وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الإخوان المسلمون يتراجعون في العالم العربي ويتقدمون في فلسطين .. الأسباب والمآلات

نشر بتاريخ: 03/07/2022 ( آخر تحديث: 03/07/2022 الساعة: 19:18 )
الإخوان المسلمون يتراجعون في العالم العربي ويتقدمون في فلسطين .. الأسباب والمآلات

المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

لحق النظام السياسي التونسي في علاقته بجماعة الإخوان المسلمين قبل عدة أيام بغيره من الدول العربية، حيث وجه القضاء التونسي يوم الثلاثاء الموافق 28/6/2022، تهمة الإرهاب لعشرات من قيادة حركة النهضة ومن بينهم السيد راشد الغنوشي زعيم الحركة ورئيس مجلس نواب الشعب وأحد مفكري الحركة الإسلامية المحدثين، الأمر الذي سيكون له تداعيات سلبية ليس على مكانة قوى الإسلام السياسي في النظام السياسي التونسي وحسب، بل على مكانة الإسلام السياسي في العالم العربي برمته في هذه اللحظة من الزمن التي يعاد فيها بناء النظامين العالمي والإقليمي.

وكانت الحكومة المصرية قد أخرجت حركة الإخوان في مصر عن القانون وصنفتها كحركة إرهابية العام 2013، واعتقلت معظم قيادتها بما فيهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، والرئيس محمد مرسي الذي فاز بالرئاسة عبر صناديق الإقتراع العام 2012، بعد سقوط نظام الرئيس محمد حسني مبارك على إثر ما أطلق عليه في حينه الربيع العربي الذي إجتاح معظم الدول العربية.

وفي السياق ذاته كانت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات قد صنفتا جماعة الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية العام 2014، أما في المغرب فقد أُسقطت جماعة الإخوان وأبعدت عن الحكم بذات الطريقة التي أوصلتهم للحكم أي عبر صناديق الإقتراع خلال الإنتخابات التي جرت العام الماضي 2021، إذ لم يمنحهم الشعب المغربي ثقته وحصلوا على 12 مقعد من مقاعد البرلمان فاقدة بذلك 113 مقعد مقارنة بعدد المقاعد التي حصلت عليها في الإنتخابات البرلمانية التي جرت العام 2016.

اللافت هنا أنه فيما تشهد الجماعة تراجعاً في العالم العربي نتيجة لفشلها وفقاً لرأي كثير من المراقبين في تلبية تطلعات وإحتياجات المواطنين الذين أملوا أن تكون البديل عن القوى والأحزاب التي هيمنت على الحكم والنظام السياسي العربي منذ خمسينات القرن الماضي، إلا أنها في فلسطين تشهد تقدم، أو على الأقل لا تشهد تراجع كما هو الحال في العالم العربي، وذلك وفقاً لنتائج الإنتخابات الطلابية والمحلية التي جرت في المناطق الفلسطينية، ووفقاً لنتائج إستطلاعات الرأي المتواترة التي نفذت من قبل مراكز إستطلااع الرأي الفلسطينية المتخصصة، والتي كان آخرها استطلاع الراي رقم (84) الذي يغطي الربع الثاني من العام الجاري الذي ينفذه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ونشر نتائجه الأولية بتاريخ 28/6/2022.

ويلاحظ هنا أن تقدم النسخة الفلسطينية (حماس) للإخوان، يتم دون أن تتخلص الأولى من عيوب الثانية، التي يلخصها المتخصصون في قوى الإسلام السياسي "بأن الإخوان يغيب عنهم الوعي السياسي وممارسة السياسة على أصولها ويخلطون الأيدلوجي – الدعوي بالسياسي، ويضيف أخرون من المراقبين أن مناهج التربية الداخلية التي يعتمدها الإخوان ولا زالت تطبقها حماس قد ربت أجيال على مدى عقود على مبدأ إقتحام السلطة وليس على مبدأ مشاركة الآخرين، حيث ثبت بالدليل القاطع وفقاً لواقع الحال في كل من فلسطين وتونس أن هذه المناهج التربوية لا يمكنها أبدا أن تنتج بمجتمعات مستقرة إجتماعياً، ولا يمكنها كذلك أن تنتج نظم سياسية مستقرة ولا يمكنها تمكين الحكومات من الإستجابة لإحتياجات الناس الأساسية.

وكان السيد غازي حمد أحد قيادات حماس وأبرز كتابها قد أكد في مقال له نشر بتاريخ 7/9/2017، أن حماس لم تتخلص من هذه العيوب رغم بلوغها الثلاثين من عمرها لحظة كتابة المقال، حيث قال في مقالته أن حماس لم تنجح في قيادة المشروع الوطني، ولم تقدم بديل سياسي لمشروع أوسلو، كما أنها لم تقدم نموذج جيد في الحكم، والأهم أنها فشلت في تطوير ونقل بنيتها الفكرية وسلوكها السياسي والمجتمعي من الإطار التنظيمي المحدود الى الإطار الوطني الأوسع.

وتأسيساً على ذلك فما هي أسباب تقدم حماس فيما يتراجع الإخوان في المنطقة؟

وأجادل هنا أن هناك أسباب كثيرة قد يكون من أبرزها ثلاثة أسباب، الأول يتعلق بالمقاومة، ومدى تعطش الشعب الفلسطيني المنكوب والمظلوم لتذوق طعم النصر، لا سيما بعد أن بات فشل التسوية السياسية حقيقة، الأمر الذي تجلى أيما تجلي في معركة القدس وسيفها، ويتعلق الثاني بحق الفلسطينيين بكل فلسطين وليس بجزء منها، الأمر الذي تحافظ عليه حماس في برامجها وأدبياتها، أما الثالت فيتعلق بضعف وتراجع حركة فتح وفي فشلها في تقديم نموذج حكم جاذب للشعب الفلسطيني.

أما عن المآلات فهي يقيناً غير سارة للشعب الفلسطيني، إذ يبدو أن هذا التقدم تحركه العواطف والمشاعر أكثر من الفكر والعقل، لا سيما وأن النموذج الفلسطيني للإخوان (حماس) لم تجري المراجعات المطلوبة وتعالج العيوب التي أشار اليها حمد في مقالته، والأهم أنها لا زالت تخرج أجيالا لا يرون في الأخر الفلسطيني شريك في المغرم والمغنم، الأمر الذي يفرض على كل من حركتي فتح وحماس إجراء المراجعات المطلوبة، خاصة وأن أربعة أشخاص تقريباً من بين كل عشرة أشخاص من الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، يقولون وفقاً لنتائج الإستطلاع الأخير للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية أن كل من فتح وحماس غير جديرتين بقيادة الشعب الفلسطيني.