وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل زيارة العرب للقدس تطبيع ؟ هل زيارة الاسير تطبيع ؟

نشر بتاريخ: 12/03/2009 ( آخر تحديث: 13/03/2009 الساعة: 10:51 )
اسرة تحرير وكالة معا - تشرفنا بدعوة من الدكتور رفيق الحسيني مدير مكتب الرئيس محمود عباس للتباحث وتبادل الافكار حول مهرجان القدس عاصمة للثقافة العربية ، وقد جهد الدكتور الحسيني - وهو من " امراء القدس " - في وضع الصحافيين والكتاب الصحافيين في صورة ما تم انجازه وما لم يتم انجازه حتى اللحظة في هذا الاتجاه لا سيما وان حفل الافتتاح سيكون في 21 من شهر اذار الحالي ، ولكن الجلسة عصفت بافكار مسبقة حول الموضوع وحول دور الفلسطينيين في الدفاع عن القدس وكيف ان علينا الحذر من ارتكاب اية اخطاء غير مقصودة يكون نتيجتها هزّ الموقف العربي الثقافي الراسخ تجاه عروبة القدس .

وغاب عن اللقاء الشاعر الفلسطيني المتوكل طه وهو وكيل وزارة الاعلام في السلطة - وهو نفسه رئيس اتحاد الكتاب العرب - وفي ذلك تناقض وظيفي يجعل من الامر صعبا على المتوكل نفسه - ورغم غيابه ظلّ موقفه حاضرا للنقاش فالمتوكل صاحب وجهة نظر واضحة نسعى لفهمها .

ولان نقابة الصحافيين لم تطلب منا بشكل واضح ان نذهب الى هذا الموقف او الى ذاك فاننا مضطرون لعرض المشكلة للنقاش والبحث على اساس :

يقول د.المتوكل طه في مقالته المنشورة كاملة على موقع معا ( القدسُ حلمٌ عصيٌّ لا يمكنُ أن يتحقق حتى نصحو، ولن يتمَّ لنا ذلك، بعد واحد وأربعين عاماً من احتلالها، بهذا الاستدراك المتأخر الشكلاني، الذي يسمّى (القدس عاصمة للثقافة العربية)، والاكتفاء باحتفالات غنائية موسمية أو ببعض الفعاليات بعيداً عن المدينة.
ولعل النوايا الطيبّة للقائمين على "القدس عاصمة للثقافة العربية"، تدفعني للتنويه إلى وجوب تخليق جواب على سؤال الغياب الهائل، للنشاط الثقافي في فلسطين، باستثناء المركز، الذي يعاني هو أيضاً، من عدم وجود إستراتيجية عمل ثقافي، وكذلك عدم وجود مجلة ثقافية واحدة، وعدم وجود البُنى التحتية للفنون والثقافة، وعدم وجود قوانين للتفرّغ والبحث والجوائز والنشر، كما ينبغي إيجاد ردّ على عدم إشراك اتحاد الكُتّاب ورابطة الفنانين التشكيليين والمسرحيين والأكاديميين، بل إن هذه المؤسسات مُغلقة ومشلولة، لعدم صرف موازنات لها ! فكيف سنحتفل بالقدس وسط كل هذا الغياب وعدم الاهتمام، منذ سنوات، بالثقافة والفنون، بل وإدارة الظهر للإبداع وللقائمين عليه؟
وبالرغم من كل ذلك، فإن المجموعة المُخلصة، التي تعمل ليل نهار، في مبنى الهلال الأحمر الفلسطيني، بمدينة البيرة، تستحق أن نتمنّى لها كل نجاح وتوفيق، على أن ينتبهوا إلى أنّ إيجاد رافعة للقدس، يستدعي من المسؤولين، بلورة رؤية شمولية، تتجاوز الإرتجال والخلط والتجاوز والموسمية والاستبدال والاستئثار) .

