وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

غارديان: شيرين أبو عاقلة كانت رمزا شجاعا جسد معنى أن تكون فلسطينيا

نشر بتاريخ: 19/05/2022 ( آخر تحديث: 19/05/2022 الساعة: 20:59 )
غارديان: شيرين أبو عاقلة كانت رمزا شجاعا جسد معنى أن تكون فلسطينيا

واشنطن- معا- نشرت صحيفة "غارديان" (The Guardian) البريطانية مقالا تناول مقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة جاء فيه أن الراحلة جسدت معاناة الفلسطينيين وكانت رمزا يذكر العالم بوجودهم وشريان حياة للفلسطينيين في المهجر.

وذكر المقال -الذي أعدته الصحفية الأميركية من أصل فلسطيني أروى المهداوي، وهي معلقة في الغارديان- أن أبو عاقلة لم تكن مجرد صحفية، وأن كلمة "أيقونة" لا تفيها حقها، فقد كانت الصحفية التي توثّق التشريد، وكانت صوت الفلسطينيين ورمزا لفلسطين.

واستهلت المهداوي مقالها -الذي نشرته الصحيفة بعوان "حتى تدرك لماذا كان مقتل شيرين أبو عاقله حدثا مدمرا للغاية، عليك أن تعرف ماذا يعني أن تكون فلسطينيًا"- بالحديث عن معاناتها وغيرها من الفلسطينيين، خاصة في المهجر، بسبب التشكيك في وجود فلسطين والنظر للفلسطينيين بريبة.

وقالت إن المواطن "الفلسطيني يقال له باستمرار إنه يظن أنه موجود، لكنه غير موجود. وأنا فلسطينية وقد كنت من قبل أقول إنني: نصف فلسطينية من خلال والدي. ولكنني اليوم أرفض شطر نفسي إلى نصفين، وقد قيل لي ذلك مرات عديدة".

وأضافت أن أفضل مثال على ذلك هو أن أحد زملائها عندما سمع أنها فلسطينية خاطبها بالقول "من الناحية اللغوية، لا يوجد شيء اسمه فلسطيني، ولا شيء اسمه فلسطين".

وفي إشارة إلى تعامل الإعلام الغربي والعالم الغربي مع قضايا فلسطين والفلسطينيين، تقول المهداوي إن "الفلسطينيين لا يُعترف بوجودهم إلا إذا كانوا متشددين أو مسلحين، عندئذٍ لا أحد يجادل في وجودنا، ولا أحد يجادل في طبيعتنا الوحشية والإرهابية. ولا جدال في وجودنا عندما نكون هدفا للشجب، فنحن موجودون عندما نكون محلا للنقد، ولكن وجودنا يصبح عدمًا عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان".

وتضيف المهداوي "هناك رواية سردية لما يجري تقول إنه لا يوجد سلام في إسرائيل/فلسطين؛ لأن الفلسطينيين إرهابيون لا يريدون السلام. ولكن لا يوجد أيضا سلام لأن الفلسطينيين أمر خيالي وفلسطين فكرة مختلقة. فنحن إذا موجودون وغير موجودين، وهو أمر معقد".

شيرين الرمز والهوية

وقالت الكاتبة -الأميركية من أصل فلسطيني- إنها تسوق تلك الأمثلة لأنه من الصعب فهم مدى فداحة حادث مقتل شيرين أبو عاقلة ولماذا هز الفلسطينيين حتى النخاع من دون إدراك معنى أن تكون فلسطينيا.

واستفاضت في شرح التحديات التي تواجه الفلسطينيين في الشتات، مشيرة إلى أن معنى أن تكون فلسطينيا هو أن تتعرض للتشكيك في صلاحية وجودك يوميا وأن يتم محوك وتجاوزك وتشويهك.

وأضافت "بالنسبة للفلسطينيين في المهجر -مثلي- أن تكون فلسطينيا يعني أن تتعود على النظر إليك بريبة لمجرد إجابتك على سؤال: من أين أنت؟ وعلى سبيل المثال، عندما انتقلت عائلتي إلى نيويورك وأنا صغيرة، سمع شخص في مجلس إدارة العمارة والدي يقول إنه فلسطيني، فرد مازحا بأن عليه ألا يعقد اجتماعات إرهابية في شقته. وعندما بدأت دراسة القانون في لندن تعرضت للعديد من التنكيت حول الانتحاريين. فقد بات التعصب المعادي للفلسطينيين عاديا ومنتشرا لدرجة جعلتني أخاف من ذكر هويتي الفلسطينية عندما يسألني أي غرباء عن بلدي".

وترى المهداوي أن شيرين أبو عاقلة كانت تجسيدا للشجاعة ومعاناة الفسلطينيين ولم تكن لديها تلك الهواجس، وكانت اللازمة التي تختم بها تقاريرها "أنا شيرين أبو عاقلة، القدس، فلسطين المحتلة" واضحة لا تحمل خلطا في الكلام ولا اعتذارا عن الوجود والهوية، بل الحقيقة فحسب.

لذلك، كان وجود شيرين "تذكيرا للعالم بأن الفلسطينيين ليسوا مفهوما فلسفيا مجردا يجعل وجودهم محل نقاش، بل هم بشر يستحقون العيش بكرامة. وبالنسبة لفلسطينيي الشتات، كانت أبو عاقلة شريان حياة، وقد رحلت الآن".

وأشارت إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تكتف بقتل أبو عاقلة، بل دنست جنازتها، حيث أقدمت الشرطة الإسرائيلية على مهاجمة جنازتها وضربت الجموع التي كانت تشيعها وحاولت نزع العلم الفلسطيني من فوق نعشها. كما أساء العديد من الصحفيين لذكراها عندما نقلوا خبر وفاتها من خلال الحديث عن مقتلها خلال "مواجهات" مزعومة، مانحين بذلك المصداقية لرواية السلطات الإسرائيلية المتغيرة التي اعتبروها أفضل من رواية شهود العيان.

وفي الختام قالت المهداوي إنها رأت أن "أفضل طريقة لتشريف ذكرى شيرين أبو عاقلة هي أن أطلب منكم التفكير بهذا الأمر: إذا كان العنف الذي حدث في أثناء تشييع جنازة فلسطينية محبوبة قد ارتكب في وقت تدرك فيه الحكومة الإسرائيلية أن العالم كله يراقبها، فماذا يحدث للفلسطينيين العاديين في بقية الأوقات؟ فالعنف الذي وثقته وسائل الإعلام خلال تشييع جنازة أبو عاقلة لم يكن تصرفا شاذا، بل كان مجرد يوم آخر تحت الاحتلال".

المصدر : غارديان