وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رسالة مفتوحة إلى الفنان محمد رمضان

نشر بتاريخ: 22/11/2020 ( آخر تحديث: 22/11/2020 الساعة: 16:46 )
رسالة مفتوحة إلى الفنان محمد رمضان

الحقيقة أن ما يجعلني أكتب لك هذه الرسالة، التي كم سيسعدني لو تمكنت من قراءتها، لا يتعلق بفنك إن كان تمثيلاً أو "غناءً،" بل بصورة لتجمعك بمطرب اسرائيلي تم نشهرها على صفحة "إسرائيل بالعربية" التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية و المقربة من اليمين الصهيوني في دولة الاحتلال و الاستعمار الإستيطاني. و المصادفة أنني أكتبها لك ليلاً و الطائرات الإسرائيلية تقوم بقصف العديد من المناطق في قطاع غزة المحاصر حيث أقطن و أعمل في بيئة من الحصار و الإحتلال.

لن أدعي أنني من المتابعين لأعمالك, لأسباب ليس هنا مجال لذكرها، و إن كنت سمعت بعض ما أديته خلال تماريني المسائية على شاطىء غزة حيث يقوم المراهقون/ات بالاستماع لبعض أغانيك بصوت عال. و الحقيقة انني, كما الأغلبية الساحقة من أبناء و بنات شعبنا الفلسطيني و الشعوب العربية،أصبت بصدمة كبيرة و خيبة أمل بعد رؤية تلك الصورة التي تجمعك مع المطرب الإسرائيلي عومير آدام بطريقة غاية في الودية!

وهذا بالضبط ما تحتاجه ماكينة الهسبراه (الدعاية) الإسرائيلية لتبييض وجه نظام الأبرثهايد، أيّ العمل على تبييض وجه هذه الدولة من خلال الثقافة والفن. وانت لا شك تعلم أن هذا المطرب الإسرائيلي قد خدم في جيش الاحتلال، و لكن دوره الدعائي و الترويجي لدولة الإحتلال يفوق ما يعجز عنه السياسيون، كما يقول الإعلام الإسرائيلي نفسه.

أ. محمد،

أفترض أنّ فنّانًا بقيمتك يعرف كل ذلك، و لا شك أنك سمعت بحركة المقاطعة وما تصدره من بيانات ومعايير بخصوص الزيارات التطبيعية التي يقوم بها فنانون/ات من إسرائيل لبعض الدول العربية في محاولة للهيمنة على الوعي العربي الرافض لممارسات دولة الاحتلال و الأبارثهيد و الاستعمار الإستيطاني. من المثير للحفيظة ما قلته حضرتك تعليقاً على الصورة حيث قمت باقتباس كلمات الراحل الكبير عبد الرحيم منصور "لا يهمني اسمك ولا لونك، ولا ميلادك، يهمني الإنسان، ولو مالوش عنوان" و هذا بالضبط ما يتعارض مع الأسس التي تقوم عليها دولة إسرائيل. فهل يتفق معك المطرب الإسرائيلي فيما تقول؟ هل لا يهمه لوني و لا ميلادي و لا عنواني؟ و ألا تساوي بين الضحية و الجلاد عندما تتجاهل ما نعاني منه من ويلات من خلال التقاط هكذا صور مع من يمثل القاتل؟ لا شك أن عبد الرحيم منصور و الملحن/المطرب الكبير أحمد منيب كانا سيتحفظان بشدة على استخدام عملهما الفني لتبرير هذا الفعل التطبيعي!

وألا يشكل ما تقول تجاهلاً للشعب الفلسطيني الذي يعاني اضطهاداً مركبا تمارسه الدولة التي يمثلها ذلك المطرب/الجندي؟ وبالتالي تعرض نفسك للتورط بتبييض وجه الاحتلال وغسل جرائمه في حق الشعب الفلسطيني. و هذ ا ما لا ترضاه لنفسك و لا يرضاه لك معجبينك و لن يقبله الشعب المصري وقواه الحية.

إن مهمة هذا المطرب الإسرائيلي الأساسية هي تبييض وجه إسرائيل الملطخ بدماء أطفالنا، و ليس الترويج لفن إنساني يحترم كل بني البشر. فالدولة التي يتفاخر بتمثيلها، يهمها "إسمي و عنواني و مكاني" و لا يهمها أنني إنسان لأنني، و بكل بساطة، لم أولد لأم يهودية! فهل تعلم أن عومير آدام هو إبن لعقيدٍ في جيش الإحتلال و نائب لقائد وحدة "شَلداغ," إحدى وحدات كوماندو سلاح الجوّ الإسرائيلي؟ وأومير نفسه كان جُنديًا فيما يسمى فيلق العتاد.

فهل, يا أستاذ محمد، تقبل بذلك؟

كنت أتمنى أن اراك مبتسماً في صورة مع فنانينا الفلسطينيين الذين ساهموا في إصدار نداء لمقاطعة اسرائيل، نداء يتمحور حوله شبه إجماع فلسطيني.و لا شك أنك تتفق مع فنانينا أنه يحق لنا أن نطالب بأضعف الإيمان من أشقائنا العرب والامتناع عن المساهمة في أي عمل قد يتم استثماره من قبل دولة الاحتلال التي تمارس أبشع جرائم الحرب بحق أبناء الشعب الفلسطيني لترويج صورة زائفة عن نفسها. إن ما نتوقعه منك، أ. محمد، ليس التضامن، بل المساهمة و المشاركة في نضالنا المشروع في سبيل الحرية و العدالة.

"بمد إيدي لك،" فهل تقبلني؟