وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اتفاقيات "التطبيع" وحُلم دولة الاحتلال بالسيطرة على العالم العربي

نشر بتاريخ: 24/10/2020 ( آخر تحديث: 24/10/2020 الساعة: 13:29 )
اتفاقيات "التطبيع" وحُلم دولة الاحتلال بالسيطرة على العالم العربي






لا شك أن ما يجري في بعض الدول العربية يُعبر عن مدى الانحطاط الذي وصل اليه حُكام تلك الدول بفعل الهيمنة الأمريكية الصهيونية على .
هذا الواقع جاء نتيجة ضُعف الأنظمة العربية واستسلامها لأمريكا لرسم سياساتها مُقابل حفاظهم على وجودهم على كُرسي الحكم، فبدأت أمريكا بالسيطرة الكاملة على مُعظم دول الوطن العربي وبدأت برسم سياستها وتقريبها نحو دولة "الكيان" من أجل إنهاء حالة العداء التي نتجت بعد احتلالها لكافة الأراضي الفلسطينية واجزاء من الأراضي العربية في العام 1967، حيث نستذكر مؤتمر الخرطوم ولاءاته الثلاث التي ترفض اي علاقة وتطبيع مع دولة الاحتلال.
أطلقنا لاءاتنا دون أي تخطيط للتصدي لدولة الكيان التي بدورها بدأت التخطيط لغزو الوطن العربي "ككل" والتفشي فيه كالسرطان وضعت علمها أرضيةً بيضاء وخطين زرقاويين يدلان على نهري النيل والفرات ليكتمل حلم دولة الكيان بالسيطرة على كامل الأرض العربية.
بعد عشر سنوات من احتلال فلسطين وأجزاء من الأردن وسوريا ولبنان ومصر عقدت دولة الكيان ما يُعرف باتفاق "كامب ديفد" مع جمهورية مصر العربية كأول اختراق للموقف العربي والدول العربية، فحصلت على جزء من النيل كبداية لتطبيق المخطط والحلم الذي خططه ويحلم به زعماء الصهيونية بإيصال دولتهم الى النيل والفرات.
يوما بعد يوم تزداد هيمنة أمريكا ومُدللتها "إسرائيل" دولة الاحتلال على العالم وتتقدم اسرائيل خطوة خطوة نحو تنفيذ مخططاتها في السيطرة على الوطن العربي، حيث الطريق الآن أصبح مُمهداً بشكل غير مسبوق، فالخليج العربي أصبح اليوم نقطة انطلاق لدولة الكيان نحو باقي الدول، فبعد البحرين والامارات هاي هي السودان تتجه نحو التطبيع وإنهاء حالة العداء.
السودان التي كانت يوماً ما تحتضن قواعد الثورة وخرجت العديد من الكوادر العسكرية الفلسطينية، السودان التي كانت تُشكل سلة الغذاء العربية لخصوبة تربتها أغرقت في الحروب الداخلية جففت أراضيها فأصبح جزء من سُكانها يعانون من المجاعة، قسمت السودان الى قسمين تراكمت عليها الديون نتيجة سوء استخدام الموارد وسوء إدارة البلاد عبر عشرات السنين من تقلب الحكام عليها.
اليوم السودان استسلمت للهيمنة الأمريكية، وسلمت السودان لدولة الكيان كي تتنعم بخيراتها وتستثمر في أراضيها ولتكمل الضلع الأول من حلم الصهيونية المُتمثل بنهر النيل في طريقهم نحو السيطرة على الضلع الثاني، وهذا ليس بعيد المنال فبعد أن دمرت أمريكا العراق وأغرقته بحروب ونزاعات طائفية بين السنة والشيعة والأكراد، حيث أن إقليم كُردستان يعمل على الانفصال عن دولة العراق لتشكيل كيان مستقل هذا الكيان الذي أصبح الآن متاح لدولة الاحتلال وأجهزة مخابراته.
نعم إن صفقة ترمب لم تأتي نتيجة أفكار آنية وإنما جاءت نتيجة تخطيط منذ عشرات السنين بدأه أسلافه من الرؤساء السابقون لأمريكا بالشراكة مع الحركة الصهيونية لتمكينهم من الوصول الى ما وصلوا اليه اليوم، هذه الصفقة التي بدأ تنفيذها على الأرض من خلال هذه الاتفاقات مع عدد من الدول العربية على أمل الوصول الى أكبر عدد ممكن وإن الاتفاق مع السودان ليس وليد الصدفة، وإنما لإكمال رسم نهر النيل الموجود على علم دولة الكيان، ولأهمية السودان اقتصادياً وأمنياً ولكسر لاءات العرب التي اطلقت من الخرطوم عاصمة السودان.
إن كل الاتفاقات المُنفردة التي تعقدها الدول العربية من أجل إضعاف الموقف الفلسطيني الصلب في مواجهة كل المؤامرات والمخططات الصهيوأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية ولإنهاء الحلم بالعيش في ظل دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف واستبداله بـ "كانتونات" يعيش فيها الشعب الفلسطيني ضمن نظام فصل عنصري جديد على غرار نظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا، لكن هذا لن يتحقق بفعل الكل الفلسطيني وبفعل تمسك قيادتنا بالثوابت الفلسطينية التي لا يُمكن التفريط فيها وبفعل أبناء شعبنا الذين لا يمكن أن يفرطوا بدماء الشهداء وعذابات الأسرى الذين ضحوا بأغلى ما يملكون من أجل النصر والتحرير ومن أجل حرية ناجزة ودولة فلسطينية كاملة السيادة، وسيبقى الحق الفلسطيني أقوى من كل مؤمراتهم حتى لو بقي الشعب الفلسطيني وحده في مواجهة كل المخططات فسيلحق به كل الشرفاء من شعوبنا العربية وبعض الحكام الذين لا يقبلون بالذل ولا المهانة وسنصل في نهاية المطاف الى النصر إن شاء الله ودحر الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية وسيُصبح حلمهم كابوساً وستفكك دولة كيانهم وسيعودون الى حيث أتوا الينا وسيعود الحق الى أصحابه وما ذلك ببعيد .
نعم إن هذا التسارع في الهرولة الى دولة الكيان لا يعني إلا قُرب نهاية الظُلم وبزوغ فجر الحرية ونعيد لهذه الأمة مجدها الذي سُلب بفعل الاحتلال وبفعل تخاذل بعض الحكام ! .
• كاتب وسياسي