وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

خطف الأجانب لمصلحة من؟ بقلم رشيد شاهين

نشر بتاريخ: 04/01/2006 ( آخر تحديث: 04/01/2006 الساعة: 18:36 )
معا - من الملاحظ ان ظاهرة اختطاف الأجانب في قطاع غزة تصاعدت وتيرتها خلال الأسابيع القليلة الماضية, وهي ظاهرة تبدو لكل ذي بصيرة انها ظاهرة مستجدة على المجتمع الفلسطيني وعلى طهارة السلاح الفلسطيني والنضال الوطني الفلسطيني, وعندما نتحدث عن طهارة السلاح فاننا نعني ذلك حيث ان من النادر ان مارس الفلسطينيون حتى في بدايات تجربتهم, هذا النوع من الأختطاف وان حصلت عمليات فانما كانت متفرقه و معزولة ولم تصل الى نوع من الظاهرة كما هو الآن في غزة.

الغريب ان هذه الظاهرة اخذت بالتصاعد قبل اشهر عدة , وتحديدا مع اقتراب موعد تنفيذ الأنسحاب الأسرائيلي من قطاع غزة ,ومن ثم تزايدت الوتيرة حيث تم اختطاف الصحفي الجزائري, من امام الفندق الذي ينزل فيه في منطقة الرمال بغزة , وتكرر المشهد وكانت اخر عملية اختطاف للناشطة البريطانية كيت بيرتون ووالديها وتلت ذلك اخبار عن اختطاف مواطن ايطالي ومحاولة في اليوم التالي لأختطاف اثنين من الرعايا اليابانيين وقد تمكن الاهالي بكل شجاعة من احباط المحاولة

هؤلاء الذين تم اختطافهم كانوا في الأغلب من الأشخاص الذين يعملون في مؤسسات اما دولية مثل منظمة الصليب الأحمر الدولية, او وكالة غوث وتشغيل اللا جئين الفلسطينين" اونروا" او يعملون في مجال الأعلام والصحافة, او في مؤسسات معنية بحقوق الأنسان , وبالتالي فهم جميعا يقدمون خدمات جليلة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

ظاهرة الأختطاف على ايدي جماعات مسلحة" قد تكون معروفة للناس وللسلطة أو قد لا تكون معروفة" انما تطرح العديد من الأسئلة والتساؤلات المشروعة,,, فلماذا تتم هذه العمليات , و في اوج عملية التحضير للانتخابات التشريعية , والتسريبات عن مخططات اسرائيلية لوضع تصورات لحل مشبوه و خطة سلام هي بالمجمل خطة اسرائيلية ولصالح الدولة العبرية , تعتمد في اساسها على اثبات حالة العجز الفلسطيني بسلطته وفصائله وربما ببربرية شعبه, من يقف وراءها,, ولمصلحة وحساب من تتم هذه العمليات ,,, وما هي الأهداف والغايات المرجو تحقيقها,, ولماذا هذا التركيز على موظفي الأمم المتحدة والأعلامين, والعاملين في مجال حقوق الانسان

ان ما تمارسه الجماعات المسلحة, وهذا الوصف لمن يقومون بهذه الأعمال انما هو وصف مخفف, وفيه الكثير من التهذيب, لأن هذه الممارسة لا يمارسها المقاتلون من اجل الحرية, وهي لا يمكن ان تكون سوى اعمال من اعمال العصابات و"البلطجة" ولا تمت لشرف السلاح المقاوم وشرف الجهاد باية صلة لا من قريب ولا من بعيد, واذا كان لدى هؤلاء القدرة على الخطف والأختطاف ولديهم الجرأة على فعل هكذا اعمال "بطولية" فلماذا لم نراهم يخطفون من يستحق الأختطاف, ام انهم استسهلوا العملية, وباتو يستأسدون على هؤلاء الموظفين المسالمين العزل.

ان هؤلاء الذين يمارسون عمليات الخطف التي لا يمكن ان توصف الا بالجبانه, انما هم جبناء, يتلطون خلف اسلحتهم الرشاشة , فاين هي البطولة في ان يقوم شخص, او مجموعة من الاشخاص المسلحين ببنادق الية فتاكة بالترصد لشخص او عائلة عزلاء, لا تحمل سوى ايمانها بقضية عادلة, تركت بلادها وهدوء بالها, لتأتي الى فلسطين وتعمل على خدمة ابناء فلسطين, بالله عليكم, دلوني اين هي البطولة في هكذا افك, ان هؤلاء الأفاقين الذين يدعون انهم مقاتلون من اجل الحرية انما مدعين وادعياء , ولا علاقة لهم بالحرية ولا بالقضية الوطنية, وهم انما يقدمون خدمة جليلة لشارون ومخططاته المشبوهة ,

ان ما يحدث ليس فلتانا امنيا, ان ما يحدث اسوأ من ذلك بكثير, فعند الحديث عن فلتان امني فانما يعني ذلك ان هنالك أمنا او أمان, لكن ما يحدث يدلل على ان الموضوع اكبر من ذلك, ويبدو ان لا وجود للأمن اصلا لكي يتحدث المرء عن فلتان امني.

