وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الكتابة والمرأة في"إشراقات صباح"/ صباح سالم

نشر بتاريخ: 27/10/2020 ( آخر تحديث: 27/10/2020 الساعة: 20:03 )
الكتابة والمرأة في"إشراقات صباح"/ صباح سالم

الكاتب: د. صافي صافي

صدر كتاب اشراقات صباح عام 2020 للكاتبة الفلسطينية صباح سالم، ويقع في 83 صفحة من الحجم المتوسط.

تُجملنا الكتابة

تُصيرنا قاطفي فراشات وزارعي ورود

وكثيرا ما تجعلنا أكثر اتساعا، كأرض ممتدة، ممتدة إلى الأبد

فلتكن الكتابة امتداد لنا، امتداد لما بداخلنا من سحر وجمال وإبداع

صدر كتاب اشراقات صباح عام 2020 للكاتبة الفلسطينية صباح سالم، ويقع في 83 صفحة من الحجم المتوسط.

هذا ما جاء على الغلاف الأخير للاصدار الأول للصديقة صباح سالم، التي مرت بتجارب عميقة ومختلفة، جالت فيها البلاد، والبلاد الواسعة، وعادت حنينا لبلادها، موطنها، أرض عشقها، وبيئتها الأصيلة، بعد غياب، وغياب أحبة لها، بعدما أدت رسالتها تجاه ابنائها، وتجاه نفسها، ليس فقط بالتأمل في الذات، وهي المرشدة النفسية، وإنما أيضا بتفريغ هذه التأملات عبر الكلام المكتوب والنشر، فسحر الكتابة على حد قولها: أن تمتلك نهرا من ورق ترتوي منه عصافير كثيرة. وأول من يرتوي هو الكاتب نفسه، آملا أن يرتوي منه القاريء أيضا، فهي على حد قولها أيضا وأيضا، متواضعة، ليس في نيتها أن تعتبر نفسها من الصفوة، فهي تحب العامة ومخاطبتهم، وهي لا تهدف لنشر الكتب، بل نشر الحب. بناء عليه يمكن قراءة الكتاب، والنصوص العديدة التي احتواها.

الكتابة هي فن البوح، بوح ما في الداخل، لتعرضه على القراء، باختيار الكلمات المناسبة والشكل الملائم، وأعتقد أنها فعلت ذلك إلى حد بعيد، هي تحاول أن تنطق جوهرها، ورسمها بالكلام، ولا أزعم، ولا هي تزعم أن ما كتبن شعرا، رغم القوام المتشابه معه، وليس نثرا، بالمعنى القصصي أو الروائي أو حتى المقالي، بل ما فعلته، هو محاولة لتكثيف أفكارها، وما يجول بخاطرها بالرسم الكتابي، ونحن نعرف أن هذه محاولتها الأولى، ونعرف أن لديها مشاريع أخرى، إذا ما طلبت منها نفسها لفعله. صباح إنسانة بسيطة، حالمة، تحاول أن تتعرف على نفسها، بعد ظروف قاسية مرت بها، عشقت الكلام، وأحبت نفسها دون نرجسية، وأحبت الناس، وبدل أن يظل الكلام شفاهيا، أرادت أن تخطه، وتراه، ويراه غيرها.

لم تكن هي الوحيدة التي فعلت ذلك، فهناك أصدقاء آخرين أيضا، وصلوا إلى مرحلة النضج، وحاولوا صياغة أنفسهم، وتجرأوا ونشروها، رغم التردد أحيانا، فالكتابة هي وسيلة لكشف الذات والتعرف إليها، وهي داخله، وداخل الحلقة الأوسع، وما لنا سوى تشجيع مثل هذه الحالات. أنا شخصيا شعرت بالغبطة وأنا أقرأ كتابها، وهي تحمل أشراقات صباح الذي هو اسمها، فالكتابة عندها أن تخرج بقلبها في نزهة، والكتابة رئة ثالثة، والكتابة عطاء، وخفقان قلب مثل لقاء حبيب، وأن تحلم بصوت مرتفع، والليل، وعيش الحب، ومنبر الألم والفرح والمقاومة، ودموع، ورسم، والجمال والامتداد والسحر والإبداع، وسكب الروح،

ليس هناك موضوع محدد في كتابتها، فهي تتناول كل ما تقع عليه أفكارها، وحواسها، ونفسها. تناولت المرأة بالذات أكثر من غيرها، والحب، والسعادة، والبراءة، والطفولة، والعطاء، والأمل، والرقص، والتداوي، والضوء والماء، والطبيعة، وموسيقاها، والحياة، والخفقان، والطهارة، والقداسة، والحرية، والتسامح، والصفاء، والورد، والعطر، والطيور، والشجر، والتين والزيتون، أرضها، وموطنها، فهي من قرية أبو شوشة المهجرة قضاء القدس، وأبناؤها من قرية دير طريف المهجرة والمدمرة أيضاً.

هل ما تكتبه حكم؟ ربما، وربما مواعظ، مثل "لا تستيقظ قبل الصباح حتى لا تربك مواسم الطيور"، "السعادة، ليست بما نملك، بل بما نعطي"

سأتناول أيضا في هذه العجالة قصاصات ما كتبته عن المرأة، ورغم معرفتي النسبية، إلا أن الأمر يستحق التوقف، والتأمل فيه:

· يكفي المرأة أنها إمرأة لتكون جميلة.

· لا تروقني تلك التي اكتفت بكونها امرأة، أحب التي بإمكانها أن تصبح محبرة أو وطنا أو بندقية أو نافذة أو نورسة متى تشاء.

· كل أنثى في حدائق الله هي وردة.

· يقوم الكون على ثلاثة: شهر المرأة، وشهر الأمّ، وشهر الأرض.

· تهمس إمرأة: قل لي أي شيء جميل.

· الكنعانيات يعشقن الورد، ويعشقن القصائد

· المرأة حضارة لو تؤمنون.

يقولون في البدء كانت الكلمة، لكن صباح تجزم أن كل شيء يبتدئ من الحب، وأوّل دروس الحب إطعام العصافير، والكملة تعني الكتاب ليقرأ، ولتقل الكلمة اليوم خاصة "الحب"، ولا تؤجلها إلى الغد، فلن تعيش الحياة مرتين، وادخل بالكلمة اليمنى، فالقلب عتبة مقدسة.

سعدت بهذا الكتاب، وبهذا البوح المختصر، وننتظر كتابات أخرى، مقدسة كما الروح.