وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فلسطين: غابة جافة بانتظار الاشتعال

نشر بتاريخ: 26/07/2021 ( آخر تحديث: 26/07/2021 الساعة: 18:20 )
فلسطين: غابة جافة بانتظار الاشتعال





ابان فترة حكم الرئيس ترمب الذي تجاوز فيها كل الخطوط الحمراء في العلاقات الدولية وهو ما اساء كثيرا لامريكا على المسرح الدولي و اثار سخطا عاما تجاه امريكا وادارتها في حينه علق الرئيس الحالي بايدن بالقول "لا تهاجموا الادارة الامريكية " بمعنى ان المسؤول عن ذلك الخراب والذي نال الفلسطينيون منه النصيب الاكبر، ليست الاداره الامريكية وانما هو الرئيس ترمب شخصيا .
ومع ان هذا التصريح لبايدن في حينه وهو خارج الادارة جاء منسجما مع ما عرفناه عن الحاله المتردية للقدرات العقليه لترمب وخصوصا في مجال الحكم وهو ما تم الكشف عن مكنوناته في اول كتاب ذو مصداقية صدر يهذا الخصوص ، "النار والغضب" لمايكل وولف.الا ان التصريح نفسه يثير تساؤلا كبيرا لاهمية محتواه. من حيث ان الادارة هي فعلا تجسيد لارادة الشعب الامريكي كون الشعب هو الذي يقرر وبمحض ارادته وكل اربع سنوات من الذي يتزعم هذه الادارة .
الا اننا كشعب فلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني ما زلنا نعاني بل ومتضررين من السياسة الخارجية لكل الادارات الامريكية وذلك منذ ان قررت اول ادارة تولي امر ملف الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وربما يعود ذلك بالزمن الى اللحظة التي احتلت فيها اسرائيل بقية الارض الفلسطينية في سنة 1967 ، متضررين وبدون اي فارق ايجابي ملموس بين اي من رؤساء هذه الادارات سواء اكانوا جمهوريين كما ترمب وبوش وريغن او ديمقراطيين كما الرؤساء اوباما وكلينتون وكارتر ونحن ما نزال في النصف الثاني من السنة الاولى من عهد بايدن كرئيس ديمقراطي.
والسبب في ذلك هو التزام كل الادارات الامريكية في سياستها الخارجية بالمصالح على حساب القيم الانسانية الامريكية ومحورها حقوق الانسان والديمقراطية والتي هي ايضا اساس الدستور الامريكي ، اذ ما زلنا نلمس و نرى البون الشاسع ان لم يكن التناقض بعينه ما بين الاداره و الشعب من الناحية القيمية في معظم الصراعات الدولية وتحديدا الصراع الاسرائيلي الفلسطيني وهذا ما يعنينا وهو ما يثبت عدم صحة ما قاله الرئيس بايدن بهذا الخصوص الا اذا وهذه اذا كبيرة سيثبت لنا الرئيس بايدن وللعالم صحة ما قاله في السنوات الثلاث والنصف المتبقية له من فترة رئاسته لهذه الادارة وهو ما اكد عليه ايضا في حملته الانتخابية من انه سيصلح كل ما افسده سلفه وما يعنينا هنا هو الغاء صفقة القرن على اقل تقدير وبذلك لو فعل فانه سيعيد لامريكا دورها الحقيقي في حماية الحريات وحقوق الانسان وحماية الشرعية الدولية والاهم هو مبدأ حق كل الشعوب في تقرير مصيرها والذي كان احد محفزات الرئيس وودرو ويلسون في مشاركته في الحرب العالمية الاولى.
تطرقي لهذا الموضوع القديم الجديد سببه ما قاله هادي عمرو مبعوث الرئيس بايدن الى منطقتنا ووصفه للوضع الفلسطيني بانه "غابة جافة بانتظار الاشتعال". وهذا وصف دقيق وتشخيص سليم ولكن ينقصه العلاج السليم حتى لا تشتعل الغابة لانها لو اشتعلت فانها ستشعل كل ما هو حولها .
