وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كورونا من الداخل

نشر بتاريخ: 07/07/2020 ( آخر تحديث: 07/07/2020 الساعة: 17:09 )
كورونا من الداخل

كتب: ناصر العيسه

اختصاصي Plant Virology

خبير تطوير مؤسسي وإدارة مشاريع

من المؤكد أن الطريقة التي يتطور ثم ينتشر بها فيروس كورونا المسبب لمرض "كوفيد 19" هي طريقة مذهلة. فبالإضافة إلى طريقة الانتقال المتنوعة والسريعة للفيروس، وأنه ذو أعراض كامنة (Latent) لمدة (14) يوما على الأقل، ثبت أن الفيروس تحدث عليه طفرات (Mutations) في كل بلد يصيب فيها. بل وأكثر من ذلك، تحدث عليه طفرات في ذات البلد، وفي ذات المختبر، وفي ذات اليوم. بمعني أن الفيروس يطفُر ويتطور مع كل إصابة جديدة. وبلغة "الجريمة والتهرّب" المبسطة، إن جاز التعبير، يمكن القول إن الفيروس يطفُر ويتطور وكأنه يتلوّن ويتطور ويتهرّب كلما اقترب العلماء وباحثوهم من كشف ووصف إحدى صفاته.

الأمر الاخر المهم هو أن الطفرات التي تطرأ على الفيروس هي طفرات مزدوجة. أي أنها تحدث في جميع مكونات الفيروس، وهما مكونان اثنان (الغلاف البروتيني Coat Protein، والحامض النووي RNA).

إن ذلك يجعل أمرَ تصميم لقاح (Vaccine) ضد الفيروس أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد بسبب كون مكونات الفيروس بأكملها متغيرة، وغير ثابتة، وعرضة للطفرات المتواصلة. وإن ذلك سيتطلب من العلماء وباحثيهم وقتا وجهدا ودقة في البحث عن مناطق "مستقرة"، إن وجدت، على الغلاف البروتيني وعلى الحامض النووي للفيروس من أجل استعمالها في تصميم وإنتاج اللقاح المأمول. كما أن تَطَفُّر الفيروس يُصعّب على الباحثين عملية التوسُّع في تقنيات الكشف عن الفيروس لاحقا، سواء بإنتاج الأجسام المضادة (Antibodies) للكشف عن الفيروس من خلال التقنيات المصلية (Serology) مثل (Enzyme Linked Immunosorbent Assay-ELISA)، أو من خلال التقنيات الجزيئية (molecular) المتعددة مثل (Polymerase Chain Reaction-PCR) وغيره.

ولقد اطلعتُ على نتائج حية ورصينة لأحد المختبرات العالمية والذي تُرفع اليه نتائج الإصابات في معظم دول العالم حيث تجري عليها المزيد من الأبحاث المُعمقة، فكانت النتائج مذهلة بكل ما في الكلمة من معنى.

الصور الاتية، وهي عينات من بين الاف الصور، تُثبت وتصف الطفرات الهائلة التي ذكرتُها أعلاه، وهي لعينات تم فحصها في العديد من دول العالم وثَبَتَ أنها مصابة بالفيروس. ومن اللاّفت جداً أن الطفرات حدثت في الكثير من الحالات في إصابات في ذات الدولة، وذات المدينة، وذات اليوم، والفحص في ذات المختبر. كل واحدة من الصور هذه الصور تتكون من قسمين: القسم الأيمن يبين الطفرات وقد حدثت على الحامض النووي وأيضا على الغلاف البروتيني للفيروس. والقسم الأيسر يبين كافة تفاصيل العينة المصابة، مثل عمر الشخص ومكانه واسم الباحث والمختبر.

الصورة (1) و (2) هما لإصابتين في الصين، مدينتي ووهان وبكين بتاريخ 24/12/2019 و 24/3/2020 على التوالي، علما أن إصابة ووهان هي أول إصابة سجلت في الصين. الصورة (3) و (4) هما لإصابتين في الأردن بتاريخ 28/3/2020 و 17/3/2020. الصورة (5) و (6) هما لإصابتين في الامارات العربية المتحدة بتاريخ 12/3/2020 و 15/3/2020. الصورة (7) و (8) هما لإصابتين في الولايات المتحدة الأمريكية بتاريخ 4/5/2020 و 22/1/2020. والصورة (9) و (10) هما لإصابتين في دولة الاحتلال بتاريخ 27/4/2020 و 9/3/2020.

وعِلميا، إن هذه الصور تؤكد أن الفيروس "يهرب" من خلال طفراته، وأن معركة العلماء والباحثين معه، حتى الحسم النهائي، هي معركة طويلة ومريرة.

إن مواجهة الأمراض الفيروسية هي عملية صعبة في أصلها، فكيف الحال بمرض ناتج عن فيروس مُستجِد ومُتجدد ويطفُر ويتطور بشكل مستمر. يأتي هذا في ظل مخاوف لا يمكن تبديدُها من احتمالية ظهور فيروسات جديدة، أو فيروسات مُستجّدة، أو حتى سلالات فيروسية جديدة.

كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل
كورونا من الداخل