وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عملية أبو شخيدم ... نوعية في القدس وفشل استخباراتي للاحتلال

نشر بتاريخ: 23/11/2021 ( آخر تحديث: 23/11/2021 الساعة: 10:36 )
عملية أبو شخيدم ... نوعية في القدس وفشل استخباراتي للاحتلال





حملت العملية البطولية، ‏التي نفذها الشيخ فادي محمود أبو شخيدم (42 عاماً) من مُخيم شعفاط - شمالي شرقي القدس، ‏في باب السلسلة في البلدة القديمة للقدس، والتي أدت إلى مقتل إسرائيلي وجرح 3 آخرين، جراح أحدهم خطرة، سلسلة من الدلالات والأهداف والرسائل، لجهة التوقيت زماناً ومكاناً وأسلوباً.
فقد قَدمَ أبو شخيدم صباح الأحد، من اتجاه البلدة القديمة، مُزوداً بسلاحه الحربي من نوع "كارلو"، ومُتنكراً بزي رجل دين يهودي "الأشكناز"، ومُرتدياً درعاً واقياً للرصاص، ولدى وصوله إلى أمام باب السلسلة، أطلق النار باتجاه جندي إسرائيلي، ودخل أحد الأزقة قبل أن يعود ويخرج للتأكد من دقة إصابته (أُعلن عن مقتله لاحقاً ويُدعى إلياهو دافيد كاي، كان يعمل في صندوق تراث حائط البراق)، ثم واصل سيره مُستئنفاً إطلاق النار على حاخام (ذُكر أنه هو الذي أعدم الطفل عمر إبراهيم أبو عصب، 16 عاماً في القدس، الأربعاء 17 الماضي).
اشتبك مع قوة من "حرس الحدود"، أصاب اثنين من أفرادها، فيما قامت القوة بإطلاق الرصاص بغزارة باتجاهه ما أدى إلى استشهاده.
استدعت سلطات الاحتلال، قوات كبيرة، عملت على الانتشار في المنطقة ورفع درجة الحذر، تحسباً لمُواجهات، وإغلاق أبواب المسجد الأقصى وإجلاء مُستوطنين كانوا داخله من جهة باب المغاربة.
يمتاز تنفيذ هذه العملية:
- أنها تُشكل فشلاً ‏لأجهزة الأمن الإسرائيلية، التي لم يكن لديها أي معلومات مُسبقة عن نية الشيخ فادي تنفيذ عملية بهذا المُستوى، على الرغم من أنها تُدرج اسمه على لائحة الخطر بالانتماء إلى "لجنة المساجد"، وكان أسيراً مُعتقلاً مرات عدة.
- أن ‏المُنفذ خطط للعملية، وحصل على سلاح "الكارلو" المُعدل فلسطينياً، وتدرب على استخدامه، واستطلع ونفذ عمليته بحرفيةٍ عالية - أي أن الشاب الفلسطيني هو من يتخذ قراره ويُخطط ويُنفذ.
- أن الأسلوب، ‏الذي نُفذ، هو بإطلاق كامل مخازن السلاح بدقةٍ وتركيزٍ، وقاتل حتى النفس الأخير، قبل أن يُستشهد.
- أن رجل الدين المُسلم، كإمام مسجد ومُدرس للتربية الدينية واللغة العربية في مدرسة الرشيدية في القدس، إختار إرتداء زي رجل ديني يهودي "الأشكناز" وإخفاء سلاحه والدرع الواقي من الرصاص، وتمكن من تجاوز جميع الحواجز ‏العسكرية والإجراءات والنقاط، التي يُقيمها الاحتلال عند مداخل البلدة القديمة في القدس وداخل أحيائها، والتي تخضع لتفتيش دقيق.
- ‏اختار المكان المُناسب في باب السلسلة، على الرغم من معرفته، أنه يُوجد فيه مركز رئيسي يتبع "حرس الحدود".
