وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مرشحة للانهيار بأي وقت.. حكومة بينيت بين مطرقة غزة والضفة وسندان نتنياهو

نشر بتاريخ: 16/09/2021 ( آخر تحديث: 16/09/2021 الساعة: 22:49 )
مرشحة للانهيار بأي وقت.. حكومة بينيت بين مطرقة غزة والضفة وسندان نتنياهو

بيت لحم- معا- تواجه الحكومة الإسرائيلية برئاسة نفتالي بينيت، تحديات هامة في مقدمتها تداعيات عملية سجن "جلبوع" ونجاح الأسرى الستة في تحرير انفسهم التي أشعلت الاحتجاجات بالضفة الغربية، ورفعت منسوب التوتر على جبهة قطاع غزة، الذي تخشى تل أبيب أن يتدحرج نحو مواجهة عسكرية شاملة، وهو ما يتفاداه الائتلاف الحكومي الهش.

وقد انتهت اليوم المهلة التي أعطتها الفصائل لإسرائيل، لإدخال تسهيلات حقيقية يشعر فيها سكان القطاع، وبالفعل فقد استبق الاحتلال انتهاء المهلة، وسمح بدخول مواد البناء دون آلية الرقابة الماضية، بعد توقف عملية إدخال هذه المواد لعدة أشهر، وهي خطوة من شأنها أن تسهل عملية إعادة الإعمار في غزة.

ويتوقع أن يتم المحافظة على حالة الهدوء القائمة لحين دخول الوفد الأمني المصري قطاع غزة، والمفترض أن يتم مطلع الأسبوع القادم، والبحث معه في ملفات جديدة تخص التهدئة.

ووفقا للمحللين وتقديرات الموقف لمراكز الأبحاث الأمنية الإسرائيلية، فإن الحكومة برئاسة بينيت توقن بأن مواصلة المباحثات بوساطة مصرية لتحقيق تسوية مع غزة تعزز من قوة حماس بالشارع الفلسطيني، وتضعف السلطة الفلسطينية، وتنزع الشرعية عنها، وبالتالي لابد من بحث مسارات بديلة قد تكون عزلة كاملة لقطاع غزة عن إسرائيل، واستمرار الحملة ضد البنى التحتية للسلاح في غزة.

وترجح التقديرات أن تل أبيب قد تتجه نحو تغير قواعد اللعبة في التعامل مع الملف الفلسطيني، وجبهة غزة على وجه الخصوص، فسيناريو التوصل لتسوية طويلة الأمد مع حماس في غزة من شأنه أن يقوض السلطة الفلسطينية في رام الله، ويعمق أزماتها الاقتصادية والسياسية.

مسارات وسيناريوهات

يقول أوي ديكل، مدير معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن البديلان، معا أو بشكل منفصل، قد يؤديان إلى 3 مسارات وسيناريوهات، ولربما الأهم بالنسبة لإسرائيل وفقا للسيناريو والمسار الأول أن توافق حماس على فترة تهدئة طويلة وتفي بالتزاماتها، بحيث ستلزم التفاهمات إسرائيل بتخفيف الإغلاق وإصدار تصاريح لمشاريع إعادة إعمار قطاع غزة.

وقد يكون السيناريو أو المسار الثاني وفقا لتقديرات ديكل "هو الانزلاق والتدهور نحو حملة عسكرية شاملة على غزة" الأمر الذي يتطلب من الجيش الإسرائيلي المناورة على الأرض عبر اجتياح بري للقطاع، يفضي إلى الإضرار بقوة أو النجاح في نزع سلاح حماس وتجريد غزة من ترسانة فصائل المقاومة.

ويرى ديكل أنه إذا لم تكن هناك رغبة من جانب إسرائيل لتغيير قواعد اللعبة، والمخاطرة التي ينطوي عليها نهج التصعيد العسكري، فإن "السيناريو والمسار الثالث لإدارة الصراع واستمراره قد تم اختياره وفقا لقواعد الابتزاز التي تحددها حماس".

على صفيح ساخن

وخلافا للسيناريوهات التي لا تستبعد المواجهة العسكرية، يعتقد الصحافي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية يواف شطيرن، أن حركة حماس كما الحكومة الإسرائيلية غير معنية بالتصعيد لحد المواجهة العسكرية الشاملة، لأن مستقبل واستقرار حكومة بينيت، التي تفتقر للتناغم بين مكوناتها الائتلافية، يبقى رهينة لسيناريوهات حرب أو حملة عسكرية شاملة على قطاع غزة، وعليه يبدي المستوى السياسي "ليونة" بالتعاطي مع غزة، رغم التصعيد المتدرج، وفتيل التوترات المشتعل على نار هادئة.