ما يحدث لا يهدف فقط الى الأضرار بالسلطة الفلسطينية وقيادة ابو مازن, لا, ان ما يحدث يهدف الى ما هو اسوأ من ذلك بكثير, والا فما معنى ان يخطف موظف في الصليب الأحمر, هذه المؤسسة التي يشهد القاصي والداني انها تقدم خدمات جليلة لشعب يعاني من كل اشكال الضعف والفقر والمرض, وماذا يعني اختطاف موظفي" الأونروا" التي وبرغم اي تحفظات, وكل التحفظات, الا انها حافظت كثيرا على ابقاء الصوت اللآجيء مرفوعا, وهي تسهم الى حد بعيد في اطعام الاف ان لم يكن عشرات الآلاف من الأفواه الجائعة في غزة وغير غزة, وهي فوق ذلك ساهمت وتساهم في تعليم مئات الآلاف من الطلبة في غزة وغير غزة.

ان اختطاف هؤلاء انما يبدو رسالة واضحة لتلك المؤسسات لأيقاف خدماتها او في احسن الأحوال تعليقها , اذن من المستفيد ولمصلحة من تتم.

ان حمل السلاح و ظاهرة الملثمين ليس بالضرورة هي الظاهرة المثلى لأظهار الوجه المشرق للمقاومة, وهي ليس بالضرورة التعبير الأمثل عن الولاء والأنتماء, ومع كل التقدير والأحترام الذي نكنه لمن حافظوا على شرف السلاح وعلى طهارة الانتماء , الا ان ظاهرة الملثمين وهم يستعرضون اسلحتهم في الشوارع والازقة قد ساهم في احايين كثيرة الى الاساءة الى شعب فلسطين وقضية شعب فلسطين , واصبح الكثيرون في العالم ينظرون الى الاراضي الفلسطينية المحتلة وكأنها غابات وليس غابة من السلاح , وان هناك ترسانة من الاسلحة لا يمكن السيطرة عليها , ونجحت اسرائيل في تسويق ذلك , وليس مستغربا ان يتم تخويف العالم من الشعب الفلسطيني بانه يهدد الامن والاستقرار في المنطقة.

ان للسلاح شرف يجب المحافظة عليه , ولا يجوز لحامله الانحدار الى مستوى البلطجة , وكما اشرنا , فليس اسهل من ان ينزل عدد من المسلحين بعدد من البنادق والرشاشات الى شوارع اي مدينة او مخيم واغلاقها وتهديد اهلها, اين الشجاعة في الموضوع؟ واي نوع من انواع الفروسية في هكذا عمل منبوذ ومرفوض وجبان؟ هل تحول الثوار الى عصابات, الى قاطعي طرق, وطالبي فدية, هل هذه هي الصورة التي حلم بها اطفال فلسطين عن الفدائي وبطولاته وصولاته وجولاته؟.

ماذا يمكن ان يقال عن اختطاف العائلة بيرتون ولماذا يتم اختطافها؟ لقد حضرت العائلة للاحتفال باعياد راس السنة هنا في فلسطينكم , كان بامكانهم ان يبقوا هناك , في بريطانيا ويحتفلوا كما يشتهون , وكما يحلوا لهم , فما الذي فعلتم ايها الملثمون , لقد نزعتم الفرحة من قلوبهم , وغادروكم من خلال معبر ايريز الى داخل اسرائيل لم يناموا الليل في ارضكم , نعم(( لقد ذهبوا الى هناك حيث الأمن والأمان حيث لن يخطفهم احد)) اهذا هو الذي اردتم, لم يستطيعوا البقاء بين ظهرانيكم ليلة واحدة بعد الفعل الذي فعلتم , لقد شعروا بالغصة , ما هكذا كان يجب ان يرد الجميل لهم, الا يدرك هؤلاء معنى ان تخسر قضية فلسطين اصدقاء امثال هؤلاء , وقبل هؤلاء وعندما اختطف الصحفي الفرنسي هل يتذكر هؤلاء حجم الاساءة التي وجهوها لقضيتهم هل يدرك هؤلاء ((الفرسان الصناديد)) كم يسيئون لقضيتهم العادلة بممارساتهم(( البطولية))

ان السلطة الفلسطينية وفي ظل الظروف التاريخية السائدة يتحتم عليها ان تلجم هؤلاء الذين يسيئون للسلطة وللشعب والقضية, وعلى الفصائل العديدة وكتائبها المقاومة والمجاهدة ان تتصدى بحزم لهذه الظاهرة الغريبة على المجتمع الفلسطيني, خاصة وان المرحلة خطيرة والقادم من الايام يحتم على الجميع تطبيق شعاراته التي تنادي بالوحدة الوطنية واقامة الدولة التعددية والديمقراطية.

ان حالة الفلتان التي تستشري في الاراضي الفلسطينية انما هي مسؤولية جماعية , وهي مسؤولية السلطة قبل الجميع , والحقيقة الصارخة هي ان احدا لم يسمع انه تم القاء القبض على اي ممن ارتكب عمليات الخطف , برغم كل الجعجعة التي يرددها المسؤولون عن ضرورة ملاحقة هؤلاء الذين يرتكبون افكهم وانتهاكهم للقانون, وهي كذلك مسؤولية الفصائل بان تقوم بعملية ضبط لعناصرها ولا تكتفي ببيانات الادانة والمزايدات التي صارت عبارات ممجوجة

ان المرحلة وكما يعلم الجميع كثيرة الحساسية والقضية تقف امام منعطف حاد , خاصة في ظل اللامبالاة التي يظهرها شارون , ومحاولات التملص التي تبديها الادارة الاميريكية من التزاماتها, وادارة الظهر التي يمارسها الاوروبيين , وعلى هذا الاساس فان الشعارات لم تعد مقبولة وعلى السلطة ان تاتي بهؤلاء الأفاقين الى المحكمة , لتثبت انها تقوم بملاحقتهم , لا بعمل صفقات مشبوهة من وراء ظهر الشعب كما يتردد في الشارع هذه الايام .