وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حماس تبتز "المصالحة"

نشر بتاريخ: 13/06/2021 ( آخر تحديث: 13/06/2021 الساعة: 20:39 )
حماس تبتز "المصالحة"



فشلت القاهرة في توحيد الصف الفلسطيني في محادثات القاهرة التي كان من المقرر أن تجري غداً السبت في حضور حماس وفتح وباقي الفصائل، وقد سعى المصريون من وراء جهودهم هذه الى التوصل الى ملف هدنة طويل الأجل في القطاع، والتوصل الى تفاهمات حول ملف تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، إضافة الى الاتفاق على ملف إعمار غزة، ومن ثم التوصل الى اتفاقات مع مختلف الفصائل الفلسطينية كجبهة فلسطينية موحدة في إطار تحقيق المصالحة الوطنية. الا أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، حيث فوجأت القاهرة بتعنت موقف حماس في مختلف هذه الملفات لاسيما في ملف المصالحة الداخلية. وإنزعجت القاهرة بقوة من خطاب حماس الذي عبر عنه الوفد المفاوض في القاهرة بأن حماس قبل 10 مايو ليست كحماس اليوم، في إشارة الى خطاب السنوار السابق حول إنتصار المقاومة في معركة سيف القدس وضرورة إستثمار هذا الانتصار. وبغض النظر عن المعنى السياسي لفكرة الانتصار، الا أن أي مكاسب حققتها المقاومة في الحرب الأخيرة ، كما يقول مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة عبدالعليم محمد عبدالعليم محمد، يجب إستثمارها في سياق العمل الوطني الفلسطيني برمته وليس بشكل فصائلي لصالح حركة حماس وبعض الفصائل التي تدور في فلكها. وللأسف، فإن الذي طالبت به حماس في محادثات القاهرة لا يخرج عن كونها تبحث عن مكاسب فصائلية بالأساس، فقد اشترطت عدة شروط لم تكن في كل تفاهمات المصالحة لاسيما إتفاقات عام 2013، وعام 2017.


بدايةً، إشترطت حماس التفاوض مع الرئيس أبو مازن مباشرة، بالرغم من أنه رئيس للشعب الفلسطيني ولا يجوز أن يعبر عن أي فكر فصائلي، ومع أن الرئيس أبو مازن لا يمانع بتاتاً الحضور للقاهرة والاجتماع مع الفصائل، ولكنه وبالتفاهم مع القاهرة، أرجأ زيارته حتى يتم التوافق بين الفصائل ليتوج الاتفاق النهائي بالتصديق عليه. وهو الأمر الذي حدث في معظم مفاوضات الفصائل بما فيها مفاوضات القاهرة عام 2005. والراجع أن حماس في اشتراطها لحضور الرئيس أبو مازن في المفاوضات، كانت تسعى الى وضع إسماعيل هنية بنفس المركز مع السيد الرئيس وكأننا أمام دولتين برئيسين مختلفين.
وفي نفس السياق، فقد إشترطت حماس جملة أخرى من الشروط الجديدة التي نسفت إتفاقات المصالحة السابقة، مثل ضرورة عمل إنتخابات مجلس وطني خلال ثلاثة شهور بالرغم من أنهم يعووا إستحالة عمل هذه الانتخابات في هذه الفترة القصيرة لإعتبارات سياسية ولوجستية تتعلق أساساً بالوجود الفلسطيني في الداخل المحتل وفي الشتات. كما إشترطوا تشكيل لجنة تنفيذية مؤقتة لمنظمة التحرير الفلسطينية تحصل فيها حماس والفصائل الموجودة في غزة على نصيب من المقاعد يتجاوز نصيب حركة فتح، وهي التي أسست المنظمة وشكلت عمودها الفقري والنضالي منذ عام 1969 وحتى اليوم. كما إشترطت حماس أن يشارك في محادثات القاهرة فصائل أخرى شاركت في الحرب الأخيرة مثل كتائب الاحرار وغيرها من الفصائل، وقامت عن عمد بإرسال دعوات لأشخاص محسوبين على التيار الخياني الدحلاني بالحضور من غزة والمشاركة في هذه المحادثات.
في الاطار السابق، يؤكد اللدكتور أشرف أبو الهول الخبير المصري في الشأن الفلسطيني بأن القاهرة شعرت بخيبة أمل من جراء تعنت موقف حماس في هذه المفاوضات، واصفاً المرحلة الحالية للمصالحة بأنها تمثل تراجعاً كبيراً عن الخطوات السابقة في المصالحة . ويتابع أبو الهول في حديث مع التلفزيون المصري، بأن وضع غزة اليوم هو أسوء بكثير من وضعها قبل العدوان الاسرائيلي، فقد دمر العدوان الاسرائيلي مناطق كثيرة في القطاع، وإسرائيل أوقفت الأموال القطرية التي كانت تتدفق الى قطاع غزة بمعدل 30 مليون دولار شهريا، كما أن إسرائيل فرضت قيوداً أكثر على السلع الداخلة الى القطاع، وقلصت مناطق الصيد البحري من 15 ميل بحري الى 6 ميل.
في النتيجة، فإن حماس عليها أن تسعى لتحقيق إتفاق مصالحة مع حركة فتح وباقي الفصائل الوطنية بأسرع وقت ممكن، وذلك حتى تنقذ غزة وتعيد إعمارها، واذا ما إستشعرت حماس أنها قد حققت بعض المكاسب السياسية من جراء العدوان، وهو ما لا نرفضه، فعليها إذن أن تعيد إستثمار هذه المكاسب في سياق وطني يبنى على الشراكة في إ الفعل الوطني المقاوم ضد الاحتلال. وفي السياق، فإن حماس عليها أن تدرك جيداً أن الذي أعاد الانتباه العالمي للقضية الفلسطينية هو هبة المقدسيين وصمود الشيخ جراح وليس فقط صواريخم. وبالضرورة، فليس لها الحق في إبتزاز الكل الفلسطيني من أجل تحقيق مصالح ذاتية وفصائلية. اليوم، الأسرى في السجون يتطلعون بشدة الى إتفاق تبادل الاسرى، والمنتفضون في الضفة الغربية يتطلعون الى إتفاق مصالحة، والفلسطينيون الجرحى والثكلى في غزة يتطلعون الى إتفاق مصالحة، وعلى حماس أيضاً أن تتطلع الى مطالب الفلسطينيين أنفسهم، وليس الى مطالب جهات إقليمية غير عربية.