الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

يوم مشئوم...وشهر الألم والأمل..

نشر بتاريخ: 02/11/2019 ( آخر تحديث: 02/11/2019 الساعة: 12:49 )

الكاتب: نجيب القدومي
يشكل شهر تشرين الثاني حالات من التناقضات العجيبة لدى شعبنا الفلسطيني يجعلنا نطلق عليه دائما شهر الألم والأمل ، ومصادر الألم فيه عديدة ، ففي الثاني منه عام ١٩١٧ صدر الوعد المشئوم وعد بلفور ، عندما تطوعت بريطانيا لتلعب دور قراصنة البحار ولتعطي ( وهي لا تملك ) ارض فلسطين للصهيونية العالمية ( وهي لا تستحق )، لتشرد شعبا ما زال يعاني وهو في الشتات منذ اكثر من سبعين عاما ينتظر يوم عودته الذي يبتعد كلما مر الزمن ، ولهذا الوعد جذور فقد خطط لزرع دولة الكيان الصهيوني في مؤتمر بازل عام ١٨٩٧ وتعتبر هي الجذور التي سقتها بريطانيا ثم اميركا ، هي الاساس في تشريد شعب فلسطين وقيام دولة العدوان والتي اطلقت فروعها بالمؤامرات المستمرة على حقوق الشعب الفلسطيني ومنها ما سمي بصفقة القرن و نقل السفارة الاميركية الى القدس والتآمر على وكالة الغوث لانهاء قضية عودة اللاجئين الى اراضيهم ومدنهم وقراهم التي هجروا منها بقوة السلاح وتنفيذ المذابح من قبل العصابات الصهيونية التي لاقت كل مساعدة وتسهيل من حكومة الانتداب البريطاني آنذاك ، ورغم كل ذلك فسيبقى الشعب الفلسطيني متمسكا بحقوقه وعودته وكنس الاحتلال من اراضيه ورفض كافة المؤمرات ضده ومنها صفقة القرن التي ستموت في مهدها .
من مصادر الألم اننا في الحادي عشر من هذا الشهر فقدنا مفجر الثورة الفلسطينية المعاصرة وناقل قضية فلسطين من قضية لاجئين الى قضية شعب مناضل يسعى لاسترداد وطنه وحقوقه بشتى الوسائل بعلم وهوية واستقلال واستمرار النضال حتى تحقيق الأهداف ، في هذا الشهر فقدنا القائد والزعيم الخالد ياسر عرفات. ليتضاعف الألم الذي يختلج في صدورنا ولكننا نبقيه حيا في نفوسنا طالما حيينا مستذكرين اعماله التي كانت بين الحين والآخر يخرج بنا من تحت الرماد بجهد الثائر وحنكة القائد الذي نسير على دربه الى الأبد .
في هذا الشهر وفي التاسع والعشرين منه عام ١٩٤٧ صدر قرار التقسيم الذي اتاح المجال لقيام دولة الكيان الى جانب الدولة الفلسطينية وهو ما شكل ويشكل انتهاكا آخر على حقوق الشعب الفلسطيني وتأكيدا على السياسة المنحازة لبريطانيا في ذلك الوقت وانحيازا للادارة الأميركية حاليا وفي كل الاوقات امام الانقسام الفلسطيني البغيض والانكسار العربي والصمت الدولي .
يتجدد الأمل في هذا الشهر عندما اعلن الرئيس الراحل القائد ياسر عرفات وثيقة استقلال فلسطين في الخامس عشر من هذا الشهر في الجزائر لتسرع دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطين وباعداد فاقت الدول التي تعترف بدولة الكيان الغاصب بالرغم من صعوبة الظروف ، والتي كانت مقدمة للاعتراف بفلسطين دولةمراقب في الامم المتحدة على طريق قبولها دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية .
كذلك نجحت الدبلوماسية الفلسطينية المدعومة بصمود الشعب الفلسطيني واستمرار نضاله وتمسكه الشديد بحقه والذي دفع ثمنا له الاف الشهداء والجرحى والاسرى وما زال يدفع حتى استطاع استبدال يوم تقسيم فلسطين باليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وهو اليوم الذي يؤكد على حقوق هذا الشعب رغم السياسة الاميركية المنحازة بامتياز مع دولة العدوان ، وبتأييد من معظم دول العالم التي تؤمن بحق الشعوب وتحقيق العدالة والحرية والاستقلال .
نضمد جراحنا ونؤمن بعدالة قضيتنا واستمرار شعبنا في صموده ومقاومته واصراره على نيل حقوقه كاملة غير منقوصة ، ونحيي بذور الأمل التي سقيناها بدماء شهدائنا حتى تزهر عودة ودولة واستقلالا وهذا ما يجعلنا متمسكين بهذا الأمل حتى تحقيق الهدف المنشود شاء من شاء وابى من أبى .