وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

نوايا التصويت المتوقعة في جولة الإنتخابات التشريعية القادمة

نشر بتاريخ: 21/02/2021 ( آخر تحديث: 21/02/2021 الساعة: 16:01 )
نوايا التصويت المتوقعة في جولة الإنتخابات التشريعية القادمة

أعلنت لجنة الإنتخابات المركزية يوم الثلاثاء الموافق 16/2/2021 إغلاق باب تسجيل الناخبين للمشاركة في إلإنتخابات التشريعية والرئاسية للعام 2021، حيث بلغ عدد المسجلين 2,622 مليون مسجل من أصل 2,809 مليون يمتلكون حق التسجيل، أي ما نسبته 93,3% من أصحاب حق التسجيل والإقتراع، الأمر الذي يشير إلى رغبة الشعب الفلسطيني العالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالمشاركة في العملية الإنتخابية.

وفيما لم يفتح باب الترشيح بعد، إذ سيبدأ المترشحين (أفراد وكتل وقوائم وأحزاب) في الترشح في العشرين من الشهر القادم لمدة 12 يوم حسب القانون، إلا أن الحراك والسجال الفكري والسياسي الذي بدأت تعلو وتائره منذ صدور المراسيم الرئاسية الخاصة بالانتخابات يوم الجمعة الموافق 15/1/2021.

وتكشف رغبة الشعب الفلسطيني العالية في المشاركة بالإنتخابات القادمة وكذلك السجال الفكري والسياسي المرافق كما يتجلى في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي، أن الشعب لا ينظر للجولة القادمة من الإنتخابات على أنها مجرد إنتخابات سيتنافس فيها المرشحين على الفوز بمقاعد الرلمان وتشكيل الحكومة القادمة، بل تعكس فهم الشعب لها على أنها بداية جديدة لمرحلة جديدة من بحث الفلسطينيون عن مستقبل أفضل سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وقيمياً وثقافياً، لا سيما وأن الشعب يدفع من قوته وقوت أبنائه ثمن فشل القوى والأحزاب السياسية المهيمنة على المشهد الفكري والسياسي الفلسطيني في تحقيق ما وعدوا به الشعب في جولة الإنتخابات الماضية العام 2006 حيث جرت الجولة الأخيرة من الإنتخابات التشريعية.

المفارقة هنا أن حركة فتح لم تحرر الوطن، ولم تحقق الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود العام 1967، ولم تنجح في بناء نظام حكم رشيد يفتخر به الشعب، وكذلك الحال بالنسبة لحركة حماس فلم تحرر شبراً من الأرض، على الرغم من كل ما قدمته ومعها الشعب في قطاع غزة من نماذج في الصمود والمقاومة، كما أنها لم تنجح في رفع الحصار المفروض على غزة منذ أكثر من عقد ونيف، والأهم أنها قدمت نموذج حكم منفر للشعب، إلا أن الشعب لا زال متمسكاً بهم، وفقاً لنتائج إستطلاعات الرأي التي تجريها المؤسسات المتخصصة في هذا المجال، إذ تظهر نتائج هذه الإستطلاعات المختلفة والمتعددة أن 70% من الجمهور ستصوت لصالحهما إذا ما جرت الإنتخابات.

وعلى ذلك سيتنافس المستقلين من الشعب وباقي المكونات السياسية الفلسطينية سواء التقليدية منها، أم تلك الجديدة التي تنوي خوض الإنتخابات على ما نسبته 30% من أصوات الناخبين، الأمر الذي يتطلب من القوى والأحزاب التي لا زالت فلسطينية العقل والقلب عمل كل ما يلزم لمعالجة ما فسد وتطوير إستراتيجيات تستجيب لتطلعات الشعب وإحتياجاته، كما يتطلب منهم إبقاء المنافسة ما بينهم فلسطينية خالصة محصنة ومنيعة، لا تسمح للساعين من الأنظمة العربية وغير العربية بإختراق العقل الفلسطيني وتوظيف نظام السياسي الجديد لخدمة إستراتيجيته السياسية في المنطقة، لا سيما وأن البعض من هذه الأنظمة قد إنحازت علناً لصالح الرواية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية بعد توقيعها على اتفاقية أبرهام ومباركتها صفقة القرن التي إعتبرت القدس الموحدة هي العاصمة الأبدية لإسرائيل.

صحيح أن حركة فتح التي لازالت نسبة عالية من الشعب ترى أن بإمكانها أن تقدم للشعب أكثر مما كان، مطالبة أكثر من غيرها بقطع الطريق أما محاولات البعض ممن خرجوا من بين ظهرانيها التسلل للنظام الفلسطيني الجديد، لا سيما بعد فشل محاولتهم التسلل للصفوف القيادية الأولى في حركة فتح، إلآ أن الشعب بما في ذلك القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية الأخرى التي تنافس فتح على السلطة، مطالبين ربما بنفس الدرجة المطالبة فيها فتح في كشف هذه الجماعات ولفظها، وإلا كانت شريكة لهذا البعض في أهدافه وغاياته.

قد يرى البعض أن الشعب الفلسطيني تاريخيا كان محصناً ضد كل محاولات الإختراق من الخارج، وفي هذا الشأن قد يبدُ هذا النمط من التفكير صحيح، ولكن في ضوء فشل الأخرين في تحقيق آمال الشعب وتردي حالته المعيشية وإفتقاده لأبسط مقومات الحياة وربما الصمود، فالوضع مختلف ومحاولات الإختراق يقيناً ستكون أسهل، وحين ذلك على كل مكونات الحركة الوطنية والإسلامية الفلسطينية الإعتراف علناً بالفشل، إذ ستكون الهزيمة قد تحققت ليس بفشلهم في تحقيق ما وعدوا الشعب به وحسب، بل بفقدان الأجيال القادمة إستعادة معنى الوطن من داخلها، وتفضيلها متطلبات الحياة على حساب معنى الوطن.

*المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي