهافت للتطبيع معه مع ان طبيعته الكارهة للاخرين دون استثناء طبيعة لا تسمح لا بالتطبيع ولا بالتعايش معه لان اساس التطبيع هو قبول الاخر.
هذه الطبيعة انكشفت على حقيقتها بعد عقود من محاولات هذا الكيان "اسرائيل" في اخفائها بعد ان اصبح التطرف والفاشية سمات غالبة على هذا الكيان بمعظم مكوناته الصهيونية ولم يعد يخفى على احد وحدة الحال بين معظم هذه المكونات الصهيونية البشرية وحكومته الفاشية في حرب ابادة وتطهير عرقي للفسطينيين التي ما زالت تدور رحاها على ارض غزة وشمال الضفة وعلى مدار اكثر من 18 شهر مستخدمة بذلك كل ادوات التدمير والقتل بما في ذلك التجويع الذي اصبح يفتك باطفال غزة وشيبانها ايضا وبدون اي خوف من اي عقاب او حساب ونظام نتنياهو الفاشي يضرب بعرض الحائط كافة القوانين التي صنعها البشر حفاظا على امنهم وسلامهم وانسانيتهم حتى المحاكم الدولية لم تعد ذات اي قيمة في اعتبارات نتنياهو على الرغم من مذكرات صدرت عنها باعتقاله ودخوله السجن الدولي بصفته مجرم حرب .
السبب في كل ما ذكرناه وتحديدا افلات الكيان الصهيوني من العقاب الدولي هو تَمَكُن الحركة الصهيونية وهي الراعي الحصري والاب البيولوجي لهذا الكيان الصهيوني من السيطرة على شرياني الحياة" المال والاعلام" في الدول التي اقامت هذا الكيان ظنا منها ان وجوده سيشكل حماية لمصالحها في منطقة مع انها اصبحت بمعظمها حليفة لهذه الدول ومع ذلك ما زالت هذه الدول وعلى راسها امريكا توفر الحماية والدعم غير المشروط لهذا الكيان على الرغم من كل ما يقترفه من خطايا وجرائم وبما يتعارض بشكل صارخ مع القيم الانسانية التي بنيت على اساسها دساتير هذه الدول واساسها الديمقراطية وحقوق الانسان بدليل ما نراه من رفض شعبي غربي لممارسات هذا الكيان الصهيوني والذي يتجسد في كل اسبوع بخروج ملايين البشر الى الشوارع في حواضر هذه الدول منددين بممارسات هذا الكيان الصهيوني غير الانسانية ومطالبين حكوماتهم بمعاقبة هذا الكيان بعد ان تكشفت طبيعته العنصرية الكارهة للانسانية جمعاء بعد تضليل وخداع مارسته الحركة الصهيونية والذي استمر لعقود.
التذكير بكل ما سبق سببه الفرصة الذهبية التي خلقتها زيارة الرئيس ترمب اليوم لدول الخليج العربي بدأ ببلاد الحرمين والتي تعتبر غير مسبوقة كونها تستثني الكيان الصهيوني الذي عادة ما يعتبر المحطة الاولى لزيارة اي رئيس امريكي للمنطقة ومن حيث ان الرئيس ترمب يرفع شعار امريكا اولا فمن الضروري ان يكون سبب زيارته للخليج العربي هي انعاش الاقتصاد الامريكي بهذا الكم من تريليونات الدلارات التي سيعود بهاترمب من دول الخليج والتي سوف تعيد الاقتصاد الامريكي الى سابق عهده بالتربع ولكن بجدارة هذه المرة على الاقتصاد العالمي بعد ان تآكل هذا الاقتصاد بسبب الحروب الامريكية ومع ذلك فهذا كله لن يدخل ترمب التاريخ كما يهوى ويحلم لانه سيتحول الى مجرد رقم على قائمة الرؤساء الامريكان وسيُنسى بعد شهور من خروجه من البيت الابيض بعد اقل من اربع سنوات ولكن وهذه لكن كبيرة هناك فرصة ذهبية امام ترمب لدخول التاريخ من اوسع ابوابه بحيث لن يخرج منه حتى بعد موته وهي فرصة انصاف سكان المنطقة وتحديدا الفسطينيون منهم وفي نفس الوقت رد الجميل لهذا الكرم الخليجي العربي وذلك بان يعيد الحق الفلسطيني لاصحابه بعد ان ساهمت بلاده امريكا وكل اداراتها ورؤسائها ومنذ حرب سنة 1967 على اضاعة هذا الحق لصالح كيان صهوني عنصري الذي اصبح يشكل بسبب اطماعه وتعدياته على كل دول الجوار بسبب امتلاكه لسلاح الردع النووي كونه المالك الوحيد في المنطقة لهذا السلاح وبما يشكل تهديد لاستقرار المنطقة وامنها كما وعلى السلم والامن الدوليين.
