![]() |
اسرائيل و حوارات المصالحة في اسطنبول
نشر بتاريخ: 01/10/2020 ( آخر تحديث: 01/10/2020 الساعة: 13:33 )
![]()
ملفت للنظر ان اسرائيل حتى الان لم تنطق بكلمة او تعلق على ما جرى من لقاءات بين فتح و حماس في اسطنبول الاسبوع الماضي . على الرغم ان الجميع يدرك ان دوائر اتخاذ القرار ، خاصة الجهات الامنية ، تتابع بأدق التفاصيل ما يجرى في الساحة الفلسطينية نظرا لتشابك المشهد الفلسطيني-الاسرائيلي. عدم التعليق الاسرائيلي حتى الان على ما يجري ربما يعود الى سببين، الاول ان اسرائيل غارقة في مشاكلها الداخلية ، سيما تفشي وباء الكورونا الذي على وشك ان يصبح خارج السيطرة خاصة في التجمعات اليهودية الدينية و كذلك في بعض التجمعات العربية في الداخل و تداعيات هذا الوباء الاقتصادية و آثاره المدمره بعد اضطرارهم لفرض الاغلاق على انفسهم والذي قد يستمر الى ما بعد الاعياد اليهودية. والسبب الاخر ان الاسرائيليين تعلموا ان يتعاطوا بحذر شديد مع كل ما يتعلق من تطورات في الساحة الفلسطينية سيما موضوع المصالحة او الحوارات بين فتح وحماس . لا شك ان اسرائيل اكثر المستفيدين من استمرار الانقسام الفلسطيني، وهذا طبعا ليس اختراع، ولذلك من المنطق ان تحرص على استدامته قدر المستطاع . حتى الان ينجحون في مهمتهم ليس لانهم اذكياء ويعرفون كيف يحافظون على هذا الانقسام بل لان البركة في القيادات الفلسطينية انفسهم الذين لا يدخرون جهدا من اجل استمرار هذا الانقسام ، على الاقل حتى هذه الايام. لذلك ، في هذه المرحلة و طالما ليس هناك نتائج عملية على الارض ستبقى اسرائيل ملتزمة الصمت ، تلعب من تحت الطاولة و تنفذ ما تريده بصمت . لا شك انهم يأخذون بعين الاعتبار بعض المتغيرات في الساحة الفلسطينية والاقليمية التي قد تعكس نفسها على نتائج هذه الحوارات. المتغير الاول هو المكان الذي تعقد فيه هذة اللقاءات و الراعي الحصرى لها. تركيا و قطر دول لها تحالفاتها و لها خياراتها و خيارهم هو الاخوان المسلمين و ليس حركة فتح ، خيارهم خالد مشعل و اسماعيل هنية و العاروري و ليس جبريل الرجوب و العالول و دحلان و الطيراوي ولا حتى مروان البرغوثي. تركيا وقطر في محور معادي لمحور الاعتدال العربي الذي هو خياره منظمة التحرير و حركة فتح وهو محور مصر و السعودية و الاردن و الامارات و بقية دول الاعتدال العربي. الذهاب لحوارات في اسطنبول و بعيدا عن لغة الدبلوماسية الناعمة و الابتسامات الصفراء هو تغيير جذري في الاتجاه اشبه بالانتحار السياسي حتى وان كان مجرد تكتيك يهدف الى كسب مزيدا من الوقت . المتغير الثاني هو تركيبة الوفد الفلسطيني و بالتحديد رئيس الوفد و مايستروا المصالحة الجديد. من يقود المفاوضات مع حركة حماس الان هو اللواء جبريل الرجوب بدل عزام الاحمد. جبريل الرجوب يتعامل بجدية عالية في هذا الملف و يعتبر على ما يبدو ان مستقبله السياسي مرتبط بنجاحه في هذه المهمة . هو يعرف كيف يستثمر هذه الفرصة التي قد لا تعوض و التي تهيئ لمرحلة ما بعد الرئيس عباس حيث يعتبر ان النجاح في هذة المهمة يكسبه حماس و يعزز مكانته لدى القطريين و يعزز مكانته داخل الشارع الفلسطيني و بعزز فرصه داخل حركة فتح . لذلك هو لديه الاستعداد ان يفعل اي شيء من اجل ان ينجح في هذة المهمة. المتغير الثالث هو التدهور في الوضع الفلسطيني بعد اتفاقات التطبيع العربية مع اسرائيل و الفشل الفلسطيني المدوي في الجامعة العربية و الوضع الاقتصادي المتردي للسلطة الفلسطينية التي بصعوبة توفر نصف الراتب لموظفيها بعد ان يتم السطو على جزء من حقوق موظفي غزة. هذا التراجع او هذا التردي في الحالة الفلسطينية و في ظل العجز التام عن القيام بأي فعل حقيقي يغير من المعادلة القائمة كان لا بد من العودة الى مربع حوارات المصالحة التي لم تغير حتى الان اي شيء فعلي على الارض . ومع ذلك يبقى السؤال الذي يسأله كل فلسطيني وهو هل هناك فرصة حقيقية للتوصل الى اتفاق ينهي الانقسام و يؤسس لشراكة كما يقولون و يقود الى انتخابات تشريعية و من ثم رئاسية و مجلس وطني ام سيكون مصير هذه المفاوضات و الحوارات حتى وان تمخض عنها اتفاقات جديدة سيكون مصيرها كمصير سابقاتها؟ الجواب ليس عندي و ليس عند جبريل الرجوب وليس عند الاسرائيليين و ليس عند الاتراك و القطريين ولا حتى لدى حماس. هناك وجهتي نظر حول ما يريده الرئيس عباس في هذه المرحلة. وجهة النظر الاولى تقول ان الرئيس عباس يريد ان يكسب الوقت الى ما بعد الانتخابات الامريكية . حيث الاعتقاد بأن نتائج هذه الانتخابات ستنعكس بشكل كبير على الوضع الفلسطيني و العربي. الانتخابات ستجرى بعد شهر و الرئيس القادم سواء كان ترامب او بايدن سيتسلم مهامه في مطلع العام القادم ، يحتاج الى شهرين على الاقل لترتيب البيت الابيض. نكون وصلنا الى شهر مارس ابريل. اما اذا تم انتخاب بايدن ، وهذا على ما يبدو ما يرغب به الرئيس عباس و القيادة الفلسطينية فهذا يعني انه قد يكون هناك امل في استئناف العملية السلمية و استئناف المفاوضات مع اسرائيل بعيدا عن صفقة ترامب التي ستم ازالتها عن الطاولة قبل ان يغادر هو البيت الابيض. |