ويوضح شطيرن أن قضية هروب الأسرى الستة من سجن "جلبوع"، وما تبعها من أحداث وتوترات في الضفة الغربية، عمق من أزمة حكومة بينيت، وأخرجها من دائرة الجمود بالتعامل مع السلطة الفلسطينية، حيث أظهرت الوقائع الميدانية حالة الغليان بالضفة، إذ امتنعت إسرائيل عن التصعيد خلال عمليات البحث ومطاردة الأسرى الذين هربوا من سجن "جلبوع".

ويرجح الصحافي الإسرائيلي أن إشعال الضفة من شأنه أن يشعل مواجهة عسكرية على عدة جبهات، وهو ما لا تريده حكومة بينيت والمستوى السياسي الذي يمتنع عن قرع طبول الحرب، وذلك رغم الجهوزية التي أعلن عنها المستوى العسكري، والتي عبر عنها رئيس هيئة أركان الجيش الاسرائيلي، آفيف كوخافي، حيث قال "الجيش مستعد لحارس الأسوار 2، وبجهوزية لمواجهة عسكرية على عدة جبهات في آن واحد".

ليونة بحدود

ولمنع إشعال الضفة والإبقاء على إدارة الصراع مع غزة، يقول شطيرن "حكومة بينيت اختارت الليونة ومنح التسهيلات لغزة رغم الرد على مجرد إطلاق بالون حارق بصواريخ وغارات حربية" مضيفا أن حكومة بينيت تتوجه نحو دعم السلطة الفلسطينية اقتصاديا وأمنيا.

وبغية أن تحافظ على استقرارها السياسي الهش، يقول شطيرن "حكومة بينيت ورغم بوادر حسن النوايا تجاه السلطة الفلسطينية، تحرص على إظهار عدم نيتها العودة لطاولة المفاوضات، مع الاكتفاء بالكف عن ابتزاز وإضعاف السلطة بهذه المرحلة لمنع انهيارها، وذلك بغية ألا تفقد السلطة برام الله السيطرة على الضفة".

وكما في الجانب الإسرائيلي، حيث تواجه حكومة بينيت تحديات داخلية وعدم استقرار مع بقاء بنيامين نتنياهو بالمشهد السياسي، يقول شطيرن "كذلك حماس لديها تحديات داخلية وإقليمية تضعها، مثل تل أبيب، أمام معضلة شن الحرب، أو تهدئة طويلة الأمد، أو الإبقاء على استمرار الصراع كما هو دون حسم".

عقبة نتنياهو

في ظل تعقيدات المشهد السياسي على جانبي الخط الأخضر وديمومة الصراع دون حسم على الجبهة، يقول المحلل السياسي، عكيفا إلدار "التوترات وسلسلة الغارات وقذائف المدفعية والبالونات الحارقة والقذائف الصاروخية والإرباك الليلي على جبهة غزة، باتت أشبه بلغة حوار بين حماس وحكومة بينيت، وتندرج في سياق المفاوضات غير المباشرة بين الجانبين بوساطة مصرية".

وردا على سؤال بشأن فرص استمرار الحكومة في ظل التوترات الأمنية والتناقضات الأيديولوجية والسياسية، يقول إلدار "ما دام نتنياهو رئيسا لحزب الليكود، ومتصدرا للمشهد السياسي في معسكر المعارضة، فإن حكومة بينيت ستتجنب المواجهة العسكرية مع الفلسطينيين، لمنع سقوطها وانهيارها، والذهاب إلى انتخابات يتصدرها نتنياهو".

ويعتقد المحلل السياسي أن حكومة بينيت رغم التناقضات، وعدم الاستقرار السياسي، وغياب التناغم بين مركباتها الائتلافية، ستبقى تقود إسرائيل، إذا ما تجاوزت أزمة التهدئة مع حماس على جبهة غزة، ونجحت بإدارة أزمة العلاقة مع السلطة الفلسطينية واستمرار تحييد نتنياهو عن المشهد السياسي.

ويشير إلدار إلى أن عملية عسكرية شاملة وتوغلا بريا بغزة قد يؤدي لسقوط حكومة بينيت بانسحاب حزب ميرتس والقائمة العربية الموحدة من الائتلاف، وبالمقابل فإن التوجه نحو تسوية سياسية مع السلطة الفلسطينية سيؤدي إلى تفكيك الحكومة ونهاية عهد بينيت.-" الجزيرة"