وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

صفعة قرن مدوّية على وجه فرنسا ..

نشر بتاريخ: 20/09/2021 ( آخر تحديث: 20/09/2021 الساعة: 13:12 )
صفعة قرن مدوّية على وجه فرنسا  ..

يبدو أنه مقدّر لمصطلح "صفقة القرن" أن يكون نحساً وشؤماً على كل اتفاق يوصف به . ونحمد الله أن الصفقة المقصودة هذه المرة لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، إنّما تعود الى العام 2016 حيث تم عقد اتفاق تجاري بين الحكومة الفرنسية ومثيلتها الاسترالية يتم بموجبه تزويد استراليا ب 12 غواصة تقليدية تقوم ببنائها شركة "نافال جروب" الفرنسية بقيمة تزيد عن خمسين مليار يورو على دفعتين . وقد وصفت السلطات الفرنسية في حينه الاتفاق بأنه "صفقة القرن" !

الصفقة باتت صفعة على وجه فرنسا لأن استراليا فسخت العقد ، وحصلت على عرض أفضل من الولايات المتحدة جعلها تراجع حساباتها وتتخلى عن الشريك الفرنسي وتدخل المظلة الامريكية..

وعلى دوي الصفعة الاسترالية / الامريكية المدوية للكبرياء الفرنسي ، استدعت باريس سفيريها في البلدين للتشاور في خطوة تعد الأولى في تاريخ التحالف الامريكي الفرنسي القديم ومؤشر لحدوث أزمة دبلوماسية عالية المستوى بين الحلفاء الكبار ..

ولكل طرف رواية ومبررات مختلفة: تدّعي استراليا أنها أبلغت فرنسا بنيتها التخلي عن الصفقة لتفاصيل تتعلق بمحدودية قدرة الغواصات الفرنسية في ظل البيئة الجيوسياسية والتهديدات التي تواجهها أمام التمدد الصيني، إضافة الى مسائل تشغيلية وفنية أخرى تخص الشركة الفرنسية ، مقابل العرض الامريكي الغير مسبوق بمشاركة تكنولوجيا نووية مع استراليا لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية . لكن من الواضح أن المسألة من الجانب الاسترالي لا تتعلق فقط بقدرات الغواصات بل بالرغبة في اللحاق بالعربة الأمريكية التي تشكل تحالفات جديدة في المياه البعيدة ضد التمدد الصيني. الاتفاق الثلاثي الامني الجديد بين واشنطن ولندن وكانيبيرا والذي حمل اسم (أوكوس/ AUKUS ) وتم الاعلان عنه من قبل الرئيس الامريكي قبل عدة أيام يعدّ تجسيداً للشراكة القادمة بين البلاد الثلاثة ـــــ بعيدا عن فرنساـــــ في مجالات الدفاع والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وكل ما يخص أمن المحيطين الهادي والهندي..

من ناحيته ، يصرّ الطرف الفرنسي المصدوم والمغدور / أمريكيًّا وأستراليًّا/ أنّه لم يبلّغ مسبقاً بفسخ عقد الاتفاق. وأن ما حدث تجاهل للدور الفرنسي وسلوك أمريكي أحادي لا يراعي مصالح الحلفاء ولا يختلف عن جنون الرئيس السابق دونالد ترامب . مما لا شك أن الخسارة الاقتصادية والمعنوية لصفقة الغواصات ضربة لسوق السلاح الفرنسي الذي يعد ثالث اكبر سوق مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا ناهيك عن فقدان مليارات الدولارات لمجال الصناعات الحربية الفرنسية خاصة مع وقع الانتقادات التي وجهتها استراليا للغواصات صنع فرنسا.

لكن ربما كانت الصفعة الأمريكية للكبرياء الفرنسي أشدّ وقعاً من نظيرتها الاسترالية، فالفرنسيون يشعرون فعلاً بطعنة في الظهر جراء الازدراء الأمريكي لهم والتجاهل المتعمد للتخطيط الثلاثي بين العواصم الأنجلوـــــ سكسونية: واشنطن ولندن وكانيبيرا.