ويحذّر المتوكل طه الاشقاء العرب من المجئ لزيارة القدس فيقول ( كما أننا مع دعم كل أشقائنا العرب والمسلمين للقدس، لأنهم أصحابُ هذه المدينة وآباؤها الأوّلون واللاحقون، فالقدس ليست ملكاً للفلسطينيين، وليسوا وحدهم المكلّفين بحمايتها والحفاظ عليها، وهذا يستدعي، من قبل أشقائنا العرب، معرفة أمر غاية في الخطورة، وهو المجيء إلى القدس بحجة الاحتفال بالقدس، بوساطة تأشيرة من إحدى سفارات دولة الاحتلال (اسرائيل)، وبدعوى أنَّ زيارة القدس هو دعمٌ للأشقاء الفلسطينيين ! إنَّ الترويج لهذه الذريعة المشبوهة هو تكريسٌ الإحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس العربية، التي لا يستطيع الفلسطينيون أنفسهم الدخول اليها، كما أنَّ الزيارة تتيحُ للاحتلال جذب المثقفين والفنانين العرب للتطبيع معهم عبر سفاراته، ما يعني الإعتراف بهذه السفارات وبشرعية ملكية الاحتلال للقدس، حيث أن القاعدة القانونية والسياسية تقول بأن مالك الأرض هو الذي يُعطي التصريح لزيارتها أو التجول فيها. كما أن الاحتلال لن يسمحَ بإقامة أية فعالية في القدس الشريف، فأين سيأتي الأشقاء العرب وماذا سيفعلون؟ إنهم مدعووّن لتكثيف الفعّاليات بأسم القدس في أقطارهم. كما أن الأمرَ المشروع لزيارة فلسطين، هو الحصولُ على تصريح تجترحُه المؤسسة الفلسطينية الرسمية، ما يعني فقدان الإحتلال للقدرة على ختم أو مَهْر جواز السفر العربي بخاتمه البغيض، عندها تكون زيارة الشقيق العربيّ "للسجين الفلسطيني" دعماً حقيقياً، تحملُ بعض المعاني الوجيهة والمعقولة.
أما قول بعضهم، بأن مجيء العربيّ، ولو بإذن إسرائيلي، هو كالذي يزور إبنه في الزنزانة أو المعتقل، فإنَّ التعقيب على هذا القول، لا يتجاوزُ إقرار البديهية المعروفة؛ وهي أن الشعب العربيّ الفلسطيني منذ ستين عاماً وهو في سجنه! فلماذا الآن تنبغي زيارته؟ وهل يحقّ للأخ العربي أن يضع نفسه موضع الفلسطيني، الذي يفرض عليه الاحتلال كل شيء تقريباً !؟ بمعنى أن العلاقة بين الفلسطيني والإسرائيلي هي علاقة قسرية يفرضها الاحتلال بالقوة، وهي تشبهُ علاقة السجّان بالسجين والضحية بالجلاد والجندي على الحاجز بالمواطن الذي ينتظر، وبالتالي فإن الفلسطيني (صاحب الشأن) لا يملكُ أن يستورد شيئاً إلا عبر الاحتلال، ولا يستطيع التنقّل إلا بإذن من الجنود، ولا يستطيع أن يسافر الا بختم المعبر الذي يسيطر عليه الاحتلال، وبالتالي فإن المقاربة بين العربيّ (الحُرّ) والفلسطيني (الرازح تحت القيود) هي مُقاربة ساذجة أو مشبوهه ولا تجوز أصلاً. وإن أي قدوم الى فلسطين عبر التعاطي والإعتراف بمؤسسات الاحتلال هو تطبيع كافر، يكرّس المدينةَ ثانيةً للدولة العبرية.


ولكن للقائمين على المهرجان وجهة نظر تستحق هي الاخرى ان تسمع ، فيقول الدكتور رفيق الحسيني ويردّد عبارة الراحل فيصل الحسسيني ( هل تعتبر زيارة الاسير تطبيعا ؟ وهل تعتبر زيارة العرب للقدس الاسيرة تطبيعا ؟ ولماذا كل هذا الشك في ثقافة المثقف العربي وكأن زيارة المدينة سوف تتحول لصالح اسرائيل ؟ ) .

كما ان هناك الكثير من الصحافيين والكتاب ايدوا فكرة مهرجان القدس عاصمة للثقافة العربية وخصوصا انها ستحارب فكرة الجدار وتخترق الحصار تماما مثلما يحاول الكثير من احرار العالم اختراق الحصار على غزة والوصول اليها وقالوا بغضب :لماذا لا نقوم بنفس الطريقة في القدس - ويتساءلون : هل كسر حصار غزة حلال وكسر حصار القدس حرام ؟

المهرجان الممول من بيت مال القدس بستة ملايين دولار ونصف هذا المبلغ ذهب لدعم غزة ، سيبدأ بالافتتاح في خمس مدن وهي القدس والناصرة ورام الله وبيت لحم وبيروت ويضم في ثناياه 200 مشروع منها 150 مشروع ثقافي و50 مشروع يحتوي على بنى تحتية لمسارح ومثلها وان السلطة الفلسطينية دعمت المشروع بخمسة ملايين دولار ، حيث سيصار الى صرف عشرة ملايين دولار على هذه المشاريع فيما سيستثمر 10 ملايين اخرى على البنية الثقافية التحتية الاخرى . وتساءل النشطاء الداعون لانجاح المهرجان : وما الضير في ردف القدس بهذه المشاريع وهذه الاموال في وجه التهويد ؟ أوليس ان تشعل شمعة وان تبنى مسرحا او مدرسة في القدس افضل الف مرة من بيانات الشجب والاكتفاء بالتفرج من بعيد وشتم الاحتلال ؟

الشعار الذي صممه الفنان خالد الحوراني جرى توزيعه على شكل نيشان يوضع على صدر المحتفلين ، كما ان الصحافي يوسف الشايب يعكف مع الصحافي محمد عدوان في ادارة الموقع الالكتروني للمهرجان على مدار الساعة .

وزراء عرب قد يحضرون الى رام الله بواسطة مروحيات اردنية دون ان يمروا بالحواجز العسكرية الاسرائيلية كما ان العديد من الفنانين ابدوا رغبتهم بزيارة بيت لحم مثل ماجدة الرومي ومارسيل خليفة لكن موقف اتحاد الكتاب اخافهم من الخطوة ما جعلهم يترددون .

وكما قلنا ان ادارة مهرجان القدس عاصمة للثقافة العربية طلبت من الصحافيين العمل على انجاح العمل ونقابة الصحافيين لم تعط موقفا واضحا فهل نسارع الى ذلك ؟ واتحاد الكتاب العرب والمتوكل طه حذرونا من ذلك فهل نلتزم ؟
نحن نقترح ان يذهب وفد من الكتاب وادارة المهرجان للجلوس مع اتحاد الكتاب العرب للوصول الى نتيجة - واذا فشلوا ان نسارع للطلب من العاهل السعودي استضافتهم على اتفاق مكة جديد !!! وفي حال لم ينجح ذلك ان نطلب من المخابرات المصرية استدعاء الطرفين الى القاهرة للبدء في تشكيل لجان وحل الخلاف !!! فما رأيكم سادتي القراء ؟