كل الغابات تجف في فصل الخريف ولكنها سرعان ما تورق وتزهر لتثمر بعد ذلك كنهاية طبيعية الا اذا كان خريفها صهيونيا كما هو حاصل في فلسطين واحتلالها المتسبب بهذا الجفاف الذي سيدوم بدوام هذا الاحتلال الذي يسرق ماء فلسطين وهوائها وللاسف بادوات امريكية وعلى راسها الفيتو الامريكي وطالما بقي هذا الاحتلال جاثما على صدر فلسطين واهلها فسيبقى الجفاف الذي لا محالة سيشتعل الا اذا اثبت الرئيس بايدن كما اسلفنا ان قرار السياسة الخارجية الامريكيه هو فعلا بيد الرئيس وليس بيد اللوبي الصهيوني في امريكا ، بلاد الحرية والديمقراطية خصوصا وان الرئيس بايدن نفسه كان قد عانى كثيرا من الجحود الصهيوني عندما كان النائب في ادارة الرئيس اوباما وعلى مدار ثمان سنوات ليليها فترة حملته الانتخابية التي عمل فيها النتن ياهو كل الممكن من اجل عدم انجاحه لصالح ترمب.
في نفس السياق نذكر المبعوث هادي عمرو ورؤسائه بان الاحتلال الاسرائيلي المستمر بسبب الدعم الامريكي يكلف الاقتصاد الوطني الفلسطيني قرابة العشرة مليار دولا سنويا وهذه اضعاف كل المساعدات الماليه الحارجية لفلسطين وذلك بسبب سيطرة هذا الاحتلال على كل مناحي الاقتصاد الوطني الفلسطيني من ماء وطاقة وتجارة وسياحة وزراعة والى اخر كل ذلك اضافة الى ما لا يمكن تثمينه بمال الا وهو ارواح الفلسطينيين وكرامتهم التي تهدر يوميا على ايدي المحتل الذي يتناقض بسلوكه اللاانساني مع اي قيمة انسانية عرفها الجنس البشري .
الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ولد مشوها من رحم منظمة الامم المتحدة وذلك في سنة 1947 وهو ما جعل منه صراع غير عادي وبالتالي ومن اجل انهاءه فهو بحاجة الى حل غير عادي وهو اما ان تفرض امريكا حلا لهذا الصراع ينسجم مع قرارات الشرعية الدولية بصفتها صاحبة الولاية على هذا الصراع وهذا ما اختارته امريكا بمحض ارادتها وبدون تكليف من احد كما اصبح معروف لدى القاصي والداني في هذا العالم او انها تلغي ولايتها هذه وتترك الامر للمنظمة الاممية لتفرض حلا بضمان الفصل الساابع بصفتها صاحبة الولاية الشرعية ليس فقط على هذا الصراع وانما على كافة الصراعات الاخرى في العالم وهذا بدون شك هو الخيار الافضل و الاصح كونه سيعيد لهذه المنظمة هيبتها التي تبخرت منذ ان ضربت اسرائيل بعرض الحائط اول قرارات الشرعية وكل القرارات الاخرى ذات الصله التي اصدرتها هذه المنظمة. علما بان المنظمة الامميه تشكلت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لمنع تكرار تلك الحرب وبنكهة وبخميرة امريكية وهذا ما اكد عليه دين اتشيسون بمذكراته وهو وزير خارجية امريكي اسبق بالقول بان ميثاق منظمة الامم المتحدة هو نسخة مكثفة عن الدستور الامريكي.
الشعب الامريكي الذي انتخب الرئيس بايدن وبسبب ولاءه لقيمه الانسانية التي نتشارك فيها معه كفلسطينيين خرج الى الشوارع في معظم الولايات الامريكية يندد بجرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين والتي كانت تنقل على الهواء مباشره في معركة القدس في شهر رمضان الاخير وهذا موقف مثمن ومقدر من قبل الكل الفلسطيني الا اننا وفي نفس الوقت نرجوا ان يكون هذا الموقف ملهما ومحفزا للرئيس بايدن وادارته من اجل اتخاذ القرار الصائب باتحاه مكافحة الجفاف الفلسطيني حتى لا يشتعل وذلك بانهاء الاحتلال الصهيوني لدولة فلسطين وليس باعانة فلسطين بمنحة مالية لتورق بسببها غابة فلسطين لبضعة اشهر فقط لتعود ثانية جافة وقابلة للاشتعال.