عدم زيارة ترمب للكيان الصهيوني والتي على ما يبدو انها عقابية الا انها بحد ذاتها تعتبر فرصة ذهبية لاستثمار سياسي لصالح الدول العربية المضيفة باصرارها على انهاء الاحتلال الصهيوني للارض الفلسطينية واقامة الدولة الفلسطينية التي ستشكل بقيامها منطقة عازلة ما بين الكيان الصهيوني واطماعه في التمدد على حساب دول المنطقة لتجسيد الهدف الصهيوني باقامة اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل وربما اكبر من ذلك لتشمل مملكة حِميَر.
وللتذكير فقط اقول للزعماء العرب المضيفين بان ضيفهم الرئيس ترمب في ولايته الاولى قرر الاعتراف بالقدس وهي قبلة المسلمين الاولى عاصمة لاسرائيل وذلك بعد ان استمع كما ذكر في حينه لدرس في التاريخ المزور على يد نسيبه الصهيوني الاول كوشنر ولمدة خمس دقائق فهل من حق الفلسطينيين الطمع بكرم عزوتهم من زعماء العرب المضيفين بتصحيح تاريخنا العربي المشترك في راس ضيفهم بان الفلسطينيين وعلى الرغم من انهم اصحاب الارض التاريخية التي يقوم عليها الكيان الصهيوني وبدون وجه حق لا اخلاقي ولا سياسي ولا تاريخي الا انهم مع ذلك اصبحوا يقبلون باقل من ربع هذه الارض لاقامة دولتهم عليها وذلك حرصا منهم على السلام والاستقرار في المنطقة وعلى الرغم من ان قرار الشرعية الدولية التي قامت اسرائيل على اساسه ويحمل رقم 181 اقر للفسطينيين قرابة نصف هذه الارض (46%) آخذين بعين الاعتبار بان اكثر من 80% من اليهود من سكان اسرائيل لا يمتون للسامية ولا للساميين بصلة وانما هم من اهل الخزر من شمال شرق تركيا الذين اعتنقوا اليهودية في عام 740 وهم الذين ما زالوا يحكمون اسرائيل ويعرفون باليهود الاشكيناز وذلك على العكس من الساميين الاصليين سكان فلسطين التاريخية من مسلمين ومسيحيين اضافة الى الاقلية من اليهود الساميين الذين كانوا يعدون اقل من 7% من سكان فلسطين عند صدور وعد بلفور سنة 1917.
.الرئيس ترمب اثبت على انه رجل المفاجآت ورجل المهام الصعبة والمختلف عن كل من سبقوه في امريكا كما هم مختلف حتى عن كل رؤساء الديمقراطيات الغربية كونه الرئيس المنتخب ديمقراطيا ولكنه يعشق الديكتاتورية ويمارسها على اكمل وجه فهو يتدخل في الطلاب والجامعات والمهاجرين الى بلاده كما يتدخل في التجارة ولا تفوته اي شاردة او واردة في الحروب فهو يشعلها وقت يشاء ويوقفها وقت يشاء فهو اوقف الحرب في غزة واشعلها واشعل الحرب في اليمن واوقفها كما اوقف اخطر حرب حصلت في العصر الحديث وهي الحرب الهندية الباكستانية وهو على وشك ان يوقف الحرب في اوكرانيا ومع ذلك فهو كما اسلفت لن يدخل التاريخ ولن يذكره التاريخ كما يهوى ان هو فشل في قراءة هذا التاريخ بمفهومه الصحيح وبما يليق بزعيم مثله ، ليس ذلك فحسب وانما ايضا لن يذكره احد بغير ما رواه البعض عنه في كتبهم مثل كتاب مايكل وولف " النار والغضب" وكتاب ابنة اخيه ميري ترمب "كيف خلقت عائلتي اخطر رجل في العالم".