وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

يحيى السنوار بين الأسوار والنار

نشر بتاريخ: 07/05/2022 ( آخر تحديث: 07/05/2022 الساعة: 22:46 )
يحيى السنوار بين الأسوار والنار



غاب عاماً تقريباً عن الظهور الإعلامي. منذ انتهاء معركة سيف القدس وسيره أمام الكاميرات متحدياً الطائرات الإسرائيلية، والقاء التهديدات وتثبيت المعادلات، عاد ليطرح من جديد تحديات جديدة. يتضح من خطابات يحيى السنوار، أنه انفعالي أكثر مما يجب. وعلى الرغم من دراسته اللغة العربية وتلقائيته في اجادة الخطابة مع رفع الصوت وتجويده كما يجب لإيصال الرسائل، إلا أن مصطلحاته أقرب إلى عامة الشعب، وهذا ما يجعله مقرباً من غالبية الناس بمختلف انتماءاتها. لكن الانفعال واستخدام العواطف لهما سلبيات كثيرة منها عدم التيقن من تنفيذ الوعود؛ مثلاً حين قال إنه "سيفك رقبة" من يقف في وجه المصالحة الفلسطينية، ماذا حصل؟ لا شيء. وحين وعد بكسر الحصار عن غزة مع نهاية العام الماضي، ماذا حدث؟ لا شيء. وكذلك حين تحدث عن تحرير الأسرى تعرقلت المفاوضات، ولم يتحرر أحد حتى الاَن. أما حين تحدث عن الرقم 1111 قبل عام، في سياق كلامه عن الأسرى، أو هكذا فهم الجميع، كشف أنه يرمز الى عدد الصواريخ المفترض إطلاقها في المعركة المقبلة في الرشقة الأولى، واعتبرها هدية لروح الشهيد ياسر عرفات. وبعيداً عن الكناية للرقم ورمزيته، هل ستتمكن المقاومة من إطلاق هذا العدد فعلاً؟ ماذا لو لأسباب تقنية ولوجيستية لم تكن الرشقة مكتملة بهذا العدد؟ هنا ستكون مصداقية القائد على المحك. ولذلك، لا بد من التفرقة بين الخطاب العاطفي النفسي وبين الواقع أو قدرة التنفيذ. ومعروف أن الخطاب العاطفي يجذب الجمهور في بادئ الامر، ولكن حين يُجري مقارنة بسيطة مع مرور الوقت ربما يفقد القائد الثقة بينه وبين جمهوره.
مما لا شك فيه أن أبا إبراهيم، من الشخصيات المفقودة على الساحة الفلسطينية منذ عقد وأكثر. فهو يجمع البساطة مع القوة والتواضع مع الكبرياء، وهذا يعطيه شعبية داخلية وخشية إسرائيلية. ونحن كشعب فلسطيني نحتاج إلى من يرفع معنوياتنا دائماً كالسنوار، ويعيد تثبيت بعض المفاهيم كمسألة الوحدة الوطنية وربما هذا ما اكتسبه من الأسر. فهناك في الزنازين التقى وناقش وتعرف على أفكار فصائلية متنوعة ما شجعه على الانفتاح والتواصل والتمسك بقيم الشراكة. أما ما يحتاجه وربما يكتسبه مع الوقت، فهو حساب كلماته بميزان المصلحة العامة، مثلاً كلامه عن الهجوم على دور العبادة اليهودية في العالم له تبعات سلبية على قضيتنا أهمها وقوف العالم الغربي المسيحي حيث تتواجد الكُنس ضد المسلمين والعرب هناك مما يضر بهم. كذلك حديثه عن رفض فلسطينيي 1948 المشاركة في انتخابات الكنيست فهذا يؤدي الى مشكلة رئيسة مع جزء من شعبنا. ربما هو يحتاج إلى مستشارين بالسياسة والقانون والاعلام قبل خطاباته، كي لا تكون مصطلحاته حجة عليه داخلياً وخارجياً.
تبرز شخصية السنوار، بانفعالاتها وتحركاتها حاجة الفلسطينيين الى قائد يشبههم. فقصف مكتبه ومحاولة اغتياله في الجولة الأخيرة والتهديد بقتله حالياً تضعه مع عموم الشعب. فهو الاَن بين أسوار غزة مهدد مثلهم، لكن الفرق أن كرة النار بيده يمكن رميها لتكون دائرة النار ليس في فلسطين فقط.