وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فلتخرس اصوات الكرازايات .../ بقلم: يوسف شرقاوي

نشر بتاريخ: 22/01/2006 ( آخر تحديث: 22/01/2006 الساعة: 18:20 )
معا- ليس مستبعداً أبداً ان يطالب كرازايات العرب بتحويل الأطباء الشخصيّين ومدير مستشفى هداسا عين كارم الى لجنة تحقيق دولية على غرار( لجنة ميلتس), لأنهم أخفقوا في تشخيص الحالة المرضية لشارون بدقة, مما أدى الى إصابته بجلطة دماغية عنيفة أدت لإدخاله في غيبوبة إصطناعية لوقف نزيف في الأوعية الدموية الدماغية لشارون.

الكشف الطبي أثبت ان أدوية تمييع وتسييل الدم التي أعطيت لشارون كانت سبباً في إصابته بالجلطة الدماغية لأن شارون كان يعاني من مرض في الأوعية الدموية، وإنخفاض في نشاط الغدّة الدرقية وكان يعاني أيضاً من مرض الزهايمر ( الخرف المبكر ), وكان مكتب شارون يتكتم على ذلك.

النظام العربي الرسمي ذهب به السقوط الى كل مذهب هذا السقوط حوّل شارون من مجرم حرب الى رجل سلام لتباكيهم عليه وصلواتهم وابتهالاتهم من أجل شفائه ,علما أن شارون هو من أمر بدس السم للشهيد الرئيس ياسر عرفات, بمباركة جزار العصر جورج بوش.

ولم تدمع عيون اولئك الكرازايات ولو بدمعة واحدة , ولم يصلوا أو يبتلهوا من اجل شفاء عرفات. علما أن عرفات يحمل جائزة نوبل للسلام.

متناسين تاريخ شارون كمجرم حرب منذ عام 1947 الى يومنا هذا.المواطن العربي العادي وتحديدأ المواطن الفلسطيني قد يتفهم ذرف دموع وقلق مجرم الحرب الآخر جورج بوش على حليفه شارون, أما قلق كرزايات العرب على صحة شارون وصلواتهم وابتهالاتهم من أجل شفائه ومعافاته فهذا المستهجن من قبل المواطن العربي العادي .

أما من يقرأ جيداً ولاءات النظام العربي الرسمي فلا يستهجن ذلك على الإطلاق, لأن من حالف جورج بوش في ازدراء الأمة العربية, ودعمه المطلق لإسرائيل واحتلال العراق وتهديد سوريا والمقاومة, فأنه حتما سيكون حليفا لشارون وقد يكون شارون بنظر القارئ الجيد اقل خطراً من الكرازايات أنفسهم على الأمة ومستقبلها، لأن شارون عدو واضح جهاراً نهاراً بنى ثقافته على إذلال العرب وإخضاعهم لمنطق القوة .

مصيبة الأمة العربية , أن هناك قلة تستفرد بمقدرات الأمة تتماهى مع الأعداء تسعى تلك القلة الى محو الذاكرة , وزرع ذاكرة جديدة حسب رواية الأعداء ومصالحهم ,تنادي بأن على الأمة أن تتعلم ثقافة ( السلام ), أي تحويل الأمة بعامه من ضحية تطالب بحقها بالحياة بكرامة وحرية الى عبيد وأن ما لا تستطيع الأمة تحيقيقه حاليا يجب التنازل عنه والى الأبد, وكل من لا يرضى بثقافة العبيد يوصف بالإرهاب والتطرف والتخلف .

مهمه تلك القله ( أنسنة) الفعل الشاروني الأمريكي في فلسطين والعراق وكذلك (أنسنة) المجتمع الإسرائيلي بشكل عام , لأن نهج تلك القله هو النهج الذي أوصلها الى سده الحكم وهو الثمن كذلك من أجل بقائها متربعة على صدور العباد .

إن هذا السقوط المريع لا يعتبر سقوطاً سياسياً فحسب بل سقوطاً أخلاقياً كذلك .لقد انفلت المعيار الأخلاقي لديهم بكل ما للكلمة من معنى بشكل حاد وغير مسبوق منذ توقيع اتفاقيات العار كامب ديفيد, أوسلو , وادي عربة وأصبحت مهمتهم واضحة فهمهم الوحيد تنفيذ أوامر الأعداء بكل دقة وإنضباط بتحويل القتلة,مجرمي العصر الى رسل سلام نزولا عند إملاءات بوش الذي يرى العرب بعيون شارون , مثلما يرى شارون العرب بعيون حليفه بوش.

