وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

والدة الأسير عبد الحليم عبد الله سيدة تجاوزت الستين سقطت صائمة أمام عيون المعتصمين

نشر بتاريخ: 24/10/2005 ( آخر تحديث: 24/10/2005 الساعة: 17:02 )
غزة- معا- سيدة تجاوزت الستين عاماً، ترتسم على جهها كل علامات الصبر وكأنها قد اختزنته بين عروقها، تنقلت بين أمهات الأسرى كفتاة صغيرة ورشيقة,
وصوتها لا يزال يرن في الباحة الأمامية لمقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة حيث يعتصمن أسبوعياً هناك، تارة ترفع صورة ابنها الأسير عبد الحليم وتارة تؤلمها يديها فتسقطهما على جانبيها، وتارة تعاود الهتاف مع الهاتفات الحرية للأسرى مطالبات بالإفراج العاجل والسريع عنهم.

فيما تختار هي زاوية قريبة من مكان التجمع تحت ضربات مطر فاجأ الجميع يوم الخميس الماضي، تسقط أرضاً بصوت مدو أمام عيون المعتصمين والمعتصمات ومن رآها ومن لم يرها من القادة السياسيين في القوى الوطنية والإسلامية الذين دعوا لمثل هذا الاعتصام، فكان أن لبت مسارعة في ظن يراود قلبها أن جديداً قد يأتي بوجود قادة يهتفون بما تهتف وينادون بما تحلم ويسارعون إلى مكان هي قد حفظته عن ظهر قلب، وقعتها أصابت عدداً من الإعلاميين المتواجدين بالذهول والصدمة والحزن فكان أن سارع البعض إلى الاطمئنان على صحتها

السيدة التي التفت بخجل فتاة صغيرة وضعت يديها على رأسها لعله صداع ناجم عن أثر سقوطها أو لعله ألم وجوع كونها صائمة، أو لعله حزن أنها أم لأسير لا تجد لها ركناً هادئاً يريح شيبتها ويلبي اصغر طموحاتها.

القصة أن تلك السيدة عاودت الهتاف واستجمعت ما تبقى من شجاعة وجرأة وقدرة على التواصل وعادت إلى اختراق الصفوف الأمامية لترفع من جديد صورة ابنها الأسير منذ 5/12/1990، بعد أن طاردته قوات الاحتلال الإسرائيلي لخمسة أعوام قضاها مطارداً وقد اتهمته بتنفيذ عملية بيت حنينا وقتل جنود إسرائيليين في عام 1985م .

وبعد أن القي القبض على عبد الحليم لم تعرف الأم عنه أية أخبار وعمدت إلى زيارة الصليب الأحمر يومياً ومهاتفة منظمات حقوق الإنسان علها تعرف عنه شيئاً ولكن لا حياة لمن تنادي، وبعد أشهر طويلة علمت أنه في سجن المجدل ثم أخبرت بعد ذلك بنقله إلى سجن السرايا بغزة لمحاكمته ولما ذهبت إلى هناك رفض الاحتلال السماح لها بدخول السجن لحضور جلسة المحاكمة
.
وعندما سمعت الأم بعد عامين كاملين عن طريق الصليب الأحمر أن ابنها الغائب عنها حكم عليه بالسجن مدى الحياة أغمى عليها ودخلت في غيبوبة طويلة، وعادت لتستفيق وابنها لا زال خلف قضبان الاحتلال لستة عشر عاماً متتالية فيما تحرص كل يوم اثنين على القدوم إلى مقر الاعتصام علها تجد أي أم زارت أسيرها فسمعت عن عبد الحليم أخباراً تطمئن فؤادها عليه وخاصة أنها لم تره منذ أربعة أعوام.

وجدتها تتنقل بين الأمهات لتخبرهن أن قلبها فرح ذلك اليوم الذي تعتصم فيه عندما سمعت صوته على الطرف الآخر من الهاتف، فتقول عن ذلك:" سمعت جرس الهاتف فسارعت إليه وشعرت بقلبي ينتفض من صدري فقد كان ابني مهجة قلبي على الهاتف يريد ان يسمعني صوته وهنأته برمضان ودعوت الله ان يجمعنا في القريب العاجل".