وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

حقوق العامل واحترامه من منظور شرعي

نشر بتاريخ: 27/09/2021 ( آخر تحديث: 27/09/2021 الساعة: 20:36 )
حقوق العامل واحترامه من منظور شرعي

الدكتور سهيل الاحمد

اكد التشريع الإسلامي على المبادئ والقيم التي تنظم العمل وترفع من شأنه وتعلي من قيمته وقيمة العاملين، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحد طعاماً قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده"، وللحديث النبوي: "ما مِنْ مُسلمٍ يَغرِسُ غَرْساً، أو يَزْرَعُ زَرْعاً فيأكُلُ منه طَيْرٌ أو إنسانٌ أو بهيمةٌ، إلاَّ كان لهُ بهِ صَدَقة"، ولإقرار هذه المفاهيم وارتبط بالعمل والعمال عدة حقوق تحفظ جهد العامل وتلبي مطالبه بحيث تضمن له حياة كريمة يملؤها التقدير والشعور بالعدالة والمسؤولية، وتظهر هذه الحقوق من المنظور الشرعي من خلال أمور شكلية وأخرى موضوعية تتجلى في: الوفاء بأجرة العامل في المواعيد المحددة، ودون تأخير أو مماطلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: "أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "مطل الغنى ظلم". وفي هذا إعمال لمبدأ العدل ومنع الظلم وجعل العامل يقوم بمسؤولياته وما يطلب منه على أكمل وجه. تقرير الأجر المقدر له المتناسب مع طبيعة عمله ووفق قدر جهده المبذول، لقوله تعالى: "ولا تبخسوا الناس أشياءهم"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته، ... ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره". حيث إن انتقاص أجر العامل استغلال لجهده دون مقابل، وهو من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد نهى الله تعالى عن ذلك بقوله: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل" ألا يرهق العامل وألا يكلف فوق طاقته، لقول الله تعالى: "لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها"، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل". وفي هذا بيان أن التكليف فوق الطاقة والإرهاق لا يعمل على الزيادة في الإنتاج بل يؤثر فيه سلبًا فيوقفه أو قد يقطعه، وبالتالي جاء تحديد ساعات العمل ليكون مساعدًا للعامل على تجديد نشاطه وتوفير وقت ينظر فيه في شؤون نفسه وعياله. والتحديد مما لا يتم الواجب إلا به وهو واجب لحفظ متعلقات العامل ومنع أن يقع الضرر عليها، لاعتبار أن هذا الأمر من قبيل الوسائل التي تعبدنا الله تعالى بها كما تعبدنا بالمقاصد والغايات، و"لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها، ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غايتها؛ فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلهما مقصود". التكفل بحاجات العامل وحاجات عائلته حال حصول العجز والشيخوخة وكذلك ضمان حاجة عائلته بعد وفاته: فمن حق زوجته وأولاده من بعد وفاته إذا كانوا قاصرين أو عاجزين عن العمل ولا مال لهم أن تؤمن لهم الدولة ما يكفيهم بالمعروف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ترك مالا فلورثته ومن ترك كلا فإلينا" أي: فنحن نكفله