إن سلوك تلك القلة المتنفذة برّر ويبررّ تأديب العرب والفلسطينيين وقتلهم واغتصاب أرضهم ونهب ثرواتهم ، وحوّل هذا السلوك الضحية إلى إرهابي, إلا إذا حافظت الضحية على أمن إسرائيل وقامت بحراسة بوابة الخنوع والتطبيع لدخول الأعداء الى قلوب وعقول وبيوت العرب , كما أن هذا السلوك يحاول (تنعيج) الضحية لإسقاطها من التاريخ, لتشريع ما تم وما سيتم متناغمة مع شارون وأترابه بأن إسرائيل ليست بحاجة إلى سلام مع العرب بل بحاجة إلى أمن، وأن الفلسطينين ليسوا بحاجة الى أرض, بل الى كيان مستقل ولو ضمن معازل وأقفاص بشرية (باندو ستانات) عنصرية , لأن الضحية لم تثبت أهليتها كبشر, مسخرين وسائل الإعلام المفترض أن تكون مرآة لكل آراء وتطلعات المجتمع ولسان حاله, سخروها لتغطية التحركات الرسمية ولنسيان الإحتلال والقتل, والقلع, والتدمير, والتشريد , والألم, والظلم, والقهر, والخديعة والتزييف، لكسر إرادة الأمة.

بعد حرب اكتوبر تشرين عام 1973 كان الإعلامي المصري (علي أمين) يكتب مقالة يومية في الصحف المصرية, يدعو الى أن تتنصّل مصر من قضية العرب القومية الأولى (قضية فلسطين) وكان يحرّض الرئيس السادات لعقد صلح منفرد مع اسرائيل برعاية امريكا بحجة ان 99% من اوراق اللعبة بيدها.

حينها كانت الصحافة اللبنانية وما زالت تعكس تطور ثقافة وتفكير وتقدم الشعب اللبناني وحركته الوطنية بقيادة شهيد لبنان وفلسطين والأمة كمال جنبلاط , والثنائي المننضويان تحت قيادته ، المفكر العربي القومي الحاضر دائما في السياسة العربية المناضل محسن إبراهيم ، والشهيد الشيوعي الديمقراطي جورج حاوي ومع كافة أحزاب وقوى الحركة الوطنية اللبنانية ،( بالمناسبة محسن إبراهيم و جورج حاوي هما من أسسا جبهة المقاومة اللبنانية ضد الإحتلال الإسرائيلي عام 1982 وفي منزل الشهيد كمال جنبلاط في المختارة) .

كانت الصحافة اللبنانية وما زالت في المقدمة منها صحيفة السفير (صوت الذين لا صوت لهم) وبرئاسة رئيس تحريرها الإعلامي المرموق طلال سلمان وبجانبه الشهيد ناجي العلي رسام الكاريكاتير المبدع والذي كان يمثل أبلغ تعبير صامت من خلال رسوماته اليومية والتي تعبّر عن مدى انحدار النظام العربي الرسمي.

كان طلال سلمان يرد بمقالة يومية على الصفحة الأولى وبالخط العريض بعنوان ( إخرس يا علي أمين) ليعبّر عما يجول في خاطر وعقول الأمة آنذاك .

ولأن الشيئ بالشيئ يذكر، كم نحن بحاجة الى إعلاميين صادقيين أمثال طلال سلمان وعبد الباري عطوان، وعبد الحليم قنديل، والياس خوري, وعبد القادر ياسين, والى سياسيّين مرموقيين أمثال عزمي بشارة (السياسي العربي الوحيد الذي نادى بأعلى صوته كفى بكاءً لتبرئه شارون من جرائمه ) لم يكن بمقدور طلال سلمان أن يفعل ذلك لولا وجود إعلاميين أحرار أمثاله ( لا يمكن بناء أي شيء حر بدون أحرار ) وبوجود حركة وطنية وأحزاب وشخصيات استطاعوا تشكيل رأي عاما متماسك يرد على الإنهيارات القومية نفتقر إليها في الوطن العربي وفي فلسطين حاليا إلا ما ندر.

كم نحن بحاجة لمن يقول وبأعلى صوته للرد على الكرازايات, و الإعلام العربي الرسمي المتباكي على شارون :إخرسوا ايها الكرازايات اينما كنتم وحيثما حللتم .