وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مؤسساتنا ما بين التحوط …والمراهقة الإدارية !!.

نشر بتاريخ: 04/07/2022 ( آخر تحديث: 04/07/2022 الساعة: 21:58 )
مؤسساتنا ما بين التحوط …والمراهقة الإدارية !!.

مهند أبو شمّة

التحوط –كمصطلح- أداة من أدوات إدارة المخاطر في المؤسسات، دون اقتصار الأمر بطبيعة الحال على المخاطر في الأمور المالية فحسب، إذ تطور المفهوم ليطال أدوات درء المخاطر في المؤسسات؛ في كافة جوانبها؛ إدارية وفنية، وأيضا المخاطر المترتبة على اختيار وتوظيف المورد البشري، أو ترقيته،أو تدويره، أو حتى إنهاء التعاقد معه.

في حين تقترن " المراهقة" اصطلاحاُ ومفهوماً، بمرحلة مقتبل العمر وما قبل مرحلة الشباب، ومن أهم ملامحها وصفاتها تصرفات غير عادية، وتعصب للرأي، وعدم اتزان، ورؤية المشهد من زاوية واحدة، وعدم الأخذ برأي الآخرين، وحب المجازفة، والغرور، وعدم الاكتراث بما قد يلحق بالأخرين من أذى، عدا عن تضخم الأنا والنرجسية، وحبّ التمجيد والتعظيم، ووضع الثقة في غير محلها.

في العادة؛ تستشري المراهقة لتقود بصاحبها للانزلاق في مربع البطش، ولعل أخطر أنواع المراهقة ما يُعرف بالمراهقة المتأخرة، التي تأتي عادة في مرحلة عمرية متقدمة يشعر معها الشخص بأن منحى قوته بدأ يتراجع ووسامته بدأ يخفت وميضها، لتبدأ حينها أفعاله غير المتزنة؛ ومن مظاهرها محاولات إعادة عجلة التاريخ للوراء، والإقدام على المغامرة، وقد يصحب هذه الفترة؛ تقرّب من الجنس الأخر بشكل غير عادي، وميول نحو من يشبعون غريزة النرجسية، ليتم الدخول هنا في فترة " طيش متأخرة"- إن جاز الوصف .

كان لا بد من هذا التمهيد لإيجاد مقاربة بين سلوكين إداري واجتماعي، لنصل إلى تعميم مفاده أن حال المراهقة الإدارية في مؤسساتنا لا يختلف عن حال المراهقة المتأخرة، إذ يمر في هذه الحالة-عادة- بعض المسؤولين؛ ليكون نتاج ذلك مظاهر، منها: تقييد عمل المؤسسة في نمط خبراته وحدود معرفته فقط وكأنها الأُنموذج الأمثل، ليكون تأثير المراهقة المتأخرة كبيراً على المؤسسة خاصة في حال كان المراهق يشغل منصباً ذا أهمية فيها، ليعكس نفسه على أداء الأفراد والمؤسسة، وحينها تغدو المؤسسة أسيرة لمراهقته المتأخرة، فالمراهقة الإدارية في الغالب انعكاس لمراهقة شخصية متأخرة، وهنا وجب الانتباه، والتدخل دون خجل أو وجل لوقف تأثر المنظومة الإدارية والمؤسساتية بأنماط المراهقين"الإداريين"، مع التنبه إلى أن هذه الحالات قد تكون قليلة، لكن أثرها وانعكاسها على المؤسسة قد يكون تدميريا، بل هو تدميري بالفعل .

اليوم..بات النمط التحوطي في إدارة المؤسسات يقتضي وجود متابعة لسلوك الموارد البشرية على فترات مختلفة، وخلال إشغال العاملين فيها لمواقعهم الوظيفية المتعددة، ورصد انحرافاتهم عن رشاقة ورشاد في اتخاذ القرارات، وبما يضمن وجود تدخل في الوقت المناسب تحرّزا لانحراف الموسسة نحو نزوات ورغبات المراهقين الإداريين، أو تضارب مصالح مستقبلي،وعادة ما تلجأ المؤسسات الكبيرة لتحييد من تظهر عليهم علامات المراهقة الإدارية المتأخرة عن المواقع التنفيذية، أو القيادية، أو عن مواقع اتخاذ القرار، لتعمد إلى أن توكل لهم وظائف ثانوية أو مواقع استشارية، من باب حماية المؤسسة والمنظومة من تصرفات مراهِقة، وغير مدروسة قد تعصف بالمؤسسة، وفي بعض الأحيان؛ تلجأ المؤسسات لتقديم عروض مالية ومميزات لهؤلاء الأشخاص مقابل مغادرتهم المؤسسة مبكراً من خلال ما يُسمى " Exit Package “, بموجب عرض بأن يتقاضى الموظف راتبه لمدة طويلة، دون أن يكون على رأس عمله في المؤسسة نفسها، وفي ذلك حفظ لكرامة الموظف، وحفاظ على المؤسسة، فالتعويض المالي -إجمالا- أقل تكلفة على المؤسسة من تلك التكلفة التي قد تتكبدها المؤسسة نتيجة وجود هذه الفئة .

التساؤل إذن: هل سنشهد نهجا في مؤسسات الدولة للحفاظ عليها من المراهقين الإداريين، بحيث يتم تقديم عروض محفزة لهم للتقاعد المبكر؟؟ وهل ستكون هناك مقارنة بين جدوى الاستثمار في الموارد البشرية الشابة، وبين الاحتفاظ بموارد بشرية متهالكة؟

ملخص القول: الرشاد والرشاقة في القيادة واتخاذ القرار لا تتوافر عند العموم، هناك طاقات متجددة ومتفتحة رغم تقدم العمر ويشكّل وجودهم إضافة نوعية وقيمة مضافة للمؤسسة، لكن في المقابل؛ هناك من يشكلون عبئاً ليس بالهيّن على المؤسسة لمجرد وجودهم فقط !!.