وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل هي مسارات جديدة لمعالجة الانقسام؟

نشر بتاريخ: 02/07/2020 ( آخر تحديث: 02/07/2020 الساعة: 22:51 )
هل هي مسارات جديدة لمعالجة الانقسام؟

بقلم: د . وليد سالم- خاص بوكالة معا

هنالك حدثان لافتان تما خلال اليومين الاخيرين يؤشران إلى إمكانية توفر فرصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي وفق أسس جديدة . هذان الحدثان هما : المؤتمر الصحفي يوم الثاني من تموز للأخوين جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مع الاخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ، والثاني هو اللقاء الهام يوم الاول من تموز والذي تحدث فيه رئيس الوزراء الدكتور محمد إشتية لمعهد كارنيجي عبر نظام زوم حيث أدار اللقاء مروان المعشر وزير الخارجية الاردني السابق وشاركه في طرح الاسئلة كل من زها حسن وآرون- ديفيد ميلر .

يمكن وصف المؤتمر الصحفي المشترك للرجوب والعاروري بتعبير " اللقاء في أرض المعركة" وهو تعبير إستخدمته حركة فتح لدى إنطلاقتها وعنت به أن الوحدة تتحقق في ميدان الكفاح ، واليوم في ميدان الكفاح ضد مشروع الضم الاسرائيلي لمزيد من الاراضي الفلسطينية . في هذا الاطار تحدث العاروري والرجوب بلغة واحدة فحواها أننا كلنا في سفينة واحدة وهي اليوم تغرق ، لذا يجب أن نوحد جهودنا الكفاحية في المقاومة السياسية والدبلوماسية والقانونية والميدانية وكل حسب طاقته معا من أجل إنقاذ السفينة وفي الكفاح ضد الاحتلال والضم، فيما نضع خلافاتنا حول كيفية إدارة السفينة جانبا . كلام لافت لا مجال سوى الترحيب به والامل بأن يتحقق ، وكانت قرية بدرس في محافظة رام الله قد حققت نموذجا مصغرا من هذا اللقاء في أرض المعركة شارك في كفاحه فتح وحماس وكل الفصائل مما نجم عنه النجاح في إزاحة جدار الفصل العنصري في تلك المنطقة ليقام على حدود عام ١٩٦٧ ، وليس داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧، وهنالك فيلم يوثق هذه التجربة متوفر على الانترنت لكل من يرغب بالمشاهدة. ولعل الرجوب والعاروري أرادا القول اليوم بأنه سيتم توسيع تجارب المقاومة الشعبية الميدانية السابقة لتأخذ طابعا وطنيا شاملا وبمشاركة فتح وحماس في كفاح مشترك لعل وعسى ذلك ينتج الثمار المرجوة باتجاه وقف مشاريع الضم والدفع نحو تحقيق التحرر الوطني.

في سياق ذو صلة جاءت مقابلة الدكتور محمد شتية مع طاقم معهد كارنيجي لتطرح بعض القضايا اللافتة المكملة ولعل منها حديثه أن السلطة لن يتم حلها ، وإنما ستتحول إلى حكومة دولة تحت الاحتلال ، وأضاف أن الفلسطينيين قد مارسوا الكفاح المسلح ، فالمفاوضات ، والان يقومون ببناء الدولة ، وتحدث عن المقاومة المدنية الشعبية بوصفها وسيلة لبناء حقائق فلسطينية على الارض باتجاه بناء الدولة ، وهنا يتقاطع شتية مع ما طرحه جبريل الرجوب في مؤتمره مع صالح العاروري حول المقاومة المدنية الشعبية ، فهي ليست مقاومة ضد الضم فقط ، بل هي أيضا مقاومة لبناء حقائق فلسطينية على الارض على طريق بناء الدولة الفلسطينية المستقلة . بمعنى آخر فهي ليست فقط مقاومة سلبية ضد مخطط ما كالضم مثلا ، ولكنها أيضا مقاومة إيجابية تبني الوطن أيضا فيما تقوم بمقاومة الضم في الوقت ذاته .

في لقائه مع كارنيجي طرح الدكتور شتية أيضا خمسة أخطاء فلسطينية رافقت الكفاح الفلسطيني خلال المئة سنة الاخيرة أولها الفشل في متابعة تشكيل برلمان لفلسطين قبل عام ١٩٤٨، وثانيها التشرذم في الساحة الفلسطينية ، وثالثها التوقيع على أوسلو كإتفاق مؤقت فصل أيضا بين الضفة وغزة ، ورابعها الثقة بأمريكا كوسيط في المفاوضات رغم إنحيازها إلى إسرائيل ، وخامسها : اعطاء السلام فرصة بعد فرصة رغم خرق إسرائيل لكل المواعيد مؤكدا أن العملية السياسية تحتاج لكي تنجح إلى إطار مرجعي وهو ما توفر لمفاوضات مدريد ولم يتوفر لمفاوضات أوسلو ، وجدول زمني يتم إحترامه ، ونوايا للتوصل إلى حل وهو ما لم يكن متوفرا لدى الجانب الاسرائيلي الذي إعتمد مشروعا استيطانيا استعماريا للتوسع والتمدد وليس مشروعا للتوصل إلى حل مع الشعب الفلسطيني .

أخيرا طرح شتيه أن تمارس منظمة التحرير الفلسطينية قيادة الكفاح الفلسطيني لمواجهة الضم وتوجيه حكومة دولة فلسطين تحت الاحتلال من أجل بناء الدولة ، على أن يستمر المجلس الوطني الفلسطيني كصيغة تمثيلية لكل لاتحادات والجاليات والاطر الاخرى المنتخبة من قطاعاتها .

كلام لافت، ويطرح مسارين جديدين لإنهاء الانقسام ، الاول هو اللقاء في أرض المعركة ، والثاني هو التعاضد معا لبناء الدولة حتى تتحرر وتستقل. فهل يشكل هذان المساران إختراقا جادا نحو إنهاء الانقسام والتقدم قدما نحو إستعادة فلسطين على الخارطة ؟ دعونا نتفاءل هذه المرة وأن ندفع نحو تعزيز الخطوة الايجابية التي تمت من خلال بناء خطوات أخرى تترتب عنها ، ولعل مؤتمر التجمع الوطني للمستقلين بالمشاركة مع جامعة القدس والذي سيعقد الاسبوع القادم مناسبة لتطوير المزيد من المنافذ الايجابية من أجل وحدة الجميع في سبيل فلسطين مترفعين عن المصالح الفئوية الضيقة لكل طرف هذه المرة .