وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

القرية الفلسطينية تتقدم بشكل أسرع من المدينة والمخيم

نشر بتاريخ: 02/10/2021 ( آخر تحديث: 02/10/2021 الساعة: 14:36 )
القرية الفلسطينية تتقدم بشكل أسرع من المدينة والمخيم


من البديهيات ان المدن أكثر اتصالا بالحضارة والتكنولوجيا والتقدم الخدماتي مقارنة بالمدينة او المخيم. ولكن الامر يتغير بشكل لافت في السنوات الأخيرة، لا سيما بعد فترة كورونا ودوام العمل من المنزل.
في بعض دول أوروبا وفي أمريكا أيضا، صارت الشركات الكبرى التي توظف مئات الاف العاملين تفضل استمرار العمل من المنزل بعدما اتضح أن انتاج المعاملين خلال العمل من المنزل أفضل وأكثر من الإنتاج من خلال الدوام في المكاتب.
القرية الفلسطينية تتقدم حضاريا بشكل لافت. وتتوافر فيها مقومات العمل والبقاء والاستقرار دون الهجرة الداخلية للمدن. كما تتقدم نضاليا اذ تحوّلت الى واجهة الاحداث. ولم نعد نرى سيارات البث وطواقم الصحافة تهرع الى المدن لتغطية الاحداث، بل نشاهد في كل يوم سيارات البث المباشر والطواقم تهرع لتغطية أهم وأبرز الأحداث في بيتا وبيت امر وبرقين وكفر قدوم والمعصرة ومختلف القرى. وصارت محطات البث والقناوت الفضائية تبحث عن صحفيين مقيمين في القرى. لا سيّما وان اهم الاحداث وأبرزها صارت تحدث في ساعات الليل وساعات الفجر.
يضاف الى ذلك توافر الانترنت السريع، وفي حال توافرت خدمة الجيل الرابع من الانترنت فان العمل من داخل القرية يصبح أكثر سهولة ونفعية اقتصادية من السفر للمدينة، كما ان أسعار السكن وأشعار العقارات والشقق تضخّمت في المدينة بشكل غير طبيعي، وهو عامل آخر لتفضيل البقاء في الأرياف.
مواجهة المستوطنين والبقاء في القرى مهمة نضالية أيضا. وقد فقد المستوطنون والمتطرفون سهولة العيش في جبال الضفة. وفشل مخطط الاحتلال تجميع سكان الضفة في عدة مدن على شكل كانتونات محاصرة.
المجتمع الفلسطيني ورغم قوانين الاحتلال العنصرية، ورغم البطش وهدم المنازل والعدوان اليومي على السكان. نجح في إعادة توزيع نفسه ( إعادة انتشار اقتصادي واجتماعي).
وهي مسألة وقت حتى تنقل كبرى الشركات وكبرى المصانع وأجهزة الدولة، مكان اقامتها من قلب المدن الى أطراف الريف الواسع .
المخيمات محاصرة جغرافيا وامنيا، وهوامش التطور فيها عموديا وبشكل لا يصلح للاستثمار البعيد. كما ان المدن ضاقت على أهلها. ولكن القرية تعزز حضورها وتعود العائلات لتفاخر بالسكن فيها.
مع دخول السلطة كان حريا بأي مواطن أن "يهاجر" الى أريحا أو رام الله من أجل الحصول على وظيفة. أما اليوم فالسير في شوارع الضفة يوم الخميس وعودة عشرات الاف السيارات الى القرى يعكس أمامك صورة لحالة العودة الى الريف.
وفي كل قرية فلسطينية تتوفر الخدمات الأفضل جودة والأقل سعرا من باقي المدن. وعلى ما يبدو أن هذه الحالة سترافقنا في الثلاثين سنة القادمة.