- أن الشيخ فادي، إبن الـ42 عاماً، مُتزوج ولديه عائلة - أي في سن الرجولة – وليس مثل الشباب الذين يُنفذون عمليات بين 18-30 عاماً، وبأسلوب إطلاق النار وليس الطعن أو الدهس، ما يُؤكد أن الحالة التي وصلت إليها جرائم وإعتداءات الاحتلال ضد أهله المقدسيين لا يُمكن أن يتصورها بشر، ‏وأيضاً يُتوقع أن تكون مُقدمة لسلسلة من العمليات لكُثر من طلابه، والمُشاركين بالصلاة والدروس الدينية التي يُلقيها، ومن يعتبره قدوة، نظراً إلى سُمعته وسيرته الحسنة.
- أنه قام بتسفير زوجته قبل 3 أيام إلى خارج الأراضي الفلسطينية المُحتلة.
على الرغم من همجية الاحتلال وبطشه، إلا أنه لا يُمكنه التصعيد أكثر، خشيةً من تصاعد ردود الفعل الفلسطينية، داخل القدس أو الضفة الغربية والأراضي المُحتلة مُنذ العام 1948، وصواريخ المُقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
أقدمت قوة كبيرة من قوات الاحتلال على اقتحام منزل الشهيد فادي أبو شخيدم في مُخيم شعفاط، والاعتداء على النساء والأطفال بالضرب المُبرح وإلقاء القنابل المُسيلة للدموع، والعبث بمُحتويات المنزل بحثاً عن أدلة لها علاقة بالعملية.
وأقدمت على اعتقال أفراد من عائلته، بينهم ابنته آية وشقيقه شادي، وابن شقيقه أحمد، وسلّمت شقيقه وسام بلاغاً لمُراجعة مُخابراتها في مركز تحقيق المسكوبية.
كما قامت باعتقال ابن الشهيد، فادي (8 سنوات).
كذلك، اقتحمت قوات الاحتلال مدرسة الرشيدية في القدس المُحتلة، حيث يعمل مُنفذ العملية مُدرّساً، واعتقلت شاباً من أمام مبنى المدرسة.
وأمس عادت زوجة الشهيد أبو شخيدم، من الأردن عبر معبر "جسر اللنبي"، حيث أقدمت قوات الاحتلال على اعتقالها للتحقيق معها في غرف أربعة في مركز تحقيق المسكوبية.
في مُوازاة ذلك، شهد مُخيم شعفاط مسيرات حاشدة، توجهت إلى منزل الشهيد، مُرددين شعارات داعمة للعملية، ورافضة لجرائم الاحتلال ومُباركة استشهاده.
هذا في وقت اندلعت فيه مُواجهات بين الشبان الفلسطينيين والمُستوطنين بحماية قوات الاحتلال في البلدة القديمة ومُخيم شعفاط وبلدة سلوان وعددٍ من المناطق.
وأقدمت قوات الاحتلال على الاعتداء على مُحافظ القدس عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" عدنان غيث وأفراد أسرته في مدينة القدس.
إلى ذلك، هدد وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس من أن جيش الاحتلال "سيعمل على خفض رأس "الإرهاب" في أي مكان في كافة الوسائل وعلى كل الجبهات".
من جهتها، حمّلت السلطة الفلسطينية "الحكومة الإسرائيلية، المسؤولية الكاملة عن حالة الاحتقان في مدينة القدس، جرّاء التضييق على حياة المقدسيين والاقتحامات المُتكررة للمسجد الأقصى".
فيما، نعت حركة "حماس" الشهيد فادي أبو شخيدم، مُشيرةً إلى أنه "أمضى حياته في القدس بين دعوة وجهاد"، مُؤكدةً "أن رسالة العملية البطولية، تحمل التحذير للعدو المُجرم، وحكومته بوقف الاعتداءات على أرضنا ومُقدّساتنا، وأن حالة التغول، التي تُمارسها ضد المسجد الأقصى وسلوان والشيخ جراح وغيرها، ستدفع ثمنها".