وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية: أفكار أميركية يقتلها الاحتلال

نشر بتاريخ: 18/06/2021 ( آخر تحديث: 18/06/2021 الساعة: 16:38 )
عودة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية: أفكار أميركية يقتلها الاحتلال


زاهر أبو حمدة
يحكى أن الأفكار لا تموت. بلى تموت، وتقتلها فكرة أنجع منها. هكذا تتحول الفكرة الى مشروع له أهداف وآلية تنفيذ. أما في القضية الفلسطينية وتحولاتها فتتصارع ثلاث أفكار: حل الدولتين، الدولة الواحدة، وتحرير كل فلسطين. يتقدم مشروع على آخر في كل مرحلة، لكن إعادة احياء المفاوضات الفلسطينية برعاية أميركية تشبه إحياء العظام وهي رميم. ولذلك سبب واحد: الاحتلال يرفض تماماً إعطاء الفلسطيني أية حقوق جغرافية وسياسية. ولكن ما الجديد لإحياء “عملية السلام”؟
أرسل جون كيري، وزير الخارجية الأميركية في عهد باراك أوباما، رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إبان التحضير لصفقة دونالد ترامب، التصفوية للقضية، مفادها: “اصمد في مواجهة ترامب وفريقه، نحن عائدون”. كان ذلك في مطلع عام 2018، حين طلب الوزير الأميركي، بوضوح من أحد مقربي أبو مازن، حسين الآغا، حيث التقاه في لندن نقل رسالة الى الرئيس الفلسطيني وفحواها أن يمرر الوقت، وألا يهاجم الولايات المتحدة ومؤسساتها وتركيز هجومه على ترامب وفريقه. وهذا ما حصل بالفعل. وبعد عودة الديمقراطيين الى البيت الأبيض، يقول مسؤول فلسطيني كبير، إن “المبعوث الأميركي هادي عمرو، وعد الفلسطينيين بالعودة الى مفاوضات ثنائية مباشرة مع إسرائيل بعد الانتهاء من المفاوضات النووية مع إيران”. سيصبح عمرو، القنصل العام لدى السلطة الفلسطينية وسيقيم في القدس، وسينسق جهوده مع السفير الأميركي الجديد لدى إسرائيل الدبلوماسي المخضرم توماس نيدز.
في المقابل، شكلت السلطة الفلسطينية فريقاً للتفاوض مع إسرائيل بطلب من إدارة بايدن، على ضوء تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ومن المحتمل أن يترأس هذا الفريق رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي محمد اشتية. ويشترط الفلسطينيون خلال المحادثات مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، العودة إلى الوضع القائم في الضفة قبل الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، بما يشمل وقف اقتحامات الجيش الإسرائيلي على المناطق .A وتشير “القناة 12″ الإسرائيلية، إلى أن فريق تفاوض السلطة سيطلب من الطرف الإسرائيلي توسيع دور السلطة في المنطقتين B وC لا سيما في القضايا الأمنية؛ وبحسب التقرير فإن السلطة الفلسطينية تطالب الحكومة الإسرائيلية الجديدة بـ”إجراءات لبناء الثقة المتبادلة من أجل الحفاظ على إمكانية تنفيذ حل الدولتين”.
ووفقاً لتقرير القناة العبرية، فإن البيت الأبيض عمل على تشكيل فريق التفاوض الفلسطيني قبل سقوط حكومة بنيامين نتنياهو، وبمجرد معرفة أن هناك حكومة جديدة في إسرائيل، عمل على تسريع إجراءات التنسيق مع الطرف الفلسطيني لتشكيل فرق التفاوض، بهدف عقد مباحثات في “أسرع وقت ممكن”. وذكرت القناة أن إدارة بايدن “معنية بفتح قنوات حوار إسرائيلية – فلسطينية، عبر وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير الخارجية ورئيس الحكومة البديل، يائير لبيد، وليس عبر رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد، نفتالي بينيت”. وهذا يعني أن المفاوضات ستكون فتيل انفجار الحكومة الإسرائيلية الجديدة، لا سيما وأن غالبية أعضائها ترفض حل الدولتين ووقف البناء الاستيطاني أو تجميده وهذا أحد الشروط الفلسطينية. ويعمل الاميركيون حالياً على صياغة مصطلح جديد وهو “ضبط النفس الاستيطاني” وهذا مصطلح دبلوماسي مضحك من دون معرفة حقيقته الواقعية.
وتعكس طروحات أنطوني بلينكن، وطاقمه أن الإدارة الأمريكية الجديدة لديها ثلاثة مبادئ أساسية في تعاملها مع الصراع: أولها، مبادئ أساسية ستحكم سياسات واشنطن من ضمنها الإصرار على مقاييس متساوية بين طرفي الصراع في الحرية والأمن والإزدهار. ثانيها، العمل على إصلاح سمعة مصداقية الولايات المتحدة امام الشعب الفلسطيني. وثالثها، التوافق الدولي وتنفيذ القرارات الدولية. وفعلاً، تغير الخطاب الأميركي نوعاً ما. وظهر ذلك في خلال “معركة سيف القدس” وإعادة تمويل المؤسسات الفلسطينية ووكالة “الأونروا”. لكن في مقابل كل الأمنيات والخطط الأميركية، سنكون أمام تضييع وقت وليس تضييع فرصة، لأن الاحتلال يعمل بإطار تراكمي فيما يعتبرها إنجازات في الضم والتوسع الاسرائيلي. فحكومة الاحتلال لن تتراجع لا سيما في القدس وتفكيك الاستيطان ومسألة الحدود والأمن وعودة اللاجئين. ما يعني أن الأفكار الأميركية سيقتلها الرصاص الإسرائيلي قبل أن تتحول الى مشروع.