وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المطلوب: الردع والعقاب معاً

نشر بتاريخ: 17/07/2021 ( آخر تحديث: 17/07/2021 الساعة: 10:30 )
المطلوب: الردع والعقاب معاً


تزداد طردياً مستويات خطورة ظاهرة تسريب العقارات والممتلكات العربية الى اليهود المستوطنين، وتزيد من هذه الخطورة تركيز الجمعيات الاستيطانية اليهودية على شراء العقارات في مدينة القدس المحتلة، وذلك بهدف تهويد المدينة المقدسة وطرد المواطنين العرب الفلسطينيين منها. وتشير بيانات وزارة الأمن الاسرائيلية الى أن الصندوق القومي اليهودي إستولى مؤخراً على مئات العقارات والدونمات في مناطق الغور ورام الله والخليل وبيت لحم والقدس، وذلك بهدف تركيز عملية الاستيطان في هذه المناطق وقضم الأراضي المحتلة تدريجياً، بالشكل الذي يؤدي بالمحصلة النهائية الى إنهاء حل الدولتين وتهجير المواطنين العرب من أراضيهم.
ووفقاً لتقرير مركز معلومات وادي حلوة في القدس المحتلة حول عمليات تسريب جرت خلال السنوات الماضية "فإن صاحب العقار يقوم ببيع عقاره لشخص عربي آخر/ سمسار أو نقل الملكية لعدة جهات وصولاً الى الجمعيات الاستيطانية، ليظهر صاحب العقار بأنه ضحية". ويضيف التقرير بأن نفس هذه الاجراءات تمت مؤخراً عند تسريب عقاري المدعو وليد العطعوط والمدعو صيام في بلدة سلوان المقدسية لصالح جمعية العاد الاستيطانية. واللافت للنظر أن المتهمين بتسريب العقارات لليهود في سلوان كان جلهم من المتطرفين الحاقدين على السلطة الوطنية الفلسطينية، وشوهدت لهم مواقف علنية تدعو الى طرد المفتي محمد حسين من المسجد الاقصى في أعقاب هبة الشيخ جراح. وهذا إن دل على شئ، فهو يدل على كونهم بالأساس طابور خامس مزروع في المجتمع الفلسطيني، ويتستر بالدين، ويدعو الى الفوضى والتمرد خدمة لأهداف المشروع الصهيوني.
بدايةً، علينا أن نؤكد أن قيام سلطات الاحتلال الاسرائيلي والجمعيات التابعة له بالاستيلاء على الأراضي والعقارات الفلسطينية ومصادرتها هو عمل غير قانوني، يخرج عن كافة الأعراف والاتفاقات الدولية، بما فيها إتفاقات جنيف الأربعة التي تطالب سلطات الاحتلال بالمحافظة على سلامة الأراضي المحتلة والإبقاء على الوضع القائم دون المساس بالأراضي والممتلكات والسكان في الأراضي المحتلة. وكلنا يعلم أن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تمارس كافة السياسات التهويدية وسياسات الضم والإستيطان التي تمس بسلامة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي في المجمل سياسات غير قانونية ولا يتم الإعتراف بها من قبل القانون الدولي.

في هذه المقالة، أدعو الى ضرورة مقاومة ظاهرة تسريب العقارات، والتي من المتوقع أن تزداد وتيرتها خلال السنوات المقبلة، وأسمي هذه العملية "مقاومة" لأنني أقصد بها العمل على كافة الجبهات والمستويات للقضاء على هذه الظاهرة وليس فقط إحتوائها أو التقليل منها. في هذا الاطار، فإنني أقترح ثلاثة مستويات لهذه المقاومة:
أولا: المقاومة القانونية على الصعيد المحلي
هنا يجب تطوير منظومة القوانين الوطنية لتستطيع مجابهة ظاهرة تسريب الأراضي. وأقترح في هذا السياق، إضافةً الى تجريم المتورطين في عملية التسريب، أن يتم تجريم أقاربهم من الدرجة الأولى في حال معرفتهم المسبقة بعملية التسريب. ووفقاً لإستطلاع رأي قامت به الحملة الاكاديمية الدولية لمناهضة الاحتلال والضم شمل 66 خبيراً سياسياً وقانونياً، شدد 65 منهم على ضرورة التحقيق وملاحقة الذين يقومون بتسريب أراضيهم داخلياً ودولياً، كما أكدت نتائج الاستطلاع على أنه يجب التحقيق مع أقارب الذين قاموا بتسريب ممتلكاتهم للتأكد من درجة معرفتهم بهذا الجرم، واذا ما ثبت ذلك، فعلى الجهات الأمنية المختصة تحويلهم للقضاء ومصادرة ممتلكاتهم بما يشكل ذلك من رادع مهم لمن تسول له نفسه بيع أراضيه لليهود المستوطنين.
ثانيا: المقاومة القانونية على الصعيد الدولي
يجب تشكيل هيئة وطنية تتكون من المؤسسات الحكومية والأمنية ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة لملاحقة الذين يقومون بتسريب ممتلكاتهم ويهربون الى خارج حدود الولاية القانونية للدولة الفلسطينية المحتلة. وبالضرورة يجب رفع قضايا دولية عليهم والطلب من "الانتربول" إحضارهم للامتثال أمام القضاء الفلسطيني.
ثالثا: المقاومة الشعبية المجتمعية
أعتقد أن هذا النوع من المقاومة الشعبية لظاهرة تسريب الممتلكات يعتبر من أهم أنماط المقاومة، وذلك لأنه الأقدر على إحتواء هذه الظاهرة إجتماعياً وعشائرياً ووسمها بصفة الخيانة العظمي في المجتمع. في هذا الاطار، يمكن حرمان العائلات المتورطة في التسريب من الحماية العشائرية ، وكذلك يمكن منع هذه العائلات من التمتع بالمزايا الاجتماعية والاقتصادية في التعامل مع المجتمع. وأقصد هنا نبذ هذه العائلات وعدم التعامل معها على المستوى الإجتماعي والإقتصادي. وعلى رجال الدين أن يركزوا في الخطب الدينية على تحريم بيع الأراضي، كما يجب على المؤسسة التربوية أن ترفع وعي الطلبة والدارسين بخطورة هذه الجريمة على المجتمع الفلسطيني. وهنا، نذكر قرائنا الأعزاء بأن إمتناع المقدسيين عن الصلاة على الأموات المتورطين في تسريب ممتلكاتهم ومنع دفنهم في المقبرة الاسلامية ما هو إلا نمط مهم ومؤثر من أنماط المقاومة الشعبية لظاهرة تسريب الممتلكات، ولكن يجب أن يتسع هذا النمط ليشمل الأقرباء من الدرجة الأولى للمتورطين لاسيما إذا ثبت معرفتهم بهذا الجرم.
اليوم، علينا أن نستنهض كافة قوانا لوقف سياسات الإحتلال بشراء الأراضي لصالح المستوطنين. وعلى العملاء الذين يهمون ببيع أراضيهم لصالح هذه الجمعيات أن يأخذوا بعين الحسبان إمكانية تعرض أقربائهم وأصدقائهم للملاحقة القانونية والاجتماعية من جراء هذه الجريمة، اضافةً طبعاً لإمكانية الملاحقة القانوية لهم إذا تمكنوا من الهرب خارج البلاد. فالمطلوب اليوم للقضاء على هذه الظاهرة هو الردع والعقاب معاً لإنهاء هذه الظاهرة.