وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ويابوس ترفض منح البيعة لمن يشاء ,...

نشر بتاريخ: 20/05/2020 ( آخر تحديث: 20/05/2020 الساعة: 12:21 )
ويابوس ترفض منح البيعة لمن يشاء ,...
الكاتب: يونس العموري

وللحسين في هذا المقام مقال ، وقد يكون فصل المقال هو المُقال ... في بيداء الكوفة كانت الانحناءات ، وكان الكلام المؤلم وذاك المُفرغ من المضمون ، وناصية الحلم بالعهد سيطرت على المكان ، حيث الخيانة سيدة الموقف ، وحيث التخلي كان الفعل الابرز لنصرة الحق ، والبيع والشراء في اسواق الضمائر ومن يسيطر على منح البيعة والتلاعب بالتاريخ من خلال احداث الضجيج العالي وتزوير وقائع الصمت ، وأزيز هذا الصمت المطبق اصاب الروح بالصمم ، ويبدو ان الكل قد اضحى منساق كالقطيع خلف منح البيعة لمن ورث التاج ، وقبائل قريش تعود للمشهد من جديد ، والتقاسم الوظيفي للمدائن بات هو الفعل والفاعل وقد يكون المفعول به .. وام المدائن للحسين منتظرة لروح اللقاء من على اسوار نصرة المظلوم وهيهات ان تكون الذلة مسطرة على القلاع العظيمة ، وله ان ينطق بالشهادتين للمرة الاخيرة في ساحات الوغى والمواجهة وان يكون للحق ناصر ومنصور ... ولن ننتظرهم على ابواب المدينة فالحسناوات غادرن منذ الزمن البعيد ازقتها وحواريها ...

ونحن هنا بالانتظار في الدروب والطرقات قاعدين ونحترف الشوق ونحترق بالتوق ، ولا نريد ان نكون أبطالا أكثر.... ولا نريد أن نكون ضحايا أكثر... جل ما نريده ان نكون بشرا أناسا نعيش في قلب الحياة لا على هوامشها... نمارس العشق والحب واللهو والغضب.... ونصرخ متى يكون للصراخ من ضرورة .. فهل من مجيب او ناصر للبسمة وللشجن وللحزن الجميل ...؟؟

كان لابد من هذا الضجيج الأحمق من سلاطين التاريخ الذي كان ، حتى تستوي معاني اللحظة... وكان لابد من جيش وعسس مدجج بالحقد على أناشيدنا حتى يتم الإعلان عن شارة المشهد العظيم ... وكان لابد من أن تكون الصرخة لتكون عاصمة العشق والايمان حاضرة في ضمير الانسان الغائب البعيد عن حقيقة صعاليك عشاقها ومجانينها ... كان لابد من الإعتقال... والمداهمة... والإغلاق... وكان لابد من المنع لعبور أغاني الحب والجمال للإنسان كونها لا تستوي ومشهدية الموقف لخفافيش الظلام... اذن كان لابد من تدخل ليستوي المشهد من جديد..ولرسم اللوحة السريالية من خلال فتيان المدينة ...

كانت ربما مشهدية اخرى لتتناسب وعواصم الجمال بالعالم في ظل الألم والحزن الشديد ، كان لابد من مداهمة منزل عاشقا من عشاق البلدة العتيقة وممارسة لعبة الموت بالميادين للترويع والتخويف في الازقة والتهمة التآمر لإغاثة الملهوف ... والبحث عن الفقير في الازقة هو الفعل المنافي لسيادة التاريخ الراهن ونسفا لحكاية الماضي ، والتعدي على المواثيق و العهود المُبرمة مع يزيد ، ونصرة المدينة واحدة من افعال المتمردين على الواقع ووقائعه الجديدة ...

والمشهد هنا هو الحقيقة بأم عينيها .. فالمدينة ترفض اعطاء البيعة للطارئين على تاريخها وللصوص حاضرها ، وهي الناصرة للصعاليك وللقادم على صهوة الجواد العدناني وان كان بالقتل الموعود سيكون المصير ... وحضارية المشهد هنا لا ترتقي لعالم الزيف ومجافاة الحقيقة بشيء... فجاء صخبنا كما هي عادتنا .. على أرصفة الشوارع نغني... وبحواري العتيقة نمارس لهونا... وبأزقة الخراب نعيد بناء ذواتنا لنبقى حراس المعابد وكما يجب ان نكون... هي كلمتنا من جديد... وهي تعويذة الرب التي تشرفنا من خلال اسمها... في القدس اليوم يكمن التحدي لأبجديات الحب شعرا وقولا بليغا فصحيا ينطق بلغة الضاد... في القدس اليوم تكمن إرادة من أراد أن يعلي كلمة يسوع على صليب الجلجلة... ويرتل مع المؤمنين بلغة سريالية لا تعرف الا سلاما وبردا على من سكنها... في القدس نعي معادلة واحدة ان هويتنا عربية، وأن للقدس مرادفات تاريخية فهي اليابوسية الكنعانية وحجارتها تنطق بكل لغات الانبياء وابناءها ورثة الحلم واتقياء رسل الله ، وهي العاصمة الأبدية للحضارة الانسانية ... وان لم يكن القمع والقتل والحرمان من سمات يومياتها والخنق لإغنية الفجر ولترتيل السماء لكان الشك بالقدس ذاتها... اذن كان لابد من ان يكون المشهد كما كان وكما هو الان لتكون القدس قدسنا ...

حينما تحتفي القدس بكينونتها لابد لها من أن تتميز... ولابد أن تهتز معها كل معاني حضارة العصر وعولمة الفهم للحضارة... ولابد لكل شعراء العصر من أن يعلموا أن لكتابة الشعر وإنشاده في القدس معيارا أخر ومقياسا آخر وبلغة أخرى لا يفهمها الا من فكك رموز القدس... والشعر هنا هو تفاعل العطاء مع الفعل بالميادين ويُصار الى برمجة النواح شعرا وكلاما ابجديا كنعانيا حينما يُساق الفتيان الى مقصلة العبث بالاحلام ...

وليابوس مفردات الغناء الغنية والحان تعزفها قيثارة السماء للعشاق في الميادين ، ومن يريد أن يغني القدس لابد ان يستوعب أهاتها... ويحمل معها جزءا من ثقلها حيث انها حامية لتراث من مروا بها واودعوا بخزائنها كنوز اللغة وكلمات الرب والتصوف والشعر ودراويش الزمان وجمال الفقراء وأقاصيص العجائز وعبث العشاق... ومن امتطى صهوة الريح وحضر الى المكان ربما صدفة او عن سبق اصرار وترصد ناقشا جملة على جدران المدينة... لتضيف رمزا من رموز الحضارة وثقافة المكان والزمان ولتشهد من جديد انه قد مر من هنا... وجمالية المشهد حينما تتزاوج المعرفة بتاريخ انت شاهد عليه... للقدس معاني لها ان تتمظهر بكل الأوقات... الذي كان لابد له من ان يكون حتى تستوي القدس حقيقة دون تزيف لواقعها... ومرة اخرى وباصرار ترفض البيعة العبثية لمن خان عهدها وميثاقها ، ويتقدم امير من امراءها في محاولة منه لمرواغة الليل لنصرة المحشورين في البيوت ، واللاهثين خلف السراب ، والمنتظرين اجوبة أسئلة ظلت منذ عقود دون شفاء او بلسمة للجروح ...

والفتى المشاكس يحاول بأبجديات كنعانية ان يقرع جدران الخزان قبل فوات الاوان لعل وعسى يكون للقرع من نتيجة ... ولابد من احداث الضجيج ...

كان لابد لسلطات الاحتلال من مداهمة للحارات والحواري وللأزقة، حتى تكون القدس صادقة مع ذاتها حينما تعتلي منصة ذاتها .... وكان لابد من الإعتقال حتى تستوي إدارة الحدث... فأحداث القدس لا يمكن ان تعبر دون إدارة فعلية للحدث.. وشؤونها هكذا تتم إدارتها.. حتى أن عشاقها يعرفون كيف من الممكن أن يعايشوا الحدث في عيد الحب... فهناك اعتقال لمن تسول له نفسه ان يحمل وردة حمراء بعيد الأم أو لزوجة تنتظر وردتها وان اقترب احد من الوردة الحمراء لابد من ان يتلصص ليلا لعشيقته الساكنة بين ثنايا البلدة القديمة، وربما يأتيها عند أول الصبح حتى يكون العبور للحواري آمنا فخفافيش الظلام يتربصون العشاق ايضا....

إذن كان ما كان وتم الإعلان عن انتهاك سيادة الاغتصاب لروابي المكان ، و السلطات المدججة بأعتى اداوات الحقد على الحلم تسعى بكل السبل والوسائل لترسيخ مفاهيم ومعاني السيادة الفعلية وانتزاع البيعة ليهوذا وليزيد ، والعربي العدناني لن تخونها اسوار المدينة وقلاعها لن